محمد احمد بالفخر:
في الأسبوع الماضي كانت وقفتي الأولى مع كتاب أوراق فيدرالية للدكتور متعب بازياد وقد كانت نبذة التعريف بالكاتب قد أخذت معظم المساحة وكانت ضرورة لابد منها للتعريف بالكتاب،
وكالعادة تلقيت الكثير من الردود منها الملاحظات الإيجابية ومنها الانتقادات السلبية أيضاً، وكانت بعض الردود بمثابة مقال كامل بحد ذاته، وبعضها من شخصيات أكاديمية قد نرجع لبعضها إن شاء الله، وأمّا ردود مثقفي (قهوة الكَذَبْ) فهي مجرد إهدار لوقت كاتبها والذي كان بإمكانه أن يجعله فيما يفيد، إلاّ إن كانت تلك الردود تحسب له كنقاط عند من يوجهه بها وبالتالي سيجد من خلالها دريهمات معدودات تُنمّي من رصيده المادي لتعينه على بعض المتطلبات الدنيوية الزائلة فليكتب ما يشاء،
وما با يهزك ريح يا هذا الجبل
ولا العواصف والرعود ما با يهزك ريح.
والسؤال الذي طرحته لماذا الدولة الاتحادية؟
والجواب معروف لدى الجميع أن معظم الإشكاليات التي تعرضت لها البلاد اليمنية في مختلف العصور كما يقول الدكتور متعب (كان مبعثها نزعة التفرد في الحكم والإمعان في إقصاء الرأي الآخر واستبعاد الشريك في الوطن وهضم حقوق الأقل شوكة وغياب العدل وقيم المساواة ومبدأ المواطنة المتساوية).
وهنا يتجسد تسلط الحكم المركزي وهيمنته على كل مفاصل الدولة وإمكانياتها وصناعة القرار فيها وتغييب كلي للمناطق الأخرى مهما كان ثقلها الاجتماعي والتاريخي ناهيك عن المساحة والثروة.
وإذا نظرنا إلى كثير من بلدان العالم والتي حققت الكثير من النجاحات في السياسة والاقتصاد وكافة المجالات الأخرى وصار لها حضوراً مميزاً أفضل من غيرها نجد أن نظام الحكم الاتحادي كان هو العلامة الفارقة.
ولهذا نقولها مراراً وتكراراً أنّ الاتحاد هو الأفضل وسيبقى كذلك.
فالاتحاد بمعناه وأهدافه السامية يعطي الشعور الحسي والمعنوي للمواطنين أنّهم جميعاً شركاء في الوطن شركاء في ادارته شركاء في تنميته شركاء في الدفاع عنه كُلٌ من موقعه ومن مسؤوليته ويصبح المثال المعروف (الاتحاد قوة) يتجسّد حقيقة على أرض الواقع ويشعر الجميع أنهم مسؤولون عن هذا الاتحاد والحفاظ عليه لأنهم جميعاً يجدون العدالة والمواطنة المتساوية والتوزيع العادل للثروة ولا فرق بين هذا أو ذاك فالكل امام القانون سواء.
ومن تابع جلسات مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقِدَ في صنعاء بعد تولي الرئيس السابق عبدربه منصور هادي مقاليد الحكم يجد أن التباينات على مدار سنة تقريباً كانت كثيرة وكبيرة حول شكل الدولة وطريقة الخروج من الأزمة السياسية الطاحنة ولكن نقول أن معظم المشاركين قد اقتنعوا أن شكل الدولة الاتحادية بأقاليمها الستة هو الشكل الأسلم لتجربة جديدة يتم من خلالها الحفاظ على الكيان الوطني الواحد،
وإن كان هناك بعض الاعتراضات من بعض ممثلي المكونات السياسية التي كانت مطالبهم تتمحور حول يمن اتحادي من اقليمين فقط لأهداف بعيدة المدى لا تخفى على أحد، لكن الإجماع حينها قد استقر على الأقاليم الستة، ويُشهد لشخصيات سياسية كبيرة دورها الإيجابي والوطني الكبير في صياغة وبلورة هذا المشروع لحدسها واستشرافها للبعد المستقبلي وعلى راسهم الدكتور أحمد عبيد بن دغر وعدد من الشخصيات والقيادات الحزبية المتعددة.
وفي الحقيقة لو كانت العزيمة قوية وكما قال الشاعر الكندي العظيم أبو الطيب المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
لتمت المسارعة بتنفيذ مشروع الأقاليم الستة ولرفعت المعاناة حينها عن المواطن وشعر عن قرب بأهمية المشروع الاتحادي ولمس فوائده الجمّة ولدافع عنه باستماته ولما حصل الانقلاب على الدولة وشرعيتها.
وما حصل من رفض بعض القوى للمشروع الاتحادي يذكرنا بالرفض القديم من قبل الإمام يحيى حميد الدين قبل مائة عام عندما رفض المشروع الذي قدمه له الرحالة التونسي العروبي عزيز الثعالبي رحمه الله بعد أن زاره في صنعاء بعد أن زار قبلها سلاطين حضرموت وبعض حكام الولايات الجنوبية وأخبره عن عدم ممانعتهم الدخول في شكل من اشكال الكونفدرالية مع صنعاء كانجذاب فطري نحو الأخ في الدين واللسان والجار في الجغرافيا والشريك في المصالح ومن ناحية استراتيجية تأسيس لتعايش دائم في المنطقة أكثر رسوخاً لكن الإمام يحيى لم تكن لديه رؤية لحاضره ناهيك عن المستقبل.
وهاهم اتباعه يسيرون على نهجه وان اختلفت الوسائل، ولكن بالاتحاد سينهض اليمن من جديد.
* نقلاً عن موقع الغد اليمني
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news