إلى الأطفال في صباحات مكتبة السعيد
كان آخر عهدي بها، منتصف مارس 2014، ومنذ ذلك التاريخ تفرقت بنا سبل الحرب نزوحات شتى، ومخيمات متفرقة.
غادر أحياء المدينة أحياؤها، أكلت لعنة الحرب الأخضر واليابس من معالمها، لم تبق مدرسة أو أو كلية أو جامعة أو حديقة إلا وأخذت الحرب مأخذها منها.
في أثناء الحرب، تحديدًا بعد عامها الثاني ومطلع الثالث. تحولت الشوارع إلى مزادات علنيه لبيع المنهوبات من مكتبات الجامعات والكليات، إلى جانب المنهوبات الأخرى.
مكتبة السعيد تعرضت للنهب، بل وكانت أحد الثكنات لواحدة من الفرق التي كانت تخوض حربًا تحرريًا للمدنية من كل شيء.
ترددت كثيرًا من الذهاب إليها، وكنت كلما نويت الذهاب، أستدرك النية بعذر أراه مقبولًا لتأجيل الزيارة، بسبب الصورة الإفتراضية التي كونتها في مخيلتي للدمار الذي طال المؤسسة مقارنة بماحدث في كلية الآداب جامعة تعز.
طالت الحرائق الصحيحان والطبري واليمن الجمهوري إلى جانب لعبة الأمم ورأس المال و الأم لجوركي والأرض الخراب، ومدن الملح.. وغيرها من مئات الكتب التي كانت تتجاور فيها تناقضات العناوين كما تجاورت في آكلها تلك الحرائق.
وها أنذا أحزم اليوم أمتعة الذهاب إلى مكتبة السعيد، بمرافقة الرفيق فوزي العريقي، الذي شجعني مرارًا للذهاب إلى المؤسسة.
في أولى خطواتي من البوابة إلى الداخل، لم أر للحرب سوى (آثار الجدري) الذي خلفته القذائف في واجهات البيوت المحيطة بالمؤسسة، بينما كانت ملامح المؤسسة شبه متعافية أو ربما أُجريت لها بعض عمليات التجميل.
وهكذا تلاشت كل تلك الصور الإفتراضية المخيفة ووجدت صالة الإستقبال كما عهدتها بقليل من الملامح المضمرة التي بدت عليها.
الدكتور محمد سيف نعمان، أخذنا في زيارة لإستطلاع أقسام المكتبة التي استعادت حيويتها من حيوية القائمين عليها، والتي امتزجنا فيها أنشطة وقراءة ومهرجانات وصباحات شعرية.
كانت هذه الأقسام التي أطّلعنا عليها برفقة الدكتور محمد سيف بمثابة قوة دافعة أستعدت بإندفاعها تحرير الطاقة الكامنة في أعماقي.
رأيت من خلال هذا الاستطلاع أفق الطفولة يشمخ بعيدًا في آفاق مستقبلها ببساطة دوراته التي تؤسس لمستقبل طفولي يجيد قراءة الغد ويشكل من صلصال ألعابه عوالمه ويلونها بخيالاته الطفولية العابرة للآفاق وصولًا إلى تحقيقها.
تزودت ببعض اصدارات المؤسسة، عدت مبتهجًا إلى حيث أقيم، وظلت مشاعر اللقاء بعد الحرب، تطوف بمشاعر الكتابة عن هذه الزيارة حتى انجزتني في هذه الأسطر القليلة وقبل أن أنهي كتابتي، تخيرت العنوان أعلاه.
مكتبة السعيد.. العنقاء التي انبعثت من تحت رماد الحرب
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news