تحليل: إصلاح مجلس القيادة الرئاسي

     
خطوط برس             عدد المشاهدات : 167 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تحليل: إصلاح مجلس القيادة الرئاسي

جاء انهيار نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح وما تلاه من سلسلة أحداث أدت إلى انزلاق البلاد إلى حرب أهلية لا مفر منها، نتيجة ثلاثة عوامل أساسية: أولا، غياب تمثيل مناسب للقوى السياسية الرئيسية والمكونات الاجتماعية في اليمن. فبعد انتصار صالح على الحزب الاشتراكي في الحرب الأهلية عام 1994، تركزت السلطة بيد دائرته المقربة مما أدى إلى إقصاء وتهميش القوى السياسية الأخرى في البلاد، وبحلول منتصف عام 2000، طال ذلك حتى أقرب حلفائه “علي محسن الأحمر”. أدى غياب التمثيل الشامل إلى اندلاع احتجاجات في جنوب البلاد ونشوب سلسلة من الحروب في صعدة مع جماعة الحوثيين.

العامل الثاني كان افتقار الحكومة إلى الفعالية والقدرة على الاستجابة والتفاعل، حيث تم تقويض عملية بناء الدولة من قبل النخب الفاسدة التي لم تدخر جهداً من أجل ضمان بقاء الوضع كما هو عليه. ضاعت العديد من الفرص بسبب معارضة الإصلاحات وخُطط البناء المؤسسي، كَاعتماد لوائح داخلية للكيانات الحكومية وإعداد وصف وظيفي للوظائف العمومية. بالتالي، يمكن القول بأن انعدام كفاءة الحكومة الحالية، والذي تفاقم نتيجة التوجيهات المتضاربة من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، تعود جذوره إلى الإرث الثقيل لهذا النظام السياسي.

أما العامل الثالث لفشل الدولة – وربما الأبرز – فهو الغياب شبه الكامل للرقابة والمساءلة الفعّالتين داخل النظام. فقد تم فعلياً تقويض البنية المؤسسية الرسمية المعنية بالمساءَلة – أي البرلمان، والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، ونيابة الأموال العامة، وكذلك الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد التي كانت تمثل آلية إضافية لممارسة الرقابة – من خلال تركيز السلطة في يد الرئيس ودائرته الداخلية المقربة. بالتالي، أصبح الفساد والمحسوبية أدوات عملية للحفاظ على النظام والانضباط.

كان لا بد من التعامل مع هذه العوامل الرئيسية لفشل الدولة، وبالتالي، طُرح خلال السنوات الأولى من الحرب الجارية مفهوم القيادة الجماعية كحلّ لضمان التمثيل المناسب، وتعزيز فعالية الحكومة والمساءلة. استندت صيغة القيادة الجماعية إلى سوابق تاريخية في نظام الحُكم في اليمن، واسترشدت بدستور الجمهورية اليمنية الصادر عام 1991 والدستور الدائم للجمهورية العربية اليمنية (سابقاً) الصادر عام 1970، حيث يسمح كلاهما بنموذج قيادة جماعية وإسناد واضح للسلطة التنفيذية للحكومة – أي مجلس رئاسي للجمهورية اليمنية، ومجلس جمهوري للجمهورية العربية اليمنية (سابقاً).

لم تؤدِ الحرب الجارية إلى تفكيك البلاد سياسياً فحسب بل أيضا على أساس الهوية المناطقية، وهو ما دفع الخبراء اليمنيين إلى النظر في فكرة وجود مجلس رئاسي مُوسّع لا يُمثل القوى الرئيسية المسنودة بأذرع مسلحة فحسب، بل أيضا الأحزاب السياسية والسلطات المحلية. 

