مع سيطرة جماعة الحوثي المدعومة من إيران على العاصمة صنعاء ووضعها تحت الوصاية الايرانية وفصلها عن الدولة اليمنية والحاضنة العربية، وفرض سطوتهم على مقدرات الجيش ومعسكراته ومخازن السلاح، تم توقيع "اتفاق السلم والشراكة" في 21سبتمبر2014، برعاية الرئيس الأسبق عبدربه منصور هادي.
الاتفاق أفضى إلى تشكيل حكومة جديدة في 13 أكتوبر 2014، بمشاركة الحوثيين والحراك الجنوبي، رأسها خالد محفوظ بحاح (حضرموت) وتم تعيين اللواء ركن محمود أحمد سالم الصبيحي وزيرا للدفاع خلفا للواء محمد ناصر أحمد.
كان الصبيحي سادس وزير دفاع يمني، وخامس ضابط جنوبي يشغل هذا المنصب، وكانت حقيبة الدفاع كواحدة من الوزارات السيادية من حصة هادي والجنوب، مقابل ذهاب الداخلية للشمال وتعيين عبدالقادر قحطان (تعز) على رأسها.
الصبيحي، من مواليد 48م، وينحدر من منطقة المضاربة محافظة لحج الجنوبية. تخرج من الكلية العسكرية- عدن عام 76م، بشهادة بكالوريوس علوم عسكرية.
حاصل على ماجستير علوم عسكرية من أكاديمية فرونزي بالاتحاد السوفيتي 82م، وشهادة دورة قيادة وأركان من نفس الأكاديمية السوفياتية عام 88م.
وهو من قادة الحزب الاشتراكي سابقا، والمؤتمر الشعبي العام لاحقا.
شغل عددا من المناصب العسكرية في الشطر الجنوبي قبل إعادة الوحدة، من بينها قائد الكلية العسكرية في عدن 88-90م.
في أقصى يسار الصورة، الصبيحي مع علي سالم البيض في عدن قبل الوحدة
عين بعد تحقيق الوحدة في منصب نائب مدير الكلية الحربية 90- 93م، وهي الكلية الجديدة التي تم فيها دمج الكليتين، العسكرية في عدن، والحربية في صنعاء.
وكان أحد القيادات التي انضمت إلى علي سالم البيض عام الذي أعلن الانفصال في عدن 94م، وشارك في القتال مع قوات البيض، ثم كان أحد القيادات التي فرت إلى خارج البلاد.
بعد قرابة 15 عاما من الإقامة في الخارج عاد إلى البلاد عام 2019، وتم ترقيته لرتبة اللواء عام 2010.
وتم تعيينه عام 2011 قائدا لمحور العند- لحج. وعينه الرئيس هادي في ابريل 2013 قائدا للمنطقة العسكرية الرابعة، ومقرها في عدن، ضمن أكبر قرارات رئاسية أصدرها هادي لإعادة هيكلة القوات المسلحة اليمنية ووزارة الدفاع.
حكومة بحاح، وهي الحادية عشرة يجري تشكيلها منذ عام 90م كحكومة كاملة، فقد تخلل تلك المدة تعديلات وزارية وإقالة حكومات وتشكيل حكومات تصريف أعمال، لم تتهيأ لها الظروف لممارسة مهامها عمليا كحكومة، إذ كانت العاصمة ومؤسسات الدولة تحت سيطرة الحوثيين وحليفهم صالح حينها الذين فرضوا نفوذهم بقوة السلاح.
كان الحوثيون قد رفضوا التوقيع على الملحق الأمني لاتفاق السلم الذي تضمن على صيغة جديدة لإعادة تطبيع الأوضاع عسكريا وأمنيا وتشكيل لجنة مشتركة لوقف أعمال القتال، وانصرفوا لنشر عناصرهم ومقاتليهم "اللجان الشعبية" في أحياء العاصمة والمقرات الحكومية وفي المدن والطرق العامة وإحلالها بدلا عن قوات الجيش والأمن.
