محمد المسبحي
إذا كنت مثلي تعيش في عدن حيث قائد برتبة عميد يمكنه ان ياخذ معه مجموعة مسلحة من المرافقين ليتجول في شوارع المدينة الضيقة ، وينظر بعين الرضا الى حالة التعجب التي ترتسم على وجوه المواطنين الشاحبة .. فانت حتما ستشعر بالأسى وانت ترى رئيس وزراء هولندا الذي ودع المنصب قبل اشهر، يخرح من مقر رئاسة الوزراء ليستقل درجاته الهوائية عابرا عشرات الحضور في الشارع.
ياترى هل ستشعر بالاسى مثلي او تضحك على رئيس وزراء يرفض ان ترافقه عشرات السيارات المصفحة مع افواج من المرافقين.
اعلم أنّ الأحزاب والمكونات السياسية ستضعني في خانة الخونة المتآمرين، ولكن اسمحوا لي أن أواصل حكايتي، فرئيس الوزراء الهولندي خرج من باب الوزارة بعد ان خسر في الانتخابات، لم يمول حملة اعلامية على رئيس الوزراء الحالي، ولا ترك في رئاسة الوزراء مجموعه تعطل اعمال رئيس الوزراء الحالي .. فقط ركب دراجته ومضى .. هولندا التي لا تحمل سجلاً تاريخياً يضم حكايات اصل العروبة، لكنها اليوم واحدة من أثرى البلدان، فمن منا لا يعرف الشخصية الهولندية لاعب كرة القدم يوهان كرويف.. وكذلك جيرارد فيليبس مؤسس الشركة الشهيرة للصناعات الكهربائية، والذي سيطرت عليه عام 1891 فكرة واحدة فقط هي كيف يحقق حلم أديسون في تصنيع مصباح كهربائي، وهو الاختراع الذي أشاع البهجة والمعرفة والسرور في كل بيوت الكرة الأرضية بمختلف ديانات سكانها وألوانهم وقومياتهم باستثناء بيوت اهالي عدن، ولم يكتف جيرارد بذلك بل سحرنا بالراديو رمز الحرية الفكرية وركن الديمقراطية وفاضح كل أسرار الدنيا.
اليوم نسمع في نشرات الأخبار، لا في راديو فيليبس، أن هولندا لم تعد تصدر الضوء الرياضة والفن فقط، وإنما أيضا نموذجا للمسؤول الذي لا ينشغل بخطب وشعارات فارغة ، وإنما يسعى لاحترام المواطن أيا كانت هويته وطائفته.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news