الجنوب اليمني: خاص
في ظل تواصل انهيار العملة اليمنية بصورة يومية، وصل الريال اليمني إلى أدنى مستوياته، حيث سجل 2050 ريالا للدولار الواحد و535 ريالا للريال السعودي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية. هذا التدهور يعمق الأزمة الإنسانية، والتي تعدّ واحدة من أخطر الأزمات العالمية، مع استحالة تلبية المواطن احتياجاته الأساسية في ظل انعدام فرص الدخل وارتفاع الأسعار.
وبينما يعاني الشعب من الفقر المدقع، يستمر الثراء غير المشروع للأطراف المستفيدة من الصراع، في وقت تتقلص فيه التدخلات الإنسانية. فقد شهدت البلاد خلال العامين الأخيرين تراجعًا كبيرًا في عمليات الإغاثة، وأصبحت منسية في أجندة الشركاء الدوليين. تبرز تحديات جديدة أمام العمل الإنساني، خاصة مع ازدياد الفساد الذي يشوب بعض المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن.
الفقر المتضاعف
يشير الدكتور إيهاب القرشي، الباحث في الشؤون الاقتصادية والإنسانية، إلى أن الأزمة الإنسانية في اليمن مستمرة منذ نحو 14 عامًا، حيث ساهم انقلاب ميليشيا الحوثي عام 2014 في تفاقم الفقر في البلاد. وأوضح القرشي أن التدهور الاقتصادي الذي شهده اليمن أدى إلى انهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، ما صاحبه انخفاض كبير في مدخرات المواطنين ودخولهم، إلى جانب تراجع فرص العمل وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما جعل من تدهور العملة إطارًا عامًا للوضع الاقتصادي المتدهور.
ويوضح القرشي أن تدهور الأوضاع الاقتصادية انعكس على حياة المواطنين بشكل كبير. ففي الفترة بين عامي 2000 و2014، كانت سلة الإنفاق الدنيا – التي تشمل الغذاء والماء والمواصلات والغاز – تقدر بنحو 65,000 ريال شهريًا. أما الآن، فقد تجاوزت تكلفة هذه السلة 380,000 ريال شهريًا، وهو ما يعجز المواطنون عن توفيره، خاصة في ظل تدني المرتبات التي قد لا يتقاضونها بانتظام. ويستدل القرشي برواتب الأكاديميين في الجامعات التي لا تتعدى 260,000 ريال في حالة صرفها، متسائلًا عن حال المواطن العادي أو المزارع أو المعلم، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، حيث توقفت الرواتب منذ سنوات.
ويضيف القرشي أن تردي الوضع المعيشي جعل البقاء على قيد الحياة شبه مستحيل بالنسبة لكثير من المواطنين، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حالات الانتحار بين المتعلمين وموظفي الدولة، خصوصًا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
تحركات إعلامية دون حلول جذرية
من جانبه، يرى الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري أن تحركات الحكومة لم تتجاوز نطاق الإعلام، موضحًا أن هذه التحركات تفتقر إلى تشخيص واضح للمشكلة الاقتصادية. ويشير إلى أن غياب الموارد وغياب الرقابة وتفاقم الفساد هي جزء من مشكلة انهيار الدولة، التي لم تعد تملك البنية المؤسسية اللازمة للتصدي للأزمة الاقتصادية الحالية.
ويتابع الداعري موضحًا أن الحكومة تتعامل مع الأزمة من منطلق أمني أو عسكري، في إشارة إلى لقاءات رئيس المجلس الرئاسي باللجنة الأمنية، ما يعتبره محاولة لعسكرة الاقتصاد بدلًا من إيجاد حلول اقتصادية فعلية. كما أشار إلى أن الاجتماعات مع محافظ البنك المركزي ورئيس المجلس الاقتصادي الأعلى، وغياب التنسيق مع وزير المالية ورئيس لجنة الموارد، تؤكد حالة التخبط وغياب الرؤية الاستراتيجية في مواجهة الأزمة الاقتصادية.
وفي إشارة إلى لقاءات الحكومة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، يعتقد الداعري أن هذه اللقاءات لا تعدو عن كونها محاولات إعلامية تهدف إلى تهدئة السوق، لكنها لا تحمل حلولًا فعلية ولا تقدم تطورات ملموسة في ملف الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news