في حالة جديدة تضاف إلى سجل المشاريع الحكومية المتعثرة، يظل مشروع سفلتة خط الضباب في محافظة تعز شاهداً على غياب التنسيق والرقابة الفعالة من الجهات المعنية.
بينما يُفترض أن يُسهم هذا المشروع في تحسين الواقع المروري في منطقة حيوية، كشفت مصادر مطلعة عن عدم استلام المشروع من قبل الجهات الرسمية حتى اللحظة، على الرغم من "إنهاء" العمل من قبل المقاولين.
قصة هذا المشروع لا تختلف عن العديد من المشاريع التي تشهدها العديد من المحافظات، حيث تلعب البيروقراطية والخلل في آليات التنفيذ دوراً مهماً في تأخير وتسويف الأعمال.
في خطوة تكشف حجم الإهمال واللامبالاة، قامت وزارة الأشغال العامة وصندوق صيانة الطرق في عدن بإنزال لجان تفتيش لتقييم مستوى تنفيذ المشروع، ليكتشفوا العديد من الملاحظات الجوهرية، والتي من المفترض أن تكون قد تم معالجتها قبل الإعلان عن "إنهاء" المشروع. ولكن، وكما هو الحال دائماً، تفاجأ الجميع بأن الوضع لا يزال بعيداً عن المطلوب، مما جعل اللجان تُوصي بضرورة إصلاح العديد من الأخطاء.
لكن الأغرب في هذه القصة هو أن المشروع، رغم وجود هذه الملاحظات القوية، لا يزال في عهدة المقاولين ولم يتم استلامه بعد من قبل الجهات الرسمية.
هذا يشير إلى خلل في آلية العمل، حيث لم يتم تطبيق الإجراءات القانونية والإدارية السليمة لضمان أن المقاول قد أكمل التزاماته حسب المعايير المحددة، وهي حالة تكررت في مشاريع أخرى في مناطق مختلفة.
تراكم الإخفاقات:
المشكلة لا تتوقف هنا. فإلى جانب تأخر تسليم المشروع، يكشف الوضع عن خلل أكبر في التخطيط والمتابعة، حيث لا يبدو أن هناك استراتيجيات واضحة أو تنسيق حقيقي بين المؤسسات المعنية.
تتنقل اللجان بين المواقع وتترك إصلاحات "قيد التنفيذ"، ولكن النتائج تظل غائبة على أرض الواقع، ومن ثم، يجد المواطنون أنفسهم أمام مشهد يتكرر فيه الفشل في تأهيل الطرق والمرافق الأساسية التي تساهم بشكل مباشر في تحسين حياة الناس.
هذا الواقع لا يعكس فقط فشل السلطات في إدارة المشاريع، بل يعكس ضعفاً في القدرة على محاسبة المقاولين والجهات المسؤولة عن التأخير والتقصير، مما يساهم في استمرار الدوامة الفارغة من الوعود التي لا تتحقق على الأرض. والأسوأ من ذلك، أن التراكمات الناتجة عن هذا الإخفاق تؤدي إلى زيادة التكاليف والضغط على المواطنين الذين ينتظرون تحسينات لا تأتي.
الاختلالات في الصيانة:
عندما ننظر إلى قضية "خط الضباب" كجزء من معضلة أوسع، نلاحظ أن ما يحدث ليس مجرد تأخير في تسليم مشروع واحد، بل هو انعكاس لواقع أكبر يتعلق بإدارة مشاريع البنية التحتية في العديد من المناطق. فالمشاريع التي يتم إطلاقها في وقت متأخر، وتُنفذ دون رقابة حقيقية، غالباً ما تكون عرضة للتعثر أو الإلغاء، مما يخلق حالة من الفوضى في استخدام الموارد العامة.
وبعيداً عن محاسبة المقاولين أو التعامل مع أي قضايا قانونية قد تكون موجودة، تظل المصلحة العامة هي المتضرر الأول من هذا الواقع المرير، حيث يستمر المواطنون في دفع ثمن هذا الإهمال، في الوقت الذي تُهدر فيه الميزانيات التي يمكن استثمارها في مشاريع أكثر أهمية.
إن مشروع "خط الضباب" في تعز ليس إلا جزءاً من قضية أكبر، قضية فشل الحكومة في توفير إدارة فعالة للمشاريع الحيوية التي يحتاجها المواطنون. وبينما تواصل اللجان تفقد "العمل المنتهي" في مشاريع أخرى، يبقى المواطن في دائرة الانتظار والترقب، بينما تظل البنية التحتية تتدهور تحت وطأة الإهمال وسوء الإدارة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news