بيد أن معظم الأحزاب السياسية اليمنية نشأت وتطورت في العاصمة ورُوّضت من قبل النظام بحيث أصبحت قياداتها مُرتهنة للامتيازات التي تأتي نتيجة التقارب مع السلطة الحاكمة. أصبح التفاوض على تقاسم السلطة الشغل الشاغل للأحزاب، لُتؤخذ على حين غرة باندلاع انتفاضة الشباب في أوائل عام 2011. بحلول تلك الفترة، لم تعد تلك الأحزاب تحظى بثقة الشعب اليمني كَممثلة لهم، خاصة في الجنوب وأقصى الشمال؛ وباتت هناك حاجة إلى تمثيل جديد.

تتمتع المجالس المحلية على مستوى المحافظات بقدرة أكبر على فهم القضايا المحلية وبالتالي تحظى بأفضلية لتمثيل الشعب. من هنا، يُمكن تعزيز دور المجالس المحلية في شمال البلاد وجنوبها، كإحدى الصيغ الممكنة لضمان تمثيل حقيقي، على أن تتولى تلك المجالس انتخاب ممثلين سياسيين كأعضاء في مجلس قيادة رئاسي.

قد يرى البعض أن وجود مجلس رئاسي مُوسّع سيكون معقداً وغير قادر على الاتفاق على المسائل العاجلة لإدارة أمور الدولة، لكنه موضوع قابل للنقاش بالنظر إلى أن السلطة التنفيذية تُسند لمجلس الوزراء وفقا لدستور عام 1991. وبالتالي، يمكن أن يقتصر دور مجلس القيادة الرئاسي على الاتفاق على التوجيهات المتعلقة بالمبادئ العامة لسياسة الدولة واستراتيجيات الدفاع الوطني والسياسة الخارجية، على أن تُترك للحكومة مهمة التعامل مع تفاصيل تنفيذها.

وعليه، من المُهم اعتماد معايير أساسية لتعيين أعضاء مجلس الوزراء، كَالنزاهة والكفاءة، وألا تسعى العملية لِتمثيل سياسي فقط. في هذا النوع من الترتيب، سيظل مجلس الوزراء تحت إشراف مجلس القيادة الرئاسي، وبما أن الأخير سَيتمتع بسلطة تنفيذية محدودة، فسيكون أكثر ميلا إلى فرض معايير النزاهة والفعالية على مجلس الوزراء. كما سَيفي هذا النموذج بالركائز الرئيسية الثلاث التي تشكل جزءا لا يتجزأ من أي نظام سياسي ناجح، أي: التمثيل، والفعالية، والمساءلة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

خالد سلمان يكشف عن زلزال عسكري قادم نحو تعز والبيضاء.. وساعات لحسم مصير محور الجبولي

نافذة اليمن | 698 قراءة 

اليمن مات. وهذا ما سيحلّ مكانه!

الوطن العدنية | 650 قراءة 

عودة علي سالم البيض إلى عدن بعد سنوات من الغياب.. ورسالة برلمانية حول الوحدة اليمنية

نيوز لاين | 618 قراءة 

عملية استباقية نوعية لشرطة مأرب.. اعتقال قيادي حوثي كُلف بإدارة الخلايا الإرهابية خلفاً للقيادي المعتقل “أحمد قطران”

بران برس | 508 قراءة 

اول ضربة جوية على قوات الانتقالي بوادي حضرموت (تفاصيل)

مراقبون برس | 494 قراءة 

إعلان رسمي: أول مدينة في اليمن تحظر السلاح وتتوعد المخالفين بالعقوبات

نيوز لاين | 473 قراءة 

هل تستخدم السعودية القوة لإخراج قوات الانتقالي من حضرموت والمهرة؟

الوطن العدنية | 465 قراءة 

منفذ الوديعة يفرض شرطاً جديداً على المغتربين اليمنيين

المشهد اليمني | 391 قراءة 

هل اكتشفت الرياض أن قوات الدرع التي بنتها غير جاهزة للمواجهة؟

الوطن العدنية | 345 قراءة 

باسندوة: أتمنى الموت قبل أن أرى تقسيم اليمن

قناة المهرية | 275 قراءة