ساهمت المرأة اليمنية بشكل فاعل ومؤثر في إشعال ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة في العام 1962م ضد النظام الإمامي البائد في شمال اليمن وثورة الرابع عشر من أكتوبر الخالدة في العام 1963 ضد الاحتلال البريطاني في جنوب الوطن.
وبرز دور المرأة في أحداث الثورتين منذ اللحظات الأولى لاندلاع شرارتهما وذاع صيت عشرات الثائرات اليمنيات في الشمال والجنوب، أمثال كرامة اللقية، وتحفة الشرعبي، دعرة لغضب، وملكة الشيباني، نجوى مكاوي، عائدة علي سعيد، رضية إحسان، وعدد كبير لا يتسع المجال لذكرهن.
“حورية مشهور” واحدة من اليمنيات اللاتي عاصرن أحداث الثورتين وساهمن بشكل أو بآخر في ما تلاهما من أحداث مهمة واستطاعت فيما بعد أن تلعب دورًا في مقارعة المستعمر البريطاني لتكون في ذلك الوقت أصغر ثائرة، مشاركة في النضال الوطني ضد المحتل البريطاني مع باقي قريناتها من فتيات عدن حتى جلاء آخر جندي من جنوده من مدينة عدن في 30 نوفمبر 1967.
موقع “يمن ديلي” أجرى حوارًا صحفيًا مع الوزيرة مشهور من منفاها في إحدى البلدان الأوروبية التي لجأت إليها بعد خروجها من اليمن إثر اندلاع الحرب واستمرار تدهور الأوضاع في البلاد عقب انقلاب جماعة الحوثي الموصوفة إرهابيًا على الدولة الشرعية، وبسطت سيطرتها على العاصمة صنعاء وعدة محافظات بقوة السلاح.
في هذه السطور، تتحدث الوزيرة مشهور في حوار خصت موقع يمن ديلي نيوز به عن العديد من المحاور الرئيسية عن مشاركتها في أحداث ثورة 14 أكتوبر وعن دور المرأة اليمنية في أحداث الثورتين اليمنيتين 26 سبتمبر و14 أكتوبر ضد الاستبداد الإمامي في شمال اليمن وضد الاستعمار البريطاني في جنوبه، وخرجت بالمحصلة التالية:
سيادة الوزيرة، نرحب بك ونحن سعداء جدًا لأننا التقينا بإحدى الثائرات لثورة 14 أكتوبر. نهنئك بقدوم العيد الـ61 لثورة 14 أكتوبر الخالدة، ونبدأ معك بهذا السؤال: ماذا تمثل لك ثورة 14 أكتوبر؟
ثورة الـ14 من أكتوبر تمثل بالنسبة لي وبالنسبة لكافة أبناء الوطن السيادة والتحرر من الاستعمار، فهي ثورة أخرجت البلاد من بوتقة استعمار دام لأكثر من قرن.
كم كان عمرك عند قيام ثورة الـ14 أكتوبر؟
كان عمري حينما قامت الثورة 9 سنوات، وكنت أنا والأطفال الذين هم بنفس سني نلعب في الشوارع ونكره مظاهر المستعمر.
ماذا عن دورك في ثورة الـ14 أكتوبر؟
لم يكن لي دورٌ مهم، جل ما كنا نقوم به هو كتابة الشعارات المطالبة برحيل المستعمر البريطاني على الجدران، أو رمي الجنود الإنجليز بالحجارة حين مرورهم بالقرب من منازلنا.
كونك إحدى ثائرات الـ14 من أكتوبر، ما هي رسالتك اليوم بهذه المناسبة؟
للتصحيح أولاً، أنا لم أنل شرف صفة ثائرة لحداثة سني آنذاك، بل كنت متأثرة بالجو المحيط بي بوالدي وبأخي الأكبر اللذان كان لديهما الوعي والإحساس العربي والقومي تأثراً بما كان يدور في المنطقة العربية من حركات تحرر من الاستعمار.
كيف كان دور المرأة في ذلك الوقت؟ اذكري لنا بعض المواقف؟
المرأة الجنوبية لعبت دورًا مهمًا في الكفاح ضد الاستعمار، من خلال دعم العمل الفدائي، سواء بإيواء الفدائيين أو نقلهم أو إخفاء أسلحتهم، أو في العمل السلمي من خلال المظاهرات والإضرابات أو الكتابات والتعبير عن الرأي لحشد وتثوير وتنوير أبناء وبنات جنوب اليمن.
حبذا لو تشرحي لنا نماذج من النضالات النسوية التي تتذكرينها أو عايشتها وقت الثورة؟
ومن النساء الأوليات اللاتي يُشار إليهن بالبنان في هذا المجال المناضلة دعرة، نجوى مكاوي، عائدة علي سعيد، رضية إحسان، وعدد كبير لا يتسع المجال لذكرهن.
ماذا تعني لك ثورة 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر؟
في هذه المناسبة في الذكرى 61 لثورة أكتوبر، علينا التمسك بقيمها ومبادئها والوفاء لدماء شهدائها في بناء مجتمعات قوية وناهضة تحفظ فيها الحقوق، وتتحقق العدالة، واحترام كرامة الناس وحرياتهم.
وثورة 14 أكتوبر كانت امتدادًا لثورة 26 سبتمبر، حيث انطلقت الأخيرة في عام 1962 ولحقتها ثورة أكتوبر في عام 1963، حيث وفرت ثورة سبتمبر في شمال الوطن الحاضنة اللوجستية لدعم ثورة أكتوبر من خلال تدريب الفدائيين وتوفير كل ما يلزمهم للعمل الفدائي والكفاحي.
أنتِ كمرأة يمنية تدرجتِ في السلم الوظيفي ووصلتِ إلى وزيرة لحقوق الإنسان، هل يمكنكِ سرد بعض من محطات عملك في السلك الحكومي؟
بدأت عملي في قطاع التعليم كمدرسة ثم مديرة مدرسة ومدربة للقيادات التربوية، وبعدها انتقلت للجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، ثم نائبة رئيسة للجنة الوطنية للمرأة، وعملت كمستشارة لتنمية المرأة مع كثير من المنظمات الدولية مثل منظمة أوكسفام والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وصندوق الأمم المتحدة للسكان.
ما هي رسالتك للمرأة اليمنية اليوم في ظل تكرار وجه الإمامة والاستعمار معًا، وإن تغير نمط الصورة فالمقصد هو ذاته؟
رسالتي للمرأة اليمنية هي الدفاع عن حقوقها، وبالتأكيد عن حقوق الإنسان عمومًا، والمضي في طريق الدعوة للسلام حتى تحقيقه، والمساهمة الفاعلة في إعادة بناء الوطن على أسس وثوابت ومبادئ وقيم عادلة تحفظ للجميع حقوقهم وكرامتهم وحرياتهم.
لماذا اضطررتِ للجوء السياسي؟ هل يمكنكِ شرح الحدث؟
اضطررت للجؤ بسبب الانقلاب على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي كانت بمثابة خارطة طريق لتنمية اليمن والنهوض به سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ودخول البلاد في صراع مسلح وعنف غير مسبوق للأسف ما زال مستمراً حتى هذه اللحظة.
وكان لدي استشعار لما يمكن أن يواجه البلاد من تحديات ومآلات كارثية، للأسف لم يعاني منها السياسيون فحسب، بل عانى منها كل مواطن.
ماذا تعني لك الوحدة اليمنية؟
الوحدة اليمنية كانت حلم اليمنيين، وحينما تحققت ابتهج أبناء الوطن من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، ولكن عدم احترام وتنفيذ اتفاقيات الوحدة وما تعاهد عليه شركاء الوحدة جعلها تواجه تحديات خطيرة قبل أن يجف حبرها، وكانت حرب 1994 القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ تركت جروحًا غائرة في جسد الوحدة تفجرت في 2011، واتسعت واستمرت حتى اليوم.
برأيك، ما هو المخرج من الحرب التي تعيشها البلاد حاليًا؟
المخرج من الحرب ربما تساهم في تسريعه التطورات الراهنة في المنطقة، ولكن ينبغي للقوى الوطنية، الفرقاء منهم والشركاء، أن يتقاربوا ويتنازلوا لبعضهم إذا كانوا يريدون أن ينقذوا ما يمكن إنقاذه من وطن تمزق وتشظى، وشعب عانى وتشرد، وتدهورت حياته المعيشية حتى أصبح يُشار لوضعه في التقارير الدولية بأنه يواجه أسوأ كارثة إنسانية، مع توفر الموارد الطبيعية والطاقات البشرية التي هاجرت أو لم يُستفاد منها محليًا.
ربما في أي اتفاق سلام قادم يتم وضع إطار جديد لبناء الدولة، لا أستطيع أن أتكهن به، ولكن الظروف المحلية والإقليمية والدولية ستساهم فيه. كل ما أتمناه أن يكون هذا الإطار السياسي الجديد لبناء الدولة ملبياً لتطلعات كل أبناء الوطن دون استثناء أو تهميش لفئة أو طرف أو منطقة.
مشهور في سطور:
حورية مشهور أحمد من مواليد محافظة عدن 1954م، استكملت الدراسة في جامعة عدن في كلية الاقتصاد والإدارة، وحصلت على بكالوريوس اقتصاد وإدارة 1979-1981.
التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة 1974-1976م، ثم التحقت بجامعة كارل ماركس / لايبرج – ألمانيا الديمقراطية لدراسة القانون الاقتصادي 1977-1979م.
تقلدت العديد من المناصب القيادية والإدارية في السلك الحكومي وفي إدارة العديد من منظمات المجتمع المدني على المستويين المحلي والدولي نذكر منها الآتي: وزيرة لحقوق الإنسان في حكومة محمد سالم باسندوة، خلال الفترة من 7 ديسمبر 2011 حتى نوفمبر 2014. وهي أول حكومة تشكلت بعد الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي شهدتها اليمن في 11 فبراير 2011م،
وقبلها عملت مديرة عام لإدارة المنظمات والعلاقات الخارجية في اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم UNESCO للفترة (1997-1999).
كما عملت منسقة لمشروع تمكين المرأة منذ 2000-2002 بدعم من منظمة الـ UNFPA.
تعمل حاليًا نائبة رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة، عضو المجلس الوطني لقوى الثورة، رئيس تحرير صحيفة اليمانية.
أما مساهمتها فقد شاركت في إعداد عدد من الاستراتيجيات الوطنية (استراتيجية التعليم الأساسي – استراتيجية القضاء على الإيدز – استراتيجية التخفيف من الفقر – الاستراتيجية الوطنية للنوع الاجتماعي).
وعن مشاركاتها شاركت مشهور في العديد من الفعاليات والمؤتمرات والندوات وورش الأعمال المحلية والإقليمية والدولية الخاصة بمناصرة قضايا المرأة والدفاع عن حقوقها.
دعمت حورية مشهور طوال مسيرتها المهنية حق المرأة اليمنية في التعليم والتمكين ومشاركة أخيها الرجل في الحياة السياسية والاقتصادية في كافة المجالات.
مرتبط
الوسوم
حوار صحفي مع حورية مشهور
حورية مشهور
دور المرأة ضد الأمامة والاستعمار
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news