تقرير جديد أعده الاكاديمي اليمين عبد القادر الخراز، الرئيس السابق للهيئة العامة لحماية البيئة اليمنية ونشرته منصة فرودويكي بعنوان "السلطة والتمويه في جهاز الأمن والمخابرات التابع لميليشيا الحوثي"، النقاب عن الهيكل التنظيمي والعمليات المعقدة التي ينفذها هذا الجهاز، الذي يُعد واحدًا من أهم أدوات الميليشيا لترسيخ سلطتها وأداة القمع الأشهر بحق اليمنيين.
التقرير يقع الجزء الأول منه في 45 صفحة موثق ب 31 وثيقة و 39 مرجع ويقدم تحليلاً معمقًا واستراتيجيًا لدور الجهاز في عمليات الترهيب والقمع. ويحدد 12 شخصية رئيسية من قيادات مليشيا الحوثي ، ومن بين المحاور الأساسية التي يناقشها، يتطرق إلى هيكل القيادة الذي يتألف من شخصيات موالية ويوضح كيفية استخدام الجهاز لأساليب قسرية قمعية ضد المواطنين، بدءًا من الاعتقالات التعسفية إلى عمليات الاختفاء القسري والابتزاز.
وأشار الخراز في تقريرة إلى استخدام ميليشيا الحوثي لشبكات التهريب والشركات المدنية كواجهة لتغطية أنشطتها غير المشروعة، خاصة في مجال تهريب الأسلحة والموارد. علاوة على ذلك، يستعرض التقرير طرق جمع المعلومات والمراقبة، بما في ذلك مراقبة الاتصالات والأنشطة الإلكترونية، مما يمكّن الجهاز من إحكام سيطرته على المجتمع وتكميم أي أصوات معارضة.
وتضمن التقرير معلومات حساسة عن استراتيجيات الحوثيين في استخدام جهاز الأمن والمخابرات لمنظمات المجتمع المدني وانخراط عاملين في منظمات دولية في تقديم خدمات لهذا الجهاز سيء الصيت.
ويعتبر التقرير مرجعًا مهمًا لفهم التحديات الأمنية والممارسات التمويهية والمنهجية للميليشيات الحوثية.
وقالت منصة فرودويكي بأنها ستعمل على نشر سلسلة متواصلة من الحقائق والتفاصيل التي تُنشر تباعاً ولأول مرة عن التنظيم السري للميليشيات الحوثية في المنظمات الدولية وخفايا جهاز الأمن والمخابرات التابع لها.
لقراءة التقرير اضغط هنا
فيما يلي، نص التقرير :
الجزء الاول
مقدمة
يهدف هذا التقرير في جزئه الاول إلى تقديم تصور وتحليل عن جهاز الأمن والمخابرات التابع لميليشيا الحوثي بناء على المعلومات والوثائق التي تم جمعها على مدى عدة سنوات من مصادر موثوقة مكرسة لخدمة اليمنتم تدقيق البيانات المقدمة حتى بداية عام 2023 وتتبع أيضا عبر المصادر المفتوحة بمواقع الانترنت ومنشورات الحملات مثل (#لن_نصمت #وين_الفلوس) وكذا مراجعة التقارير السابقة لمنصة فردويكي FraudWiki ذات الصلة بالموضوع مما يضمن الدقة والموثوقية في سياق الوضع المعقد الذي يواجه البلاد.
ميليشيا الحوثي هي واحدة من الفصائل المسلحة الرئيسية في اليمن، بعد أن أنشأت جهاز الأمن والمخابرات التابع لها كوسيلة لتعزيز سلطتها وتأكيد سيطرتها على المناطق التي تحكمها وبعد ان قامت بالعديد من عمليات جمع المعلومات والمسوحات لتحديد الموالين والمعارضين لها. يفرض ذلك فهم هيكل هذه الخدمة وأساليبها التشغيلية فهو أمر بالغ الأهمية لتقييم التهديدات التي تشكلها الميليشيات على الأمن المحلي والإقليمي والدولي.
من المهم الإشارة إلى أن ميليشيا الحوثي كثيرا ما تقوم بتناوب الأفراد في المناصب الرئيسية للحفاظ على الأمن التشغيلي والتمويه. هذه الممارسة ضرورية لمنع الكشف عن استراتيجياتها والحد من مخاطر التسلل أو جمع المعلومات الاستخباراتية من قبل الفصائل المتنافسة أو الكيانات الخارجية. ومن خلال التغيير المنتظم لأدوار الأفراد الرئيسيين، تخلق الميليشيا انطباعا بالاستقرار والسلطة بينما تضمن في الوقت نفسه بقاء المعلومات الحساسة محمية، إضافة الى التمويه لضمان عدم تتبع الافراد او الشركات العابرة للحدود التابعة لها والتي تعمل في أنشطة غير مشروعة مثل تهريب السلاح والتجنيد في الحروب الدولية.
سيسلط هذا التقرير الضوء على أسماء وأدوار بعض الأفراد داخل جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، ويقدم نظرة ثاقبة على خلفياتهم وعلاقاتهم وأنشطتهم العملياتية. وسيتناول كل قسم كيفية مساهمة هؤلاء الأفراد في الاستراتيجية الشاملة للميليشيا، فضلا عن تداعيات أفعالهم على المشهد الأمني في اليمن وخارجه وقضايا الاختطافات القسرية والتعذيب والقتل.
1. نظرة عامة على جهاز الأمن والمخابرات الحوثي
أنشأت ميليشيا الحوثي جهاز الأمن والمخابرات التابع لها في عام 2016، استجابة للصراع المتصاعد والحاجة إلى جهاز أمني متماسك.
شكلت هذه المبادرة خطوة مهمة في جهود الميليشيا لتعزيز سلطتها وتأكيد سيطرتها على الأراضي التي تحتلها في اليمن. مما يمثل خطوة مهمة في جهودها لتعزيز سلطتها وتعزيز قدراتها العملياتية. تم إنشاء هذت الجهاز استجابة للمشهد السياسي المتزايد التعقيد والتقلب في اليمن.
1.1.العمليات الأولية والهيكل
في البداية، كان جهاز الأمن والمخابرات يعمل تحت ستار من السرية. وأصدرت الميليشيا قرارات من خلال ما يسمى باللجنة الثورية، التي تشكلت لمركزية السلطة وتبسيط عمليات صنع القرار. سمح هذا النهج لقيادة الحوثيين بالحفاظ على سيطرة مشددة على العمليات الاستخباراتية مع تقليل مخاطر التعرض للخصوم الخارجيين والداخليين.يمثل جهاز الأمن والمخابرات الحوثي عنصرا حاسما في استراتيجية الميليشيا لتعزيز السيطرة والتغلب على التحديات التي يفرضها صراع متعدد الأوجه. ومن خلال مزيج من السرية وتناوب الأفراد والتحالفات الاستراتيجية، تهدف الميليشيا إلى تعزيز قدراتها العملياتية مع إدارة التصورات على الصعيدين المحلي والدولي. إن فهم الديناميات داخل هذا الجهاز، لا سيما أدوار الشخصيات الرئيسية وخلق شركات تتبع المليشيا بالخارج عبر افراد يتبعون للمليشيا وللجهاز الأمني وصلاتهم بمراكز او مجالس تم انشئها بالداخل مثل المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية (سكمشا) او مركز تنسيق العمليات الإنسانية (HOCC) وكذا ارتباطاتهم بالمنظمات مثل المنظمة العربية لحقوق الإنسان (ARWA) او منظمة انسان، أمر ضروري لفهم الآثار الأوسع لأعمال ميليشيا الحوثي في اليمن وخارجها.
2.1. توحيد الأجهزة الأمنية
في عام 2019، اتخذت الميليشيا خطوة اخرى من خلال دمج جميع الأجهزة الأمنية القائمة، مثل الأمن السياسي والأمن القومي، تحت سلطة جهاز الأمن والمخابرات. مع بقاء هذه الأجهزة الأخرى في هيكليتها ووظائفها لكن تحت سلطة جهاز الامن والمخابرات ويتم نقل الأشخاص من موقع الى اخر ضمن هذه الهيكلية، ويعكس هذا التوحيد النهج الاستراتيجي للميليشيا لتعزيز سيطرتها على المشهد الأمني في اليمن. وتوضح عملية التحليل لدمج مختلف الوظائف الأمنية في وكالة واحدة عدة آثار:
هيكل القيادة المركزية: من خلال دمج الأجهزة الأمنية المختلفة، أنشأت ميليشيا الحوثي هيكل قيادة مركزي يسمح باتخاذ قرارات أكثر فعالية وتخصيص الموارد. ويمكن هذا التبسيط الميليشيا من الاستجابة بسرعة للتهديدات الأمنية وتنسيق عملياتها بشكل أكثر كفاءة.
تعزيز قدرات المراقبة والاستخبارات: يسهل التوحيد اتباع نهج شامل لجمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة. ومع توحيد الوظائف الأمنية المتعددة، يمكن للميليشيا مراقبة التهديدات المحتملة بشكل أكثر فعالية، بما في ذلك المعارضة بين السكان وأنشطة الفصائل المتنافسة.
تحسين تنسيق العمليات: يعزز تركيز العمليات الأمنية تنسيقا أفضل بين مختلف الوحدات. ويضمن هذا التكامل تبادل المعلومات الاستخبارية والتصرف بناء عليها بسرعة، مما يعزز الفعالية العامة للتدابير الأمنية.
إدارة الموارد الاستراتيجية: يسمح التكامل بتخصيص أكثر استراتيجية للموارد، بما في ذلك الموظفين والتكنولوجيا والتمويل. ويمكن للميليشيا نشر قواتها استنادا إلى التهديدات التي تم تقييمها، مما يزيد من فعاليتها العملياتية. والعمليات الخارجية والتجسس وما يتعلق بالمنظمات والتنظيمات السياسية.. الخ . وقد صنفنا الجزء الال من الدوائر الرئيسية الى 20 دائرة مبدئيا (راجع وثيقة 2) وتأتي تحتها إدارات صغرى ثم شعب، وتشمل الأقسام الرئيسية ما يلي:
عمليات الاستخبارات الداخلية: مراقبة التهديدات الداخلية، بما في ذلك المعارضة وأنشطة المعارضين المحتملة داخل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.
عمليات الاستخبارات الخارجية: تركز على جمع المعلومات عن الخصوم الأجانب والتطورات الدولية التي قد تؤثر على المصالح الاستراتيجية للميليشيا. الى جانب العمل على خلق كيانات تجارية تشكل غطاء لأعمال المليشيا الخارجة عن القانون.
مكافحة التجسس: الانخراط في تدابير لمنع التسلل والتجسس من قبل الفصائل المتنافسة أو وكالات الاستخبارات الأجنبية.
عمليات المراقبة: إجراء مراقبة على الأفراد الرئيسيين وحركات المعارضة والتهديدات المحتملة الأخرى لسيطرة الحوثيين.
التنظيمات والأحزاب السياسية: جمع المعلومات حول الأنشطة السياسية للأحزاب والتنظيمات والمنظمات الدولية والمحلية، بما في ذلك خططهم، واستراتيجياتهم، وتوجهاتهم. ورصد النشاطات ورفع التقارير للتحرك وفق تحليل المعلومات وقد يشمل ذلك توصية بعمليات اختطافات للأفراد في أحزاب او منظمات او ناشطين مستقلين او اعلاميين.
2.2. الشخصيات الرئيسية
عبالحكيم هاشم علي الخيواني
رئيس جهاز الامن والمخابرات التابع لمليشيا الحوثي وبرتبة لواء، وهو من القيادات الشديدة الولاء لزعيم جماعة الحوثي
بدا اول ظهور رسمي له عبر قرار من اللجنة الثورية التابعة للمليشيا برقم 207 بتاريخ يوليو 2016 حيث عين كنائب وزير الداخلية (وثيقة 3)، وهذا نفس التوقيت الذي شكل فيه جهاز الامن والمخابرات بشكل سري وكان هو رئيس الجهاز منذ تلك الفترة السرية وحتى الإعلان عنه في 2019.
يبدو ان التعيين في وزارة الداخلية كان عبارة عن عملية غطاء قامت بها المليشيا ليتمكن الخيواني من تشكيل الجهاز واختيار الافراد الموالين للمليشيا سواء في وزارة الداخلية او الأجهزة الأخرى. صحيح وهل التزمت المليشيا بهذه العبارة.
عبدالسلام صلاح أحمد فليتة
عبد السلام صلاح أحمد فليتة هو لاعب مهم في العمليات الخارجية للميليشيا. وهو الناطق الرسمي للمليشيا بالخارج وممثلهم في المفاوضات والاجتماعات الدولية (وثيقة 6)
وبينما يتم تسجيل اسمه المدني، فإنه يستخدم الاسم الحركي محمد عبد السلام للأمن التشغيلي. (وثيقة 7) كما يقوم بعمليات التنسيق لإمداد المليشيا سواء بالأموال او السلاح وتهريبه عبر شبكات وشركات متعددة تحت غطاء شركات تجارية واستثمار ونقل، يعاونه في تنظيمها احمد الشامي وعبدالملك العجري.
وتشمل مسؤولياته ما يلي:
التنسيق مع الشخصيات الرئيسية: التعاون الوثيق مع حسن الكحلاني وعبدالواحد أبو راس (العمليات الخارجية بجهاز الامن والمخابرات) وكذا أحمد الشامي لمواءمة مصالح الحوثيين في الخارج. ويعزز هذا التعاون قدرة الميليشيا على إدارة علاقاتها الدولية وأهدافها العملياتية.
الاستخبارات واللوجستيات: المساعدة في التخطيط اللوجستي للعمليات التي قد تتم خارج اليمن، وضمان تدفق الموارد والمعلومات بسلاسة لدعم أهداف الحوثيين. ومساعد وزير الدفاع الحوثي حسن الكحلاني كما ذكرنا يرجح انه حاليا وكيل للجهاز للعمليات الخارجية وكان سابقا مدير فرع الجهاز في مطار صنعاء وأيضا في 2020 عين اركان حرب المنطقة الثالثة التابعة للمليشيا، وتشير كثير من المعلومات انه متواجد بايران الى جانب انه حضر مع عبدالسلام فليته وكذا عبدالملك العجري احدى جولات التفاوض في الرياض. وموخرا أدرج الكحلاني على قائمة العقوبات للخزانة الامريكية (5)
عامر علي عامر المراني واخويه الحسن ومطلق المراني
عندما تم دمج أجهزة الامن السياسي والقومي مع جهاز الامن والمخابرات تغيرت بعض القيادات في مواقعها، ولكن تركيبة الهيكل يبدو بقيت كما هي، وتم نقل اشخاص من الاستخبارات العسكرية الى الجهاز فمن خلال الوثائق والبيانات التي توفرت يمكن تتبع عمليات نقلهم من موقع لأخر مثل عامر المراني.
عامر المراني كان بالاستخبارات العسكرية وتم تكليفه ضمن الفريق للتحقيق في مقتل صالح الصماد رئيس المجلس السياس لمليشيا الحوثي في ابريل 2018 ثم عين في أكتوبر 2019 محافظا للجوف (وثيقة 10)، وفي ابريل 2021 تم تعيين محافظ اخر للجوف بدلا عنه وتم تعيينه وزيرا للنقل، وحاليا نقل الى موقع جديد يبدو ضمن الجهاز وهو برتبة لواء ضمن المليشيا
أخيه الحسن علي عامر المراني (وثيقة السجل المدني 11) الذي يرجح انه قتل في الجوف وكان قد عين في 2018 وكيلا للجهاز لشؤون الامن الداخلي وقبلها كان عين من قبل المليشيا وكيلا للأمن السياسي الذي دمج مع جهاز الامن والمخابرات، وكان رئيس فريق التحقيق في مقتل الصماد في ابريل 2018 ( وثيقة 12) ، وكما اعطي وسام مليشيا الحوثي في سبتمبر 2019 مع اشخاص اخرين ( وثيقة سابقة 8) منهم حسن علي حسن ويعكس استخدام الميليشيا للشركات السرية عبر المنسق التجاري احمد الشامي لعمليات في تهريب الأسلحة وتجنيدها قدرتها على التكيف في التعامل مع بيئة صراع معقدة. ولا تعزز هذه العمليات القدرات العسكرية للميليشيا فحسب، بل تشكل أيضا تحديات كبيرة للأمن والاستقرار الإقليميين. إن تورط شخصيات سياسية مثل عبد الولي عبده حسن الجابري في صفقات الأسلحة غير المشروعة يؤكد على تشابك الحوكمة والإجراءات العسكرية في إطار الحوثيين.
علاوة على ذلك، فإن عمليات الاختطافات للناشطين والإعلاميين وموظفي المنظمات الدولية وأساليب التعذيب والتهم المتعددة الكيدية والتي قد يكون فيا أيضا نوع من الشراكة لتغطية الفساد يطرح سؤال عريض حول المساءلة وفعالية الآليات الدولية المصممة لدعم حقوق الإنسان، وهذا بدوره يطرح التساؤل عن دور بعض مؤسسات المجتمع المدني باليمن في تقديم بعض قادة مليشيا الحوثي كشخصيات محايدة وذات توجه تنموي في المحافل الدولية والذي يعقد السردية المحيطة بالميليشيا. وتثير مشاركتهم مع مؤسسات مثل مركز صنعاء و DeepRoot وبرنامج زمالة حكمة أسئلة مهمة حول المساءلة وفعالية الآليات الدولية المصممة للتتبع والتحقيق عن مثل هذه الحالات.
ومع استمرار تطور الوضع في اليمن، فإن فهم هذه الديناميات ضروري لفهم الآثار الأوسع نطاقا لأعمال ميليشيا الحوثي. إن التفاعل بين الترقيات العسكرية وتكتيكات المراقبة وصفقات الأسلحة والعلاقات الدولية يسلط الضوء على الحاجة الملحة للمجتمع الدولي لمعالجة الأزمة الإنسانية المستمرة وضمان أن تكون الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار حقيقية وفعالة وشاملة. تؤكد التحديات التي تفرضها ميليشيا الحوثي على تعقيد الصراع في اليمن والأهمية الحاسمة لمحاسبة جميع الجهات الفاعلة على أفعالها
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news