برزت مؤخرًا الكثير من التصريحات التي أطلقتها القيادات التابعة ل، ولوّحت من خلالها بـ"فزاعة" احتمالية تعرض محافظة الحديدة الخاضعة لسيطرتها، لغزو برّي أمريكي، مستندين بذلك على تسريبات -وفق قولهم- إنها تكشف عن مساع أمريكية، لتنفيذ غزو بري للمحافظة الواقعة شمال غرب البلاد.
وتستمد محافظة الحديدة، أهميتها، كونها تطلّ بشكل مباشر على ضفاف البحر الأحمر. وتستغل ميليشيا الحوثي ذلك، لتحولها إلى نقطة انطلاق لصواريخها ومسيّراتها، التي تستهدف من خلالها سفن الشحن التجارية، وتعدّ مركزاً استراتيجياً رئيساً، تنفذ عبره تهديداتها للملاحة الدولية.
ويرى خبراء عسكريون ومراقبون سياسيون يمنيون أن "تلويح الحوثيين باحتمالية تعرض الحديدة لغزو أمريكي، لا يعدو كونه نغمة جديدة تحاول من خلالها هذه الميليشيا تبرير إجرامها بحق اليمنيين، فضلًا عن حشد المزيد من القوات باتجاه مواصلة حربها على المستوى المحلي والإقليمي".
كما أضاف مراقبون أن "لجوء الحوثيين لترديد هذه الأسطوانة، هدفه خلق تبرير يحفظ لها ماء وجهها أمام أنصارها، لما هو محتمل من قرارات مقبلة ربما تتخذها، والتي قد تأتي في سياق التمهيد لإعلان توقفها عن استهداف الملاحة الدولية وتهديد التجارة البحرية".
ويرى الخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية العميد ثابت حسين، أن "حديث الحوثيين الآن عن هجوم محتمل أو عن غزو بري أمريكي محتمل للحديدة، مرده إلى يأسهم من تحقيق ما وعدوا به أنصارهم، فلا هم نصروا غزة، ولا حققوا ما يسمونها بالسيادة الوطنية".
وأضاف حسين، في حديثه لـ"إرم نيوز": من ثم ربما يهيئون الرأي العام، لإعلان التوقف عن أعمالهم الصبيانية، سواءً ما يسمونه بمهاجمة إسرائيل أو مهاجمة السفن والملاحة الدولية في البحر الأحمر، ليصوروا لأنصارهم بأنهم مضطرون للتوقف، لوجود خطر قد يداهم الحديدة، ويجب الاستعداد للتصدي له، هذا من ناحية؛ أما من الناحية الثانية، وفقاً لحسين، ربما أعتقد أن يكون هناك تحرك أيضًا من ضمن التوجهات الدولية والإقليمية لتحريك الجبهات المناهضة للحوثيين، كـ قوات الساحل الغربي مثلًا، أن يتم تحريكهم باتجاه تحرير الحديدة مرة أخرى للضغط على الحوثيين".
وأشار حسين، إلى أنه "من المعروف أن ميليشيا الحوثيين كانت قاب قوسين أو أدنى من تجرع هزيمة قاسية عندما كانت قد وصلت القوات الجنوبية والمشتركة إلى الحديدة، ولولا اتفاق ستوكهولم لكان وضع الحوثيين اليوم أسوأ بكثير ولربما قد استسلموا".
ولفت حسين إلى أنه: "من الممكن قراءة حديث الحوثيين عن غزو أمريكي محتمل للحديدة، في إطار قراءتهم لهذه المستجدات والتطورات". منوهًا في سياق حديثه، إلى أن "هناك أشهراً حاسمة بالنسبة للولايات المتحدة، تفصل بين الرئاستين السابقة (الحالية) والجديدة (القادمة)، وكل منهما تريد توظيف هذا الملف لتحقيق نقاط في السباق الرئاسي".
من جهته، قال المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي العميد محمد الكميم: "دأبت ميليشيا الحوثي أن تجد أي مبرر وأي سبب لتظهر لليمنيين أو للذين يقطنون في مناطق سيطرتها، أنها تواجه مؤامرات كونية ومؤامرات عالمية، وأن أمريكا والصهيونية وبريطانيا، كلهم ضدها".
وأضاف الكميم: "ما هذه التصريحات، سوى مجرد (شماعات) تعلق عليها هذه الميليشيات، تهربها من مشاكلها الداخلية، والتهرب من سخط الناس".
وذكر الكميم، في سياق حديثه لـ"إرم نيوز" أن "الأهم من ذلك أنها تسعى للحشد وتعبئة الناس للقتال في الجبهات، فقد رفعت مؤخرًا جميع النقاط العسكرية المتواجدة داخل مناطقها، حيث تعمل على حشّد وتعزيز قواتها للجبهات في الساحل الغربي وفي تعز، وقد بدأت بالفعل بمهاجمة بعض الجبهات في تلك النواحي".
وتابع الكميم: "بالتالي نُدرك أن الحوثيين يُطلقون هذه الذرائع وهذه المبررات، للحشد وتعبئة الناس للقتال استمرارًا في مواصلة حروبها الداخلية".
وبيّن الكميم "نعلم أن أمريكا هي الراعية للحوثي وهي من أوقفت معارك الحديدة، بعد أن كانت على وشك دحرهم منها واستعادة السلطة الشرعية السيطرة عليها بالكامل، كما أنها هي من أوقفت معارك اليمن بشكل عام، سواء في فرضة نهم أو في الساحل الغربي وكذلك في الجنوب، ولذلك شماعة أمريكا أصبحت شماعة بالية".
وأردف الكميم: "حتى مع الضربات الأمريكية التي استخدمت فيها قاذفات (B-2)، ما زلنا نُدرك أن الولايات المتحدة، مازالت تُحافظ على هذا الكيان لمصالح قومية عُليا خاصة بها، وأنها لا تريد سوى تقليص استخدامه للأسلحة، بحيث يلعب الحوثي في إطار قواعد الاشتباك المحدودة وفي إطار الملعب المسموح له اللعب فيه، بحيث لا يتجاوز حدوده المرسومة".
إلى ذلك، يرى المحلل والباحث السياسي فؤاد مسعد، إن: "خطاب الحوثيين هو جزء من الخطاب السياسي الإيراني، الذي يقوم على محاولات الكسب واستعطاف الرأي العام من خلال تقديم أنفسهم كمدافعين أو ضحايا".
وأضاف مسعد: "فيما يتعلق بدعاوى احتمال الغزو الأمريكي للحديدة، فهو يندرج ضمن هذه الخطابات، محاولين بذلك البحث عن مبررات لاستمرار الجرائم والانتهاكات بحق اليمنيين، وكذلك استمرار تهديد وابتزاز حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر".
وتابع مسعد، حديثه لـ"إرم نيوز" بقوله إن "الهروب من القضايا والتحديات التي تحاصرهم في مناطق سيطرتهم، سواء ما يتصل بالقمع والاعتقالات التعسفية والاختطافات، أو ما يتصل بالأوضاع المعيشية القاسية التي يعانيها ملايين المواطنين، بسبب حرب الحوثيين وإدارتهم السيئة".
وختم مسعد، بقوله إن "هذه الدعاوى تأتي مقدمة للهروب من التزامات الحوثيين تجاه الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لحرب ظالمة من الجيش الإسرائيلي، وطالما زعم الحوثيون أنهم يساندون فلسطين، فهي مجرد شعارات لتضليل الرأي العام".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news