كتب القصة لـ”يمن ديلي نيوز” – محمد العياشي:
في زقاق الذاكرة، نجد قصصًا مُشرقة عن البطولة والتضحية.
واحدة من هذه القصص تُروى لـ “يمن ديلي نيوز” على لسان نجل المناضل الراحل “صالح محسن عثمان” الذي يحمل بين طيات كلماته فخرًا لا ينضب عن والده الذي وُلد عام 1945 في أحضان أسرة فلاحية بمنطقة “وحدة المعقم” في مديرية بردفان محافظة لحج.
وفق ولده “عبدالله” فإن والده لم يلتحق بالتعليم، لكنه التحق بمدرسة الحياة التي علمته أن الاحتلال نقيض الكرامة والحرية، وأن الحياة عدم في وطن محتل، فقرر النضال والمقاومة لإعادة الحياة لوطنه.
توفي “عثمان” في 2019 عن عمر 75 عام، وإبنه عبد الله صالح محسن الملقب العاقل مساعد اول متقاعد المستوى الدراسي ثامن وزاري قديم. كما يقول عن نفسه.
ترتبط سيرة صالح بنضاله ضد الاستعمار البريطاني، حيث شارك في معارك مُفصلية، منها معركة الحمرة ومعركة الربوع، وكان لمشاركته في معركة بله صدىً عميقا في ذاكرة التاريخ.
“كانت معركة حامية الوطيس” كما يصفها نجله عبدالله، في إشارة إلى بسالة والده.
يقول “عبدالله”: بالرغم من إنجازاته البطولية، قرر والدي الابتعاد عن الأضواء، حيث كانت غايته الوحيدة تحرير الوطن دون أن يطلب شهرة أو مكافآت. وعقب التحرير، عاد إلى مزرعته كفلاح شريف، يعيش حياة الكرامة بعيدًا عن التكريمات.
تتجلى ملامح بطولته في جبال البدوي، تلك المنطقة الاستراتيجية في مديرية ردفان الحبيلين بمحافظة لحج. حيث ساهم صالح في توفير معلومات حيوية للثوار حول تحركات قوات الاحتلال، مما ساعد في تنفيذ عمليات تنسيقية بأمان وفعالية.
وفي لحظة حرجة عقب انطلاق ثورة 14 أكتوبر وسقوط الشهيد الأول، راجح بن غالب لبوزه، اختفى صالح في جبال البدوي مُسلحًا بعزيمته وذخيرته.
وبينما كانت طائرة بريطانية تحلق على ارتفاع منخفض، بعد أيام على اندلاع ثورة 14 أكتوبر، أظهر “صالح محسن عثمان” شجاعة نادرة، حيث وجه بندقيته نحو الطائرة وأصابها بدقة، مما اضطرها للهبوط، مُعيقًا تقدم القوات البريطانية.
تعددت الروايات حول تلك الحادثة التاريخية، ولكن عبدالله يصر على حقيقة واحدة: “الذي أسقط الطائرة هو والدي صالح محسن عثمان”؛ مستفيدًا من موقعه وقدرته الفائقة على التصويب.
وتقول الذكريات إن الطائرة ذات المروحتين سقطت في الشعاب، مُعلنة عن جدل كبير حول سبب سقوطها، حيث أُشيع أنه كان نتيجة خلل فني حسب.
تُعبر هذه الحادثة عن شجاعة صالح في مواجهة قوة استعمارية، باستخدام أسلحة بسيطة لكن بمهارة غير عادية. ورغم اختفائه عن المشهد بعد التحرير، بقيت قصته في قلوب الذين عرفوا قيمته الحقيقية.
سوف تظل بطولات صالح محسن عثمان، رغم تواضعه، مصدر إلهام للأجيال القادمة. فقصته ليست مجرد ذكرى، بل تجسد معاني النبل والتضحية في سبيل وطنٍ يستحق كل غالٍ ونفيس.
مرتبط
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news