“بسبب عدم وجود مدارس في الريف لم استطع أن اكمل الدراسة، شعور العجز كبير”
هذا ما اخبرنا عنه زوجها احمد، مالم تسطع أن تخبرنا به عائشة كونها صماء وبكماء
المعانة والتنمر
في ريف من أرياف المدينة، محافظه اب، وهبت لأسرة جباري الطفلة (عائشة) من مواليد 1993، تخبرنا عائشة أنه منذ أن كان عمرها 3 أعوام أصيبت بـ(الحمى الشوكية)، مما اضطر والدها إلى نقلها إلى مرفق حكومي يفتقر إلى الأجهزة الطبية المتطورة والأطباء المختصين تلقت عائشة علاجًا غير مناسب، ومن هنا كانت بداية المعاناة التي ابتدأت رحلتها مع عائشة الطفلة التي كانت لا تعاني من أي مشكلة صحية ولا نفسية؛ تسبب لها العلاج بشلل كُلي أي إنها فقدت القدرة على السيطرة على تحركات جسمها وبعض حواسها، استمر علاجها من الشلل (سنتان) وبعد محاولات بائسة، بدأت عائشة تستعيد عافيتها من الشلل، لم يدم هذا الخبر المفرح طويلاً، وبعد فترة من العلاج المكثف، صرح الطبيب المختص بأن عائشة ستكمل حياتها دون القدرة على التحدث وإنها أيضا فقدت حاسة السمع أي إنها ستعيش حياتها صماء وبكماء، بإبتسامة تملؤها الأمل، تعكس عائشة السلام النفسي الذي تتمتع به وفخرها بنفسها وبعائلتها الذين وقفوا بجانبها وشجعوها على تجاوز كل الأزمات، عاشت عائشة بلغة الإشارة التي أصبحت محور حياتها ووسيلة تواصلها مع من حولها.
ad
مقالات ذات صلة
عاجل.. بدء صرف مرتبات منتسبي وزارة الداخلية لشهر نوفمبر 2023م
إعلان سار من عُمان يبشر اليمنيين بهذا الأمر
رحلة التعليم
التحقت عائشة بالمدرسة القريبة من منزلها في الريف، جهزت والدتها حقيبتها المدرسية ومستلزمات الدراسة، حيث كانت تتابعها مع والدها بترقب، ينتظران متى ستكتب عائشة أول كلمة، سواء كانت “ماما” أو “بابا”، أو حتى اسمها الذي لم تتمكن من سماعه منذ طفولتها
يقول زوجها أحمد لموقع كريتر سكاي: “كان تعليمها في المدرسة تحديًا كبيرًا، حيث كانت الطفلة الوحيدة التي لا تستطيع الكلام، تعرضت عائشة للتنمر من زميلاتها بسبب إعاقتها، وكان اعتقادهن أنها لا تفهم، لكن لم يكن لديهن علم بأنها تستطيع فهم كل ما يتحدثن عنه، إذ منحها الله القدرة على البصر”
انتقلت عائشة مع عائلتها إلى المدينة، حيث التحقت بمدرسة خاصة بالصم والبكم في سن الثانية عشرة، تُعبر عائشة من خلال زوجها أحمد الذي يقوم بترجمة لغة الإشارة، قائلة: “عندما بدأت أذهب إلى المدرسة، شعرت أن هناك شيئًا يستحق العيش من أجله، بدأت أنظر إلى الحياة من الجانب المشرق، وعاهدت نفسي ألا أسمح لإعاقتي بأن تعيق أحلامي”
ويضيف أحمد: “عائشة دائمًا تؤكد على أهمية الأمل والإيجابية، وهذا الإصرار ساعدها في مواجهة كل التحديات التي مرت بها”
الإصرار يولد النجاح
اصرت عائشة على التعليم وأكملت دراستها الثانوية بنجاح وأمل أكبر، لم تتوقف هنا؛ بل التحقت بالجامعة وأكملت تعلميها في قسم (برمجيات الحاسوب)، بإصرارها وعزيمتها المتفانية حصلت على الترتيب الأول، تغلبت عائشة على إعاتقها، وعبرت عن مشاعرها “هي فرصة، الّي يتذوق طعم النجاح عمره ما يتوقف ”
تزوجت عائشة من معلمها في الجامعة (أحمد الأكحلي) الذي آمن بقدراتها ودهش من حجم الأحلام التي تحملها، لم يكن إعجابه بها مقتصرًا على ذلك فقط، بل كان يُقدّر أيضًا قوتها وإصرارها للوصول إلى هذه المرحلة من حياتها.
كان أحمد كأقرب شخص إليها، يفهم لغة الإشارة بطلاقة، مما سهّل عليهما التواصل بفعالية وعُمق، هذا الفهم والدعم المتبادل ساعدهما على بناء أسرة متماسكة، حيث بدأوا معًا في تحقيق النجاح تلو النجاح، وتحقيق أحلام عائشة التي كانت دائمًا تتطلع إليها
أحلام محققة
شاركت جباري في عدة مؤتمرات في محافظة تعز وخارج محافظة تعز بتمثيلها عن فئة الصم والبكم وبرامج تنموية ومشاريع خاصة بهذه الفئة، استمرت بالنجاح وعبرت لموقع كريتر سكاي”أصبحت اجتاز العوائق دون النظر إلى إعاقتي وأمنت بأن العجز ليس بالبدن والحواس وانما في العقل”
استمرت عائشة في رحلة الشغف والنجاح، حيث أسست مبادرة وئام الشبابية التي تركز على فئة الصم والبكم في محافظة تعز، والتي تضم حوالي 3000 شخص، من خلال هذه المبادرة تمكنت عائشة من التعبير عن احتياجاتهم في المجتمع ودعمهم في تحقيق أهدافهم.
تُعتبر عائشة أول مدربة من الصم في محافظة تعز، متخصصة في الحوكمة والمساءلة المجتمعية، كما تسعى حاليًا لإنشاء منظمة مخصصة لدعم هذه الفئة، لتكون من المؤثرين والقادة في المجتمع
شارك هذا الموضوع:
Tweet
المزيد
Telegram
معجب بهذه:
إعجاب
تحميل...
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news