تشهد محافظة حضرموت، ذات التاريخ العريق في النضال الوطني، تحركات لتمكين جماعة الإخوان المسلمين ممثلة بحزب الإصلاح في مناطق وادي حضرموت، إلا أن هذه التحركات تصطدم بعقبات كبيرة، تعود جذورها إلى وعي شعب حضرموت بتاريخهم النضالي الذي لا يمكن تجاوزه بسهولة.
وفي هذا التقرير، سنستعرض محاولات حزب الإصلاح لبسط نفوذه في حضرموت، ونناقش أسباب فشلها المحتوم، كما سنلقي الضوء على الموقف الشعبي الرافض لهذه المخططات.
محاولات تمكين الإخوان في وادي حضرموت
على مدى السنوات الماضية، شهدت حضرموت تحركات مكثفة من حزب الإصلاح (الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين)، الذي يسعى إلى السيطرة على مؤسسات الدولة في وادي حضرموت.
وتتخذ هذه المحاولات عدة أشكال، تتراوح بين التغلغل في المناصب الإدارية والأمنية، إلى محاولات بسط النفوذ على القبائل والمجتمع المحلي، وأبرز هذه التحركات يمكن ملاحظته في الطريقة التي تم من خلالها تحويل مجلس حضرموت الوطني إلى أداة تمكين للإخوان، حيث كان من المفترض أن يكون كيانًا يمثل مصالح الشعب في حضرموت، إلا أنه استُخدم لأغراض حزبية ضيقة تخدم أجندة الإصلاح.
وفي هذا السياق، يرى العديد من المراقبين أن تسمية "مجلس حضرموت الوطني" ربما كانت تضليلية، وكان الأفضل تسميته "فرع حزب الإصلاح في وادي حضرموت" أو "مكتب تنظيم الإخوان في وادي حضرموت"، نظرًا لأن أنشطته تتركز بشكل رئيسي على دعم توجهات الإخوان المسلمين في المنطقة، عوضًا عن خدمة مصالح حضرموت وأهلها.
المقاومة الشعبية
رغم تلك المحاولات المستمرة، إلا أن شعب حضرموت يظهر مقاومة شديدة لأي محاولات لفرض نفوذ جماعة الإخوان على المحافظة، فحضرموت لها تاريخ طويل من النضال، يمتد من مقاومة الاستعمار البريطاني وحتى التطلع لاستعادة الدولة الجنوبية، ما يجعل من الصعب على أي قوى خارجية، مهما كانت محاولاتها، أن تفرض سيطرتها بسهولة.
و الوعي السياسي الكبير لدى أبناء حضرموت، خاصة تجاه التحركات المشبوهة لجماعة الإخوان، يعكس فهمهم العميق للتوازنات الإقليمية والدولية، ويدفعهم إلى رفض تلك الأجندات التي تهدد مستقبل المنطقة، هذا الوعي يتجلى في الاحتجاجات الشعبية والمواقف الصريحة ضد أي محاولات من حزب الإصلاح للسيطرة على القرار السياسي أو الأمني في وادي حضرموت.
فشل التمكين.. أسباب ونتائج
أسباب فشل التمكين الإخواني في حضرموت عديدة، يمكن تلخيصها أولا في أن حضرموت كانت دائمًا في طليعة المناطق التي قاومت الاحتلال الأجنبي والاستبداد، وهي اليوم تتصدى لنفوذ جماعة الإخوان المسلمين وحزب الإصلاح، و هذا التاريخ يعزز من قدرة المجتمع على إفشال أي مخططات تهدف إلى تغيير هوية المنطقة أو السيطرة على مقدراتها.
و تلعب القبائل في حضرموت دورًا محوريًا في مواجهة أي تدخلات خارجية، حيث تمتلك هذه القبائل نفوذًا اجتماعيًا وسياسيًا يجعل من الصعب على جماعة الإخوان اختراقها أو التأثير عليها، القبائل في حضرموت ترفض بشكل قاطع أي محاولات لإضعاف مكانة حضرموت أو جرها إلى نزاعات سياسية تخدم أجندات خارجية.
ومن أهم الأسباب، أن وفي السنوات الأخيرة، أصبحت أجندة جماعة الإخوان مكشوفة بشكل كبير في اليمن بشكل عام، وحضرموت على وجه الخصوص، فمحاولات الحزب لتسييس مؤسسات الدولة، واستغلال المنطقة لتحقيق أهدافه السياسية، لم تعد تخفى على أحد، ما أضعف موقفه أمام الرأي العام.
في حين أن المجلس الانتقالي الجنوبي يحظى بدعم شعبي واسع في حضرموت، إذ يرى الكثيرون فيه الممثل الحقيقي لتطلعاتهم نحو استعادة الدولة الجنوبية، هذا الدعم يقف حائلًا أمام محاولات الإخوان لفرض سيطرتهم على المنطقة، حيث ينظر الأهالي إلى المجلس كدرع يحميهم من التدخلات الخارجية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news