ما حدث في أكتوبر من العام المنصرم هو أمر وضع كل القوى الاقليمية – عدا إسرائيل- عند حدود قدراتها السياسية والاقتصادية، بل والعسكرية والجيوسياسية لإيران على وجه التحديد.
عندما أقول القوى الاقليمية فاني أقصد بذلك تركيا والسعودية والإمارات وقطر ومصر بالاضافة إلى إيران.
وحدها القوة الغاشمة هي السيد في هذه المرحلة وليست بيد طرف غير الكيان المطلق اليدين والمتخفف من أي ثقل أو كوابح قانونية أو سياسية.
تشير المعادلة قيد الرسم إلى الكيان يتحول إلى السيد المطلق للمنطقة. وعلى ضوء هذه المعادلة كيف يمكن تصور نهضة أو تنمية أو تحول القوة ؟
هذه امر يتجاوز القضية الفلسطينية عينها نحو مصير المنطقة برمتها. خلال عام جرب الكيان تجاوز كل الخطوط الحمراء التي ترسم العلاقات الدولية والنظام الدولي التي تأسس قبل أقل من قرن من الزمان.
وهذا سيغريه إلى الذهاب أبعد. إن غرور القوة لا حدود له.
بعيدًا عن الأساطير التي تتحكم بالمشهد والتي تقود المتشددين من كل صنف خصوصًا داخل الكيان المسكون بأوهام التاريخ والخرافات أكثر من غيره مع فارق الحصول إلى آخر صرخات التكنولوجيا ومعامل العلوم، ما الذي يمنع الكيان من التوسع والذهاب بعيدًا في اخضاع المحيطين به لرغباته والتمدد واستعمال آلة النار بكامل قوتها؟ لقد جرب مرة ولم يحدث غير فوزه.
منذ عام ودول عربية – السعودية ومصر والأردن وقطر- تعمل بشكل حثيث لتفادي حصول نكبة أخرى واحتواء المشهد بطرق سياسية ودبلوماسية.
إلى الان نجحت في رفض التهجير علّ الكارثة تكون اخف ولا تمحى القضية الفلسطينية.
مع هذا لم تتمكن وقف الة القتل المخيفة وأمام عيون الجميع سحق القطاع وهي هي لبنان تلحق في الطريق.
انخرطت هذه الدول في جهود كبيرة غير مسبوقة وبأقل ضجيج لصالح القضية الفسطينية لكن الأمر أكبر من قدرتها في هذه المرحلة.
ربما وصلت هذه الدول إلى قناعة انه لا سلام مع كيان تسيّره الأوهام الدينية والتاريخية والقوة المطلقة. وأن تطلعات التنمية محاصرة جدًا.
هل رأيتم كيف يتعامل رئيس حكومة الكيان مع دول عظمى وكيف يسكت رؤساءها واحدًا تلو الآخر. فيما لو قال احدهم قولاً لِكبح الحرب يخر اليوم التالي يقدم الاعتذار. فما هي الدول العربية امام هذه العجرفة التي تركع لها دول كبرى؟.
ربما الحقيقة الأخرى هي أن البناء العمودي للتنمية بشكل فردي لكل قطر عربي لن يحقق الاستقرار المأمول والنجاة المتوهمة. لا بد من رفد هذه الخطوات الجيدة والمطلوبة في تحقيق التنمية والنهوض الاقتصادي في بعض بلدان المشرق بتنمية أفقية عابرة للأقطار العربية الأخرى لتكوين تكتل تنموي يحمي من تغولات القوى المطلقة والعجرفة.
بل أنه لا يمكن الانفصال عن القضية الفلسطينية لان كل يوم يمر يثبت أنها أعمق من مسألة يمكن حصرها بصراع فلسطيني مع الكيان ويمكن المساومة بها مقابل تحقيق تنمية وخطف عوامل القوة.
لأن المسألة تبدو أنها مشروطة بشكل مهين.
إلان ان تحقيق تنمية أفقية عابرة للأوطان ليست سهلة طالما معظم البلدان تعاني من انقسامات وحروب داخلية وتدخلات إيرانية تفت من عضد الأوطان.
لا بد من تجاوز الانقسام بين محوري ممانعة وغير ممانعة نحو بناء جدار صد أساسه تنموي ووحدة الهدف. كما لا ينبغي تجاهل أن التنمية تحتاج استقرارًا سياسيًا يقوم على التوافق والمشاركة وحد أدنى من دولة القانون والحريات.
الخطوة القادمة هي تعزيز البناء المؤسسي داخل الدول المتضعضعة وتحجيم الميليشيات التي أثبتت أنها مصدر خراب وليست عامل مجابهة بقدر ما تقتل أبناء شعبها وتفوت فرص التنمية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news