شروين المهرة: سليمان هجران
قبل حوالي مائه وخمسون سنة، كان رجلا من أحد قبائل المهرة التي تسكن قشن يسمى (حويطر)، وهو رجلا يبلغ من العمر حوالي خمس وخمسين عام.
وكان حويطر رجلا غني وصاحب وجاهة بالإضافة إلى أنه جميل المنظر، وفي ذات يوم كان في رحلة عمل ذاهبا إلى جبل درجه بقشن،
وعندما كان في الطريق لمحت عيناه فتاة حسناء وجميلة تقف على بئر الماء القريب من الجبل، تقوم بتعبئة الوعاء الذي بحوزتها ثم تجلبه إلى منزل اسرتها من أجل الشرب كون الماء الموجود داخل البئر عذب ويستقي منه سكان منطقتها.
ولمح أن هناك مساكن بالقرب من البئر، ويوجد بها منزل نور التي لمحتها عيناها بالمكان، وحينها كان حويطر ظمئان، لكنه رفض الاقتراب من البئر لأن الفتاة مازالت تعمل القربة التي معها، وكانت الفتاة منشغلة بالماء ولم تنتبه لحويطر وبعد الانتهاء من التعبئة شاهدت الرجل وهو يستظل تحت شجرة فغادرت مسرعة لتتيح له فرصة الشرب من البئر، اقترب حويطر من البئر وبالصدفة عادت الفتاه للبئر وكانت عودتها عفويه حيث لأنها نسيت بضع اغراضها الخاصة في المكان نفسه.
ولما شاهد حويطر الفتاه جن جنونه ووقع في حبها من أول نظرة، فهي فتاة طويلة القوام ورشيقة القد، وبيضاء ولها عنق طويل وذكية وبها صفات الأدب والتواضع والأخلاق.
نور هي الأخرى شاهدت حويطر بقوامه المهيب وجماله، فأعجبت به وتبادلوا نظرات غراميه وبصمت وذهول وبهدوء، قال حويطر، السلام عليكم، ردت نور بكلمات هادئة، وبعد السلام سألها حويطر بنت من أنت ياقتاه؟ ردت بهدوء بنت فلان بن فلان.
واصل الرجل رحلته بعد أن سألها ولكن بعد أن وقع في حبها، وبعد اتمام رحلته لم ياكل ولم يتهني النوم وأصبح مشتت الأفكار مع العلم أن حويطر ليس متزوجا، أو كان قد تزوج وماتت زوجته بمرض عظال. رحمه الله عليها.
ومن حينها أصبح حويطر يقطع مسافات طويلة من القصر الذي يسكنه إلى تلك المنطقة لمشاهدة نور، وتقول الروايات إنه كان يقطع حوالي 17كيلو تقريبا.
وبعد أيام قلائل ذهب هو وبرفقه أحد أقاربه، إلى أهلها لخطبتها، وبعد أيام ردوا عليه الخبر بأن نور وافقت، وأحتفل الأهالي بالمدينة لحضور مراسيم زواج حويطر ونور.
وزفت نور إلى قصر زوجها وعاشت هناك حياة الترف والرفاهية بعد الفقر والمعاناة وتغير حالها إلى أحسن حال، واستمرت الحالة الزوجية عندهم عامين وانجبت له طفلا ولد سماه (ماتوشي).
وبعد مرور حين من الزمن اشتافت نور لأسرتها وطلبت الأذن من زوجها فأذن لها، ومكثت لدى أهل وقررت عدم العودة إلى قصرها.
وعندما سألها والدها عن سبب عدم العودة وطلب الطلاق من زوجها؟ ردت عليها أن زوجها حويطر يعاملها بكل رفق وإحسان، وينفذها لها كل ما تطلب لكنها لم تعد لديها أي رغبة بالعودة إلى القصر.
حاول والدها اقناعها بأهمية العود لكن كل محاولاته باءت بالفشل، وفي يوم من الأيام أخذها والدها على طهر الجمل ووصلها لأهل حويطر وهم ينتمون لقبيله الجدحي (من بيت حميد) وقال لهم.
