تحوّلت الاحتجاجات المطلبية للقبائل المحلية في محافظة حضرموت والتي انطلقت بادئ الأمر بهدف الضغط على الحكومة اليمنية لأجل تحسين الأوضاع المعيشية والخدمية لسكان المحافظة إلى وضع شاذ أصبحت من خلاله القبائل ذاتها بمثابة سلطة موازية للشرعية اليمنية انتزعت منها اختصاصها في التحكّم بالثروات الباطنية من نفط ومعادن.
وباتت القبائل التي أعلنت في أغسطس الماضي التحرّك صوب منابع النفط في حضرموت والسيطرة عليها بقوّة السلاح، عمليا صاحبة القرار بشأن نقل كميات الخام والمعادن من مواطن استخراجها إلى مناطق أخرى في المحافظة لتحويلها أو باتّجاه محافظات مجاورة أو تصديرها إلى الخارج.
وذكر الإعلام التابع لحلف قبائل حضرموت الذي يقود تلك الاحتجاجات ويؤطّرها أن القيادة الأمنية للحلف وجهت بالسماح لمرور شاحنات وصهاريج محملة بمادة البترول من نقطة غرب المكلا بعد أن تم التأكد من أنّ ملكيتها تعود لأحد التجار.
وأوقفت نقاط تفتيش مسلّحة أقامها حلف قبائل حضرموت غربي مدينة المكلا مركز المحافظة ناقلات النفط والمعادن وذلك تنفيذا لقرار الحلف بالسيطرة على الثروة النفطية ووقف ما يقول إنّه عمليات تهريب منظمة لثروات حضرموت النفطية والمعدنية.
وبدأ الحلف باستخدام مختصين بفحص طبيعة المواد المنقولة والتأكد من سلامة الوثائق المتعلقة باستخراجها ونقلها وتسويقها والوجهة التي تتجه صوبها تلك المواد.
ونقل منشور في الصفحة الرسمية لحلف القبائل على موقع فيسبوك الاثنين عن “مصدر مسؤول” في الحلف قوله “وجهت القيادة الأمنية لحلف قبائل حضرموت بالسماح لمرور الناقلات المحملة بمادة البترول المتوقفة في نقطة غرب المكلا بعد أن تم التأكد أنها ملكية خاصة بأحد التجار متجهة إلى محافظة مأرب”.
وتراقب نقاط تفتيش الحلف أيضا حركة المعادن، وقامت قبل أيام بوقف قافلة شاحنات كانت محمّلة بمواد اعتقد المسؤولون على تلك النقاط بادئ الأمر أنّها خام أحد المعادن الثمينة، ليتبّين بعد ذلك أنّها مجرّد شحنة جبس.
وتبعا لذلك، أصدر “الفريق المختص لحلف قبائل حضرموت لمعاينة ومراقبة الثروات المعدنية” بيانا توضيحيا قال فيه إنّه “بعد معاينة الشاحنات المحملة بكميات من الأحجار تم فحص الشحنة من قبل الجيولوجي المختص في الفريق، واتضح أن الحمولة عبارة عن خام الجبس. وجرت مطابقة تصاريح العمل في محجر الغبر بغيضة البهيش والأوراق التي بحوزة المستثمر”.
وأضاف بعد مطابقة كل ذلك “مع قانون المناجم والمحاجر بحسب إفادة القانوني المختص، أعطي الأذن بالمرور المؤقت للشحنة حتى يستوفي المستثمر ما عليه لمنطقة الامتياز من تنمية محلية تخص المنطقة، على أن يستكمل كل الأوراق التي تتعلق بالمستندات المالية والإيرادات المالية المستحقة للمحافظة وفقا لحجم الاستثمارات”.
كما حدّد البيان فريق حلف قبائل حضرموت كجهة مسؤولة يتحتّم على المستثمر المذكور بيان سلامة موقفه أمامها. ويدفع حلف قبائل حضرموت بالتدريج نحو تسويق نفسه كصاحب الامتياز الوحيد في التحكّم في الثروات الباطنية بحضرموت واستغلالها وتسويقها وصولا إلى تحديد أسعارها.
وأعلن في وقت سابق عدم ممانعته لتزويد السوق المحلية ومحطات الوقود بالكميات الكافية من مادة الديزل المنتج من شركة بترومسيلة شريطة أن يباع للمواطن بـ700 ريال للتر الواحد كسعر ثابت.
وقال الحلف في بيان إن القرار هدفه أن “ينعم المواطن بشيء من خيرات بلاده والتخفيف من معاناته، ولما لذلك من انعكاسات إيجابية على المجتمع”. وجاء ذلك ردّا على قرار الشركة المذكورة برفع سعر مادة الديزل.
وفي وقت لاحق اضطرت التحرّكات القبلية الشركة المملوكة للدولة اليمنية إلى الإعلان عن إيقاف وحدة تقطير الديزل التي يُخصص جزء من إنتاجها لتزويد محطات توليد الكهرباء في محافظة حضرموت.
وقالت الشركة، وهي كبرى الشركات المنتجة للنفط باليمن، في خطاب وجهته في وقت سابق إلى شركة النفط اليمنية والمؤسسة العامة للكهرباء في ساحل ووادي حضرموت، إن الإيقاف يعود “لظروف قاهرة”.
وأفادت في بيان بأنها تقوم بتغطية تكاليف الإنتاج والمعالجة والتكرير إلى جانب تشغيل محطة وادي حضرموت الغازية، وهي تكاليف مالية طائلة معظم مدخلاتها يتم استيرادها بالعملة الصعبة وتشمل المواد الكيميائية وقطع الغيار والمستلزمات الأخرى.
وتوقّفت دوائر سياسية وإعلامية يمنية عند موقف الشرعية اليمنية من سلب اختصاصاتها من قبل حلف قبائل حضرموت واستغربت ما وصفته بسلبيتها واستسلامها للأمر الواقع.
وذهب البعض حدّ اتهام السلطة بالتواطؤ مع القبائل على تحويل حضرموت إلى كيان مناطقي مستقل بقراره وبموارده المالية بهدف تحجيم نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي داخلها ودفعه إلى اليأس من جعل المحافظة الثرية بمواردها الطبيعية جزءا من دولة الجنوب المستقلة التي يسعى لاستعادتها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news