ما هي خفايا الصراع بين مسلحين قبليين وقوات المقاومة الوطنية في الوازعية غربي تعز؟ (تقرير خاص)
المجهر - تقرير خاص
السبت 05/أكتوبر/2024
-
الساعة:
3:42 م
خلال الأيام الأخيرة، شهدت مديرية الوازعية في محافظة تعز توترًا كبيرًا، واندلعت اشتباكات مسلحة بين مسلحين قبليين يتبعون "أبو ذياب العلقمي"، وقطاع الأمن في الساحل الغربي، وذلك على خلفية اعتداء مسلحو طرف العلقمي، وإطلاقهم النار عشوائيًا على سوق المثلث والقرى المجاورة، أثناء مراسم افتتاح قسم الشرطة الجديد في منطقة الظريفة.
في الثلاثين من سبتمبر/ أيلول الفائت، قام مسلحون بقيادة المدعو "أبو ذياب" بفتح النار بشكل مفاجئ على أفراد الوحدة الأمنية الذين كانوا برفقة مسؤولين محليين ومشايخ ووجهاء من أبناء الوازعية، لافتتاح قسم الشرطة في "مثلث الظريفة"، بهدف فرض الأمن والاستقرار في المنطقة.
هذه الاشتباكات تسببت في حالة من الذعر بين السكان المحليين، كما أدت إلى تعطيل الحياة اليومية في المنطقة، وهروب طلاب وطالبات من المدارس، وإغلاق المحلات التجارية بالكامل في سوق المثلث، وأثار حالة من الذعر في صفوف المدنيين. حيث حيث قوبل هذا الاعتداء باستياء واسع بين المواطنين، بالإضافة إلى إدانة مشايخ ووجهاء الوازعية هذه الأعمال التخريبية والمطالبة باتخاذ إجراءات صارمة ضد المتورطين.
أتت هذه الاشتباكات، عقب افتتاح قسم الشرطة في مثلث الظريفة، بناء على طلب السلطة المحلية والوجهاء لتعزيز الأمن في المنطقة، وبحسب مدير عام مديرية الوازعية، أحمد الظرافي، فإن المنطقة الجغرافية للمديرية تستوجب إنشاء أقسام للشرطة، حسب التعداد السكاني للمناطق خارج المركز الإداري، وأنه من المهم افتتاح قسم الشرطة في منطقة الظريفة، نظرًا لموقعها الاستراتيجي والرابط بين لحج والشمايتين والساحل الغربي.
من هو "أبو ذياب"؟
المتتبع لحياة المدعو "أبو ذياب العلقمي"، سيجد أنه أحد أفراد القوات المسلحة النظامية سابقاً، ففي فترة الحرب الحوثية قاد المواجهات بمجهود ذاتي قبلي، بهدف التصدي للمشروع الحوثي الإيراني، إبان اجتياح مديرية الوازعية من قبل الحوثيين، ثم التحقت به القبائل من الوازعية والحجرية، وكذلك بعض من القوات الجنوبية للدفاع عن الوازعية كونها بوابة الجنوب، وبوابة تعز باتجاه الحجرية.
وبحسب معلومات "المجهر" فإنه بعد تحرير مديرية الوازعية، انخرط أبو ذياب في صفوف ألوية العمالقة بقيادة العميد حمدي شكري، ووصل إلى قائد كتيبة المدفعية تبعًا لما له من خبرة سابقة، منذ الحروب الستة التي قامت ضد جماعة الحوثيين في صعدة، إذ كان واحد من المشاركين فيها.
وتضيف بأنه بعد تحرير معسكر خالد، والوصول إلى الوازعية عبر خط البرح، قُدِّمت للمدعو أبو ذياب عروضًا من قبل قائد المقاومة الوطنية، العميد طارق صالح، وبالتالي ترك ألوية العمالقة، وعين قائدًا لإحدى الكتائب في ألوية طارق صالح، وخاض ضمن صفوفهم معارك عدة ضد الحوثيين، وتميز في قيادته الميدانية العسكرية وأحرز تقدمات كبيرة، وبعد الوصول إلى تخوم مدينة الحديدة تم تكليفة بالحشد لتشكيل لواء "الدعم والإسناد" من مختلف قبائل الوازعية والصبيحة، وهو أحد ألوية المقاومة الوطنية، التي برز صيتها حينذاك، وتقدم واستقر على تخوم مدينة الدريهمي، وبعد اتفاقية السويد (ستوكهولم)، وجه العميد طارق صالح بسحب اللواء إلى المخاء ضمن ما سميّ بإعادة التموضع.
استمر "أبو ذياب" قائدًا للواء الدعم والإسناد، وكان لديه عدة نقاط أمنية بين مديريتي الشمايتين والوازعية، حيث جرى تكليفه بحل بعض النزاعات القبلية، وبعض الألوية، إلا أنه خالف القوانين، وتجاوز اللوائح الإدارية، ناهيك عن رفضه أوامر القيادة، وتدخله في الشؤون الأمنية والمدنية بحكم شهرته في المنطقة، ما أدى إلى إقالته من لواء الدعم
وتعيينه عمليات محور البرح، لكنه رفض ذلك، وتم تكليف أحد أبناء عمومته المجندين لقيادة اللواء خلفًا لـ أبو ذياب، وهذا ما أثار حفيظته، ورفض التسليم أعقبها اشتباكات مسلحة، ومن ثم تم التدخل وتعيين "حمدون الصبيحي" قائدًا للواء كحل وسطي، ليغادر أبو ذياب إلى منزله مع بعض من أفراد اللواء، واستمر ثابتًا في بعض النقاط الأمنية وتمت مضايقته وتقليص دوره.
وبعد عدة أشهر، حدث تفجير إرهابي في مثلث الظريفة، وسط أحد المحلات التجارية، راح ضحيتها شخصين، وتم إبلاغ الأمن في مديرية الوازعية للقيام بدوره، وبالتالي رفض المدعو "أبو ذياب" تواجد القوة الأمنية، كما رفض تسليم الجثث، ورفض تسليم المتهمين الذين ينتمون لأبناء قبيلته، وكادت تحدث فتنة بين قواته وقوات الأمن، ورغم ذلك أصر أبو ذياب بعدم تسليم المتهمين وجثث الضحايا لعدم اعترافه بقوات أمن الوازعية، ليقوم بتسليم المتهمين وجثث الضحايا إلى إدارة أمن الشمايتين نكاية بأبناء الوازعية وