يبدو أن النزوع إلى كتابة الاستهلال الشعري لدى فارس العلي لايحتاج إلى أن ينساق إلى العادي والمألوف، في زمن ولحظة شعرية رقمية جديدة تخطت كل التوقعات والمحلوم به، بل حتى ما قد يبدو مستحيلًا لدى كثيرين فأن قدرة “الذكاء الصناعي” على تقديم موهبة شاملة في الابداع الاجناسي، ناهيك عن كونه يكتب الشعر ويتخطى ذلك إلى كتابة الرواية، بل أنه باستطاعته أن يذكر بتجربة رواد حركة السريالية أمثال اندريه جيد وشديد، وعبدالقادر الجنابي أيضًا الشاعر العراقي المتيم بالسوريالية، الذي بقي لعقود وسنوات اغترابه في لندن وباريس يعتاش على سرقة الكتب باعترافه كما في حوار أجراه معه الصديق والشاعر اللبناني جوزيف عيساوي في برنامج “قريب جدًا” قبل حوالي عشرين عامًا، هنا وحتى لا أبتعد عن صلب الموضوع أشير إلى أن “سريالية فارس العلي تأتي كشغف مختلف في كتابة لحظة مفرغة من زمن التوتر الذي يعيشه عالمها، هي بالأحرى، جرأة مختلفة، واختلاف في تمثيل الجرأة ذاتها في مراية انعكاسها وذاتها المشطورة في حروف تلتئم بضوئها الجراح، التي سرعان ما تكون دليلك إلى معطى القصد الشعري والسردي في قصائده الشبيهة بشباك الصياد، حيث تضج تواريخ أيامه الخوالي بكونه “صائد الضباب” في شعرية غير مسبوقة، عاشت لحظاتها مع الأهالي وشاطرتهم الاستدامة والتنمية معجونة بالشعر ومخيلة الضباب الكثيف ومستضيفا تيار الرياح في تقطير المياه عبر سنانير خزانات سرعان ما تمتلئ بقطرات القصيد،وبهاء المشروع وفكرة المستقبل: الجمعية التي انبنت على توأمة: الراحل العزيز خالد العلي شقيق الشاعر فارس في الحياة كما في معايشة الفكرة قلبًا وقالبًا واستقلابًا لجماليات الحضور وفائض العبارات التي ترتسم عبقًا من وجودات أعزاء رحلوا.
“
رقصة مرايا مقعرة
” كلنا يعلم أن المرايا تعكس أو تحاكي معكوساتها المستنسخة من لحم الارواح وزجاج الوجود المشروخ في غير ما مشهد أو مذبح هنا أو هناك.
بيد أن رقصة “المرايا المتقعرة ” هنا ليست رقصة عادية، بل غير طبيعية، فليست صورة يراد منها أن تبرز حالًا من التجلي الطبيعي للوجوه، بل ايضاح خلل ما في تقعرات الزمن والأمكنة، والرؤى المحايثة لها، “مخيلة ورقة منفية” تصور مشهد الصورة في استعارات ومجازيات وكنايات وتعابير تحيل في غير جزئية من هيكل هذه المقاطع والسطور المشعورة بالصور المضفورة باللاتوقع حيث “يمر اسفلت بمخيلة صحراء” أي عتب هذا يمكن لقارئ النص الشعري أن يرسله مباشرة إلى غرفة الشاعر وحارس الليل ونعاس الغيوم الخبيئة في معطف الرمل ومسام العطش الممتد في خارطة الصحراء التي لا يتسعها أي تيه.
“دون نفط يعبر تلك الملاحم” كأني بخوذة محارب قديم ينشد ظلالًا زاحفة الماء، تحفر ظمأها بكل استفهامات الخليقة حتى اللحظة، فهل ادركتها الاجابة، ربما لا يعثر القادم من توجسات الطين والماء وحجر المعنى الذي يعدو تحت النيازك البارقة في كويكبات اللغة الموحية، بدلالتها ولفظها الزنيم.
“يضحك جلال حنداد” ربما، أو هكذا يتوقع الشاعر على غير عادته إذ يهجس الماء تحت سرة الجدول، يالها “سخرة معرفية” تقترن بأساطية الفلسفة عبر الوهاد والوعورة الخشبية اللاهثة، ياله فارس ولا شجاعة تسعف الحرف، في يده غير بلقع الرياح المتعثرة في شباك صيده الفارغة حد الألم المفجوع بأوطان تسبقنا دهسًا لأحلام تسابق أعمارها في لهاث التوحم الأرعن لبلاغة النقد وتقاعد البرطمانة في نصفة المرء بمجرد عبارة يختزنها “الذكاء الصناعي” الغبي حد التخمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news