لا تكْذب الصور يا عدن.. لكن لا يُمتدح الاستعمار

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 5678 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
لا تكْذب الصور يا عدن.. لكن لا يُمتدح الاستعمار

تُنشر بين حين وآخر بعض الصور القديمة لمدينة عدن إبان الحقبة الاستعمارية البريطانية، بغية تقديم – وهذا ما يبدو للوهلة الأولى – مشاهد عالم مثالي يعج بالنظام والجمال والرخاء، وسط التغني بتلك الفترة من تاريخ المدينة!

والسؤال البديهي جدًا: صور من هذه؟ هل كانوا أبناء المدينة أم أبناء الاستعمار؟

لا تُظهر هذه الصور إلا مستعمرين ينعمون برفاهية الحياة، يستمتعون بكل شيء، فيما أبناء المدينة، من العرب وغيرهم، لم يكونوا إلا وسط الفقر والتهميش والحرمان من أبسط الحقوق.

والصور لا تكذب، تأملوها جيدًا، إذ لا تظهر إلا وجه الاستعمار الذي كان يعيش بعيدًا عن الواقع المرير.

بعض الصور المنتقاة تظهر الحدائق الجميلة، المباني المرتبة، والنظام المعماري المتناغم! وبلا شك، تمثل المشاهد بعض إنجازات تلك الفترة، لكنها في الوقت نفسه تخفي الكثير من المآسي، كالإقصاء الاجتماعي والاقتصادي لأبناء المدينة.

الاستعمار البريطاني لم يكن فقط نظامًا يحكم بقبضة عسكرية احتلالية، بل كان أيضًا بنية اجتماعية عنصرية تستبعد السكان المحليين من المشاركة في صنع القرار أو حتى التمتع بمزايا العيش في مدينتهم، وهو دأب كل استعمار واحتلال.

فنقدنا لهذا الجانب هو نقدنا للذين يغفلون واقع السكان الأصليين، الذين حُرموا من الوصول إلى تلك النوادي، ومُنِعوا من التجول في بعض المناطق، وعملوا في مهنٍ شاقة بأجورٍ زهيدة.

كانت عدن تنقسم إلى عالمين منفصلين: عالم المستعمر الذي يظهر في الصور، وعالم أبناء المدينة الذين كانوا يتكدسون في الأحياء الشعبية.

لا يُمتدح الاستعمار أبدًا.

وليس من الإنصاف تمجيد أي حقبة استعمارية، مهما كانت مظاهر التطور التي رافقتها.

الاستعمار ليس مشروعًا تنمويًا، بل قوة قهرية استغلت البلاد والعباد لصالحها.

لا بد من التذكير هنا بأن أية مشاريع تطويرية أو بنى تحتية أقامها البريطانيون، كالمستشفيات أو المدارس، لم تكن لخدمة أبناء عدن، بل كانت بالدرجة الأولى لصالح جالية المستعمرين والموظفين الذين جاءوا من لندن ومدن أخرى. أما السكان المحليون، فكان نصيبهم التعليم المحدود والرعاية الصحية المتواضعة.

ومن الإنصاف في قراءة التاريخ، الاعتراف بأن الحقب الاستعمارية – بما فيها الحقبة البريطانية في عدن – قد تركت بعض الآثار الإيجابية على مستوى البنية التحتية والنظام الإداري. لكن هذا لا يعني أن نغفل الوجه الآخر، الوجه القمعي والاستغلالي لتلك المراحل.

الانبهار البالغ بتلك الحقبة يجب أن يُقابل بتفكيك نقدي لمعاني هذه الصور ودلالاتها وما تخفيه من حقائق غائبة.

علينا النظر لذلك التوثيق كمادة أرشيفية تعكس لحظة تاريخية، لا كدليل على رفاهية شاملة عاشها سكان عدن. وبالقدر ذاته، لا بد من نقد التماهي مع سردية المستعمر التي تصوّر الفترات الاستعمارية وكأنها عصر ذهبي. فالحقيقة، التي لا يمكن للصور وحدها أن تعكسها، هي أن المدينة كانت تعيش في فوهة بركان من الاستغلال والاستلاب.

إن قراءة التاريخ يا رفاق، والحقب الاستعمارية تحديدًا، تحتاج إلى إنصاف حقيقي يحترم ذاكرة الشعوب ومعاناتها.

علينا أن نواجه أي محاولة لتجميل الاستعمار وتقديمه كحقبة ازدهار، وأن نضع دائمًا نصب أعيننا حقيقة أن تطور المدن تحت الاستعمار كان قائمًا على ظهور المستضعفين.

صور جميلة، لكنها…

هذه ثنائية الإنصاف والحذر، وألا نغفل أبدًا حقيقة أن الجمال الظاهر في أرشيف الماضي كان حِكرًا على المستعمرين، بينما لم يكن لأبناء المدينة من نصيب سوى الظلم والفقر والكفاح.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

وزير الاوقاف يكشف حقيقة ماتعرض له الحجاج اليمنيين

جهينة يمن | 573 قراءة 

أول دولة عربية تحصل على إعفاء من تأشيرة دخول أمريكا "لن تصدق من تكون"

جهينة يمن | 539 قراءة 

"اسرائيل" تعلن اختراق جماعة الحوثي !

جهينة يمن | 519 قراءة 

خرج من المستشفى ب٣ ساعات.. مختل عقليا يقتل ١٩ شخص داخل مسجد بهذه المحافظة

كريتر سكاي | 403 قراءة 

الإصلاح ينقل عناصره من محافظات عدة إلى مأرب

اليمن السعيد | 361 قراءة 

الحنشي يقجرها ويؤكد:هذا المسؤول ياخذ حصة عدن من الغاز ويهربه الى هذه الدولة

اليمن السعيد | 265 قراءة 

سياسي يبث بشرى سارة حول تطورات الأوضاع السياسية باليمن

جهينة يمن | 261 قراءة 

عاجل : هجوم يستهدف مسجد بالبيضاء وسقوط قتلى وجرحى

جهينة يمن | 217 قراءة 

لماذا في هذا التوقيت ؟ وماذا يراد لليمن ؟..زعيم القاعدة في اليمن يهدد ترامب وماسك ويدعو لاغتيال قادة عرب على خلفية حرب غزة

جهينة يمن | 216 قراءة 

فيديو صادم لمجزرة مسجد رداع الذي راح ضحيتها عددًا من القتلى والجرحى بينهم طفل"لن تصدق ماتشاهده"

جهينة يمن | 215 قراءة