كتب | صدام اللحجي :
جلست في مسجد بمدينة الحوطة أستمع إلى خطبة الجمعة عن "حب الوطن" ، موضوع يأسر القلوب ويثير المشاعر. تحدث الخطيب بإسهاب عن عظمة حب الوطن وواجب الإنسان تجاه بلده، وكم تمنيت أن أنسجم مع هذه الكلمات التي تحمل في طياتها معاني الوفاء والانتماء. لكن ما أن استمعت، حتى راودني سؤال ملح: عن أي وطن نتحدث يا شيخ؟
الوطن ليس مجرد أرض نعيش عليها أو علم نرفعه، بل هو الحاضنة التي تضمن لنا الكرامة والعيش الكريم. لكن، أي حب يُطلب من مواطن لا يجد ما يسد رمقه؟ عن أي حب يُقال لمن يُجبر على الوقوف عاجزًا أمام مريض لا يستطيع علاجه لأنه لا يملك ثمن الدواء، أو أمام أب لا يستطيع شراء قوت يومه لأطفاله؟
عن أي وطن نحبه، ونحن نرى الناس يبحثون عن الطعام بين القمامة؟ عن وطن يُطلب منا أن نحبه، بينما تُقفل الأبواب في وجوهنا عند الحاجة، ولا تُنجز معاملة إلا إذا دفعنا الرشوة؟ كيف يمكن أن ينمو حب الوطن في القلوب، بينما نرى مسؤولينا يعيشون في بذخ فاحش من المال العام الذي هو حقٌ لنا جميعًا؟
حب الوطن لا يُقاس بالكلمات أو الشعارات، بل بما يُقدمه هذا الوطن لمواطنيه. الحب المتبادل بين المواطن ووطنه ينبع من شعور بالأمان والكرامة والمساواة، ومن وطن يحتضن أبناءه ويوفر لهم أبسط مقومات الحياة: الأمان، الغذاء، الصحة، والتعليم. والنظافة حب الوطن الحقيقي هو العمل من أجل رفعة الوطن وسعادة مواطنيه، وليس مجرد دعوات للولاء في ظل واقعٍ مليء بالظلم والإهمال.
يا شيخ، نحن لا نكره أوطاننا، ولكننا نكره ما وصلنا إليه من فساد وتقصير. نحب وطنًا يعيد لنا حقوقنا، وطنًا يضع الفقير والمحتاج والمريض في صدارة اهتماماته. نحب وطنًا يكون فيه العدل أساس الحكم، والكرامة حقًا لكل مواطن. إذا كان هذا هو الوطن الذي نتحدث عنه، فنحن نحبه، ونتمنى أن نراه كما نحلم.
حب الوطن ليس مجرد واجب، بل هو شعور ينبع من عدالة الوطن واحتوائه لنا. وحتى يحدث ذلك، سيظل هذا السؤال قائمًا: عن أي وطن نتحدث يا شيخ؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news