التعاون مع الحوثيين
بعد نحو أربعة أشهر من تشكيلها، وتدحرج الأحداث وتفاقم التوترات اضطرت حكومة بحاح لإعلان استقالتها في 22 يناير 2015، بعد احتجاز الحوثيين لقيادة الدولة وقيامهم بوضع الرئيس هادي والوزراء تحت الإقامة الجبرية.
ظهر الوزير الصبيحي مشاركاً في فعالية إعلان الحوثيين ما يسمى "الاعلان الدستوري"، 6 فبراير 2015، الذي قضى بتعطيل الدستور اليمني وتعطيل مجلس النواب. مع أن وسائل إعلامية نقلت عن الصبيحي تبريره أنه تم إحضاره مجبرا.
في اليوم التالي للإعلان قرر الحوثيون إعادة تشكيل اللجنة الأمنية العليا التي تضم كل القوات العسكرية والأمنية والمخابرات، وأصدر محمد علي الحوثي رئيس ما يسمى "اللجنة الثورية العليا" للحوثيين (أعلى سلطة حوثية حينها) قرارا بتشكيل اللجنة وتعيين قيادات حوثية فيها، قضى القرار بتعيين الصبيحي رئيسا للجنة.
ليعود الصبيحي لممارسة عمله في الوزارة كقائم بأعمال وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة، وبصفته الجديدة رئيسا للجنة الأمنية.
وغداة تعيينه، ترأس اجتماعا للجنة الأمنية أعلن خلاله تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية (الجناح العسكري والأمني للحوثيين) للتعاون والتنسيق، داعيا في كلمة له القوى السياسية والاجتماعية لمساندة الجيش واللجان الحوثية. وقال إن القوات المسلحة التي باتت تحت سيطرة الحوثيين "تقف إلى جانب الشعب وستظل على الدوام قوة بيد الشعب". وهو ما اعتبره البعض إقرار بالأمر الواقع.
تمكن الوزير الصبيحي من مغادرة العاصمة صنعاء في 5 مارس 2015 والانتقال إلى عدن التي كان هادي قد وصلها وأصدر قرارا رئاسيا بإعلانها عاصمة مؤقتة للبلاد.
وأعاد هادي تكليفه بالقيام بمهام وزير الدفاع وتكليفه بقيادة القوات في عدن ولحج للتصدي لزحف المتمردين الحوثيين.
وقد وقع الوزير الصبيحي أسيرا بيد الحوثيين في كمين خلال مشاركته في مواجهة قواتهم بمدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، 25 مارس 2015، وقاموا بنقله إلى سجونهم في صنعاء، ومعه اللواء ناصر منصور هادي واللواء فيصل رجب.
أعاد الرئيس هادي لاحقا تكليف خالد بحاح برئاسة الحكومة المصغرة من الرياض، ليحتفظ الصبيحي بالمنصب ويبقى منصب وزير الدفاع شاغرا حتى نهاية فترة حكومة بحاح، مع استمرار رفض الحوثيين إطلاق سراحه ورفضهم تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216 للعام 2015) الذي نص على الإفراج عنه.
ثم تم تشكيل حكومة جديدة في 4 أبريل 2016، برئاسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر (حضرموت) والإبقاء على منصب الوزير شاغرا، ليستمر إلى فبراير 2018، حيث أصدر هادي قرارا بتكليف الفريق الركن محمد المقدشي (ذمار) قائما بأعمال وزير الدفاع، ثم عينه لاحقا وزيرا.
العليمي خلال تقليده الصبيحي وسام الشجاعة- عدن
أُفرج عن الصبيحي في 14 ابريل 2023 ووصل إلى عدن في صفقة تبادل بين الحكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين برعاية دولية.
وفي التاسع من مايو 2024، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، قرارا بترقية الصبيحي إلى رتبة "الفريق"، وتقليده وسام الشجاعة من الدرجة الأولى.
ثم عينه بعد ثلاثة أيام مستشارا لرئيس مجلس القيادة الرئاسي لشؤون الدفاع والأمن.
(هذه المادة من سلسلة تقارير تعريفية تستعرض سيرة وتجارب وزراء الدفاع الذين تعاقبوا خلال الحكومات اليمنية منذ عام 90م)
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news