هذه بنتي نور زوجه حويطر ورفضت العودة لبيت زوجها بعد محاولات مني ولكن ساترك لكم فرصه اقناع نور بالعودة لبيت زوجها، وزاد في حديثه لهم أن استطعتم اقناعها بالعودة فذلك نورا على نور وخير وبركه وهذا يسرني، وان لم تقتنع بإمكانكم اقناع ابنكم حويطر أن يطلقها.
تقول الرواية إن أسرة بيت حميد حاولت إقناع نور بالعودة لبيت أبنهم حويطر والعيش مع زوجها لكن دون جدوى، وكان الدموع تنهمر أرباع ارباع من عيونها.
وعندما فشلو مع نور توجهوا نحو حويطر بهدف إقناعه اعلان الطلاق من منها، لكنه رفض وأصر على ذلك حتى لو كان مقابل ذلك موته وهنا تعقدت المشكلة
واستمر التفاوض أيام واشتهرت المسألة وصارت حديث الناس بين مؤيد ومعارض وتعاطف الجميع مع نور التي أصبحت الدموع لا تفارق محياها.
وبعد ان تعقدت الأمور أكثر وبعد تفكير وتشاور عميق في أوساط أسرة بيت حميد، اقترح أحدهم أن يجمعوا مبلغ اربعون قرش فرنسي دون علم حويطر وهذا المبلغ لا يستطيع ان يملكه شخص إلا القليل.
وبعد أن طالت المسألة وأصبح من الضروري حلها جمعت القبيلة المبلغ لطفا وعطفا بنور الباكية والحزينة، اتجه أحد العقلاء متحايلا يقنع حويطر أن طلاق نور ينحصر بمبلغ أربعون قرش فرنسي وهذا المبلغ لا يستطيع أهل نور دفعه ولو اشتغلوا طوال العمر.
ونكاية بنور نريد نعلقها بهذا المبلغ، واستحسن حويطر الفكرة وقرروا بيت حميد الاجتماع بحضور كل شيوخهم. وحضور نور مع العلم ان نور قدها تملك المبلغ الذي سيحررها من حويطر.
تحمل بيدها مبلغ اربعون قرش الشرط العائق للطلاق، وتم انعقاد الاجتماع واتخاد القرار. المنتظر الذي أصبح يكون حلما بالنسبة لنور، وفي الاجتماع قال شيخ بيت حميد، ياحويطر: أنت وافقت أن تطلق اذا نور دفعت اربعون قرش قال حويطر. نعم.
فقالت نور. هذه اربعون قرش وخد حقك وهات حقي الطلاق.
ضجت القاعة الله أكبر وقالوا الجميع عليك الوفاء بالعهد وصمت قليلا وتراجعت رجلاه ولكن العهد الذي قطعه على نفسه لازم عليه تنفيذه.
وحينها أعلن حويطر الطلاق من نور مضطرا ورفض المبلغ الذي تم جمعة وقال، نور وأهلها لا يملكون هذا المبلغ من المال، ولكن اصرارها على الطلاق ورفقه آل حميد بها، جمعوا هذا المبلغ واعطوه نور رحمه لدموعها وقال هذا بيدها المبلغ فاني اتنازل به لها وحلال لها وحراما علي وهي غريبه بيننا اكراما لها.
أخدت نور المبلغ واعادته لبيت حميد ورفضوا بيت حميد اخده، ولكنها ارسلت به لهم.
وركبت نور الجمل وذهبت نحو بيت أهلها وانشد أحد بيت حميد شعرا باللغة المهرية قائلا:
*شقبلك حروه وغلى خدييف.
*جيد بار نفوش وفولت طريف *
نشبيقه ارنهه وبيه خلييف .
ادرسخوم دميم وهتيف.
ومدح دنور مهوثق صفيف.
لزومن نهه ولى خلييف .
وبعد زمنا طويلا سمعت نور بهذه القصيدة ودمعت عيناها وترحمت على هؤلاء الرجال وقالت انني لم أكن ناضجه فمثل هؤلاء الشيوخ من يتركهم ويرفض من مجاراتهم ومصاهرتهم ولكني كنت غير ناضجه وفاهمه.
وتزوجت رجلا اخر فقير عذبها عذاب وعاشت لديه حياة الفقر، وقالت لكن قدر الله عليا الشقاء، وصدق المثل الذي يقول “من لا يسمع كبيره قل تدبيره”.
تابعوا شروين المهرة على
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news