من يحرّك خيوط اللعبة في اليمن؟ تقرير أممي يكشف المستجدات ويفضح التحولات الخطيرة
حشد نت - عدن
تضمن التقرير الأخير لفريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، تحول النزاع اليمني إلى أزمة دولية متصاعدة، زادت حدتها بعد حرب غزة، مما يعرقل جهود السلام.
وأفاد بأن الحوثيين عززوا تعاونهم مع إيران وحزب الله، بدعم عسكري ومالي يخرق قرارات مجلس الأمن، فيما أظهرت الجماعة تعاوناً مع تنظيم القاعدة وتنسيق عمليات ضد الحكومة اليمنية، كما تم إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان.
كما كشف التقرير عن شبكة إمداد عسكرية متزايدة بين الحوثيين وحركة الشباب الصومالية، وتكثيف نقل الأسلحة والتكنولوجيا، الذي استعرضته الجماعة في عرض عسكري.
وأوضح أن العقوبات الحالية محدودة التأثير، ما لم تتخذ إجراءات أكثر صرامة.
وأشار إلى استغلال الحوثيين لموارد غير مشروعة كالاتصالات وتهريب النفط، بينما تهدد التوترات الاقتصادية بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي الاستقرار السياسي.
ولفت التقرير إلى الانتهاكات الإنسانية المتواصلة، بما في ذلك تجنيد الأطفال واستهداف المدنيين، مؤكداً أن إنهاء النزاع يتطلب استقراراً إقليمياً ووقف الهجمات الحوثية على السفن.
فيما يلي موجز التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن المنشأ عملا بقرار مجلس الأمن (2014) 2140:
إن النزاع في اليمن، الذي بدأ قبل عقد من الزمن كنزاع مسلح داخلي ثم توسع فأصبح مواجهة إقليمية، قد تصاعد الآن ليتحول إلى أزمة دولية كبرى.
وشكلت حرب غزة نقطة تحول في الديناميكيات الإقليمية، وأدى ما نجم عنها لاحقا من آثار غير مباشرة إلى وقف عملية السلام اليمنية.
ولا يمكن توقيع اتفاق خريطة الطريق إلا عندما يكون الوضع الإقليمي مواتياً ويتوقف الحوثيون عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر.
واستغل الحوثيون الوضع الإقليمي وعززوا تعاونهم مع محور المقاومة" في انتهاك لنظام الجزاءات المفروضة عملا بقرار مجلس الأمن 2140 (2014).
وتشير المعلومات التي جمعها الفريق إلى أنهم يتلقون المساعدة التقنية والتدريبات والأسلحة والدعم المالي من جمهورية إيران الإسلامية والجماعات المسلحة العراقية وحزب الله وبالإضافة إلى ذلك، أنشئت مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلا حوثيا، بهدف تنسيق الأعمال العسكرية المشتركة التي يقوم بها محور المقاومة.
وعلاوة على ذلك، فإن التعاون المتزايد بين الحوثيين والجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أمر مثير للقلق.
وقد اتفق الحوثيون والجماعات الإرهابية على وقف النزاع الداخلي وعلى نقل الأسلحة والتنسيق بشأن الهجمات ضد قوات حكومة اليمن.
وبالإضافة إلى ذلك، لوحظت زيادة في أنشطة التهريب، بما في ذلك تهريب الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، بين الحوثيين وحركة الشباب، مع وجود مؤشرات على وجود إمدادات عسكرية مشتركة أو مورد مشترك.
وسيكون للجزاءات المفروضة على الحوثيين تأثير محدود ما لم تتخذ الإجراءات المناسبة ضد جميع منتهكي نظام الجزاءات.
وإن عمليات نقل الأعتدة والتكنولوجيا العسكرية المتنوعة المقدمة للحوثيين من مصادر خارجية، بما في ذلك الدعم المالي المقدم لهم وتدريب مقاتليهم، هي عمليات غير مسبوقة من حيث حجمها وطبيعتها ونطاقها.
وخلال العرض العسكري الذي أقيم في صنعاء في أيلول / سبتمبر 2023، استعرض الحوثيون العديد من القذائف التسيارية، والقذائف الانسيابية، والصواريخ الموجهة المضادة للسفن، وصواريخ أرض - جو، والطائرات المسيرة، والطائرات المسيرة الهجومية أحادية الاتجاه، وسفن الهجوم السريع، والزوارق غير المأهولة، ومنظومات المراقبة الكهروبصرية، والألغام البرية والبحرية، ولا يمتلك الحوثيين القدرة على تطوير وإنتاج معظم المعدات المذكورة أعلاه دون مساعدة خارجية.
ومنذ كانون الثاني / يناير 2023 اعترضت حكومة اليمن العديد من المواد العسكرية وذات الغرض المزدوج.
وفي كانون الثاني / يناير 2024 اعترضت الولايات المتحدة سفينتين في المياه الدولية تحملان معدات فتاكة، بما في ذلك مكونات قذائف ومركبة غاطسة غير مأهولة، قيل إنها كانت في طريقها إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين.
واعتمد الحوثيون استراتيجية تصعيد تدريجي من خلال استهداف السفن التجارية والبحرية في البحر الأحمر، ووقعت عملية اختطاف سفينة غالاكسي ليدر (Galaxy Leader) في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ولا يزال أفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً والمنتمون إلى جنسيات مختلفة محتجزين حتى الآن.
وردا على ذلك، تم تشكيل قوات تحالف بحرية دولية بهدف ردع الحوثيين وتأمين حرية الملاحة. غير أن الحوثيين لم يرتدعوا بعد، وهم يواصلون مهاجمة السفن. فقد شن ما لا يقل عن 134 هجوما من مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين ضد سفن بما في ذلك سفن حربية من المملكة المتحدة لبريطانيا العظمي وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة، باستخدام قذائف من طرازات جديدة.
وعلى الصعيد الداخلي، يكلف الحوثيون عملياتهم ضد حكومة اليمن، محاولين إحراز تقدم على عدة جبهات، كما يقوم الحوثيون بتجنيد أعداد كبيرة من الشباب والأطفال اليمنيين والمهاجرين غير النظاميين والمرتزقة من القبائل الإثيوبية والوضع العسكري الداخلي هش، وإشعال أي شرارة على الصعيد الداخلي أو الخارجي قد يتسبب باستئناف المواجهات العسكرية.
ويواصل الحوثيون، بهدف دعم أنشطتهم العسكرية، اعتماد العديد من التدابير غير القانونية لتوليد موارد كبيرة لأغراضهم العسكرية.
كما أنهم يستغلون سيطرتهم على قطاع الاتصالات لطلب الأموال العامة لطائراتهم المسيرة التي تشكل "القوة الجوية" ولقواتهم للدفاع الساحلي، وذلك عن طريق إرسال ملايين الرسائل إلى المشتركين في شركات الاتصالات.
ويستخدم الحوثيون شبكات مختلفة تعمل في إطار ولايات قضائية متعددة، بما في ذلك الشركات الوهمية وشركات الصرافة، لتمويل أنشطتهم، خاصة من قطاع النفط والغاز النفطي المسال.
وتستخدم شبكات الحوثيين وثائق مزورة مثل شهادات بلدان المنشأ، وتلجأ إلى المناقلة بين السفن، وتنشر سفنا تقوم بوقف تشغيل النظام الآلي لتحديد هوية السفن بانتظام أثناء الرحلات لتجنب الكشف عن الموانئ التي تزورها هذه السفن، والطرق التي تسلكها، أو لتجنب عمليات التفتيش التي تقوم بها آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش، كما لا يزال الحوثيون ضالعين في استخدام عناصر مسلحة على نطاق واسع وبشكل غير قانوني لتجميد أو مصادرة أصول الأفراد والكيانات، والاستيلاء على إدارة الشركات، والانخراط على نطاق واسع في عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات ومعدات الاتصالات ذات الاستخدام المزدوج والمبيدات الحشرية والأدوية والممتلكات الثقافية اليمنية.
ولا يزال الأفراد المدرجة أسماؤهم بموجب نظام الجزاءات، ومن يتصرفون نيابة عنهم أو بتوجيه منهم، والكيانات التي يملكونها أو يتحكمون فيها، يتلقون الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الأخرى أو يمتلكونها أو يتحكمون فيها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وكانت فعالية الجزاءات المالية محدودة.
ويرجع ذلك جزئيا إلى النهج الذي يعتمده المجتمع الدولي للحؤول دون أن تخلف الجزاءات المالية أي تأثير سلبي غير مرغوب فيه على الصعيد الإنساني، وجزئيا إلى افتقار الحكومة إلى القدرة على تجميد الأصول التي تسيطر عليها فعليا السلطات المعينة من قبل الحوثيين والموجودة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وكانت هناك عدة محاولات من قبل الحوثيين لطباعة أوراق نقدية في الخارج، واشتد التنافس، حيث أصدر البنك المركزي اليمني في صنعاء عملة معدنية جديدة من فئة 100 ريال في 30 آذار / مارس 2024 ما لبث البنك المركزي اليمني في عدن أن أعلن أنها مزيفة وقام البنك المركزي اليمني في عدن مؤخرا بإلغاء تراخيص ستة بنوك رائدة في صنعاء وهدد بفصلها عن نظام جمعية الاتصالات المالية بين المصارف على مستوى العالم (نظام سويفت).
تتولى هذه البنوك إجراء عدد كبير من التحويلات المالية الدولية خاصة نيابة عن العديد من الكيانات التي يسيطر عليها الحوثيون، وبالتالي، فإن الحظر أثر على المصالح الاقتصادية للحوثيين الذين هددوا بعد ذلك بالعودة إلى الحرب وشن هجمات عبر الحدود ضد البنية التحتية الاقتصادية الحيوية في المملكة العربية السعودية.
كما تعرض منزل محافظ البنك المركزي اليمني بعدن الكائن في صنعاء للهجوم، وصادرت المحكمة المعينة من قبل الحوثيين ممتلكاته.
ومع ذلك، وبفضل جهود الوساطة الجادة التي بذلها أصحاب المصلحة في الوقت المناسب، قام البنك المركزي اليمني في عدن يسحب أوامر إلغاء التراخيص الصادرة ضد البنوك.
وتم وقف تصعيد النزاع وتجنب الحرب. غير أن ذلك دفع بحكومة اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي إلى إبداء مستويات عالية من عدم الرضا عن استجابة المجتمع الدولي.
ويسلط هذا الحادث الضوء على الكيفية التي يمكن أن تتحول بها. مشكلة اقتصادية إلى حرب شاملة، مما يؤكد الطابع الهام والملح لمعالجة التحديات الاقتصادية القائمة منذ فترة طويلة التي تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن.
ويؤكد التفاعل بين المصالح الاقتصادية والصراع على السلطة السياسية والأعمال العسكرية تعقد الوضع في اليمن. وخلفت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر تأثيرا مضاعفا، وكان اليمن هو الطرف الأكثر تضررا.
وأدى الارتفاع الكبير في تكاليف النقل والتأمين إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية على مستوى العالم. كما أن الحظر الذي يستمر الحوثيون في فرضه على تصدير النفط الخام والذي أدى إلى استنفاد احتياطي النقد الأجنبي وخفض قيمة الريال اليمني خلف عواقب سلبية أثرت بشدة على تقديم الخدمات العامة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وقد أدى ذلك إلى اندلاع احتجاجات منتظمة واضطرابات عامة ومشاحنات بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة، مما هدد الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلد.
ولا تزال انتهاكات القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان مستمرة، خاصة من قبل الحوثيين. وتشمل هذه الانتهاكات تنفيذ هجمات عشوائية على المدنيين والأعيان المدنية، وأعمال العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، والعنف الجنساني بما في ذلك العنف القائم على أساس الميل الجنسي والهوية الجنسية، وكذلك التعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وهناك العديد من حالات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية وإيصالها وتوزيعها. ووردت عدة تقارير عن انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة، غالبا ما أنت إلى صدور أحكام بالإعدام، وهي أحكام نفذت على ما يبدو لقمع المعارضة.
وإن الاحتجاز التعسفي من قبل الحوثيين للعاملين في مجال تقديم المساعدة الإنسانية، الذين احتجزوا بمعزل عن العالم الخارجي، والاستيلاء على ممتلكات الجهات الفاعلة في المجال الإنساني أمر مثير للقلق بشكل خاص. فهذه الأعمال تعيق تنفيذ الولايات الإنسانية وتعرقل جهود الأمم المتحدة لتعزيز السلام والأمن في اليمن، وبالإضافة إلى ذلك، فإن تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع يهدد استقرار المجتمع اليمني في المستقبل وآفاق السلام والأمن المستدامين.
ويستخدم الحوثيون المخيمات الصيفية لنشر الكراهية والعنف والتمييز. ويواجه العاملون في مجال التعليم الذين يقاومون تسييس النظام التعليمي أعمالاً انتقامية شديدة، تشمل الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري. وعلاوة على ذلك، فمن الأمور المثيرة للقلق ما يلاحظ من أن الحوثيين ينتجون الألغام الأرضية محليا، حيث يستخدمون آليات تفجير محددة لزيادة احتمال وقوع أضرار بشرية. وقد أصبح إبطال مفعول الألغام الأرضية أكثر خطورة بالنسبة لعمال إزالة الألغام، لا سيما وأن الحوثيين لا يتبعون خطة تزرع الألغام..
ويجب معالجة هذه الانتهاكات السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية المتشابكة على نحو شامل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news