*خالد عليان:
عاد دونالد ترامپ إلى الساحة السياسية بقوة، ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة بعد حملة انتخابية شرسة، تخللتها لحظات توتر غير مسبوقة في السباقات الرئاسية الأمريكية الممتدة على مدار ما يقرب من نصف قرن. تلك المعركة الانتخابية، التي كشفت عن عمق الانقسامات السياسية والاجتماعية داخل الولايات المتحدة، لم تقتصر على عرض الرؤى والبرامج؛ بل شهدت اتهامات متبادلة وهجمات عنيفة، دفعت المرشحين للتلويح بتهديدات تضمنت الداخل الأمريكي والعلاقات مع الحلفاء والمحيط الدولي.
الانتخابات الأمريكية والاحتقان الداخلي
التنافس الحاد بين المرشحين عكس حالة غير عادية من الاستقطاب السياسي. ورغم أن #كاميلا_هاريس حاولت كسر الحواجز التقليدية كأول إمرأة سياسية من أصول إفريقية تقترب من كرسي الرئاسة ، فقد اصطدمت بتركة ثقيلة خلفها الرئيس السابق جو بايدن، حيث ارتبطت سياساته الخارجية بدعم حلفاء قدامي ومواصلة الصراعات في مناطق مضطربة مثل غزة وأوكرانيا.
او لعله نهج الديمقراطيين مؤخرا في دعم الكيان المحتل بالسلاح والنفوذ والسكوت عن جرائم الإبادة والإباحة للقتل المجاني في غزة وعدم القدرة على ايقاف الحرب في فلسطين او حتى تحقيق الانتصار في اوكرانيا .
ومع تصاعد وتيرة الأزمات في الشرق الأوسط وتراجع فعالية الحلول الدبلوماسية، بدا أن واشنطن باتت غير قادرة على تقديم حلول ناجحة أو تهدئة الصراعات في العديد من بؤر التوتر حول العالم.
اليمن عانت ايضا من حقبة بايدن التي تركت العبث يطال البحر الاحمر ويمس خطوط الملاحة الدولية بالضرر الذي انعكس سلبا على الاقتصادات العربية أكثر من غيرها
أمريكا والشرق الأوسط: ملامح متغيرة للتوجهات المستقبلية
فيما تتأهب المنطقة العربية لما ستأتي به رئاسة ترامب الجديدة، يثار التساؤل حول مدى تأثير عودته على ملفات ملحة مثل الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي ، والأزمة اليمنية، والعلاقات مع إيران، العلاقة مع روسيا والصين وعلى الرغم من الانتقادات السابقة لسياسته، قد يسعى ترامب هذه المرة لتعديل نهجه إزاء الشرق الأوسط، على أمل تحقيق نوع من التوازن في التعامل مع حلفاء واشنطن في الخليج وتجنب تورط جديد في صراعات طويلة الأمد.
اليمن على سبيل المثال، تأمل القوى الإقليمية بأن تمثل رئاسة ترامب فرصة لحل الأزمة عبر الضغط على الجماعات المتمردة المدعومة من إيران. مع امكانية استثمار دور المملكه ووجود علاقات دبلوماسية سعودية إيرانية حيث تلوح الفرصة لتوجيه سياسات جديدة تساهم في تحقيق السلام والاستقرار. هنا، سيكون على طهران إعادة التفكير في سياستها تجاه اليمن ولبنان، إذ يبدو أن مسار دعم الجماعات المسلحة قد ينعكس سلباً على استقرارها في المستقبل.
التحديات الاقتصادية في زمن التغيرات العالمية
عودة ترامب إلى السلطة تتزامن مع تزايد النفوذ الصيني والتكتلات الاقتصادية الجديدة مثل مجموعة “بريكس”، التي تسعى إلى بناء نظام اقتصادي متعدد الأقطاب. ولعل الخيار الأفضل أمام الولايات المتحدة اليوم هو تجاوز سياسات المواجهة والاتجاه نحو شراكة اقتصادية مبنية على الاحترام المتبادل تحت شعار شركاء لا خصوم . فالتحديات القادمة تتطلب إدارة ذكية للعلاقات مع الصين؛ إذ لم تعد بكين كما كانت خلال فترة حكم ترامب الأولى، بل ازدادت نفوذاً، وتعمقت شراكتها مع دول العالم المختلفة.
في الختام: رؤية جديدة لأمريكا وعالم متعدد الأقطاب
العودة القوية لترامب، على الرغم من التحديات القانونية والإعلامية التي واجهها، قد تعكس رغبة جمهور كبير في التغيير وتوجيه مسار البلاد نحو سياسة جديدة. يتطلب هذا الظرف إدراكاً أن العالم اليوم لا يحتمل الحروب والتوترات المستمرة. إن المصلحة العالمية تكمن في الشراكة بين القوى الكبرى لبناء نظام أكثر استقراراً وسلاماً، بعيداً عن المواجهات العقيمة التي تستنزف موارد الجميع.
* نائب رئيس قطاع التلفزيون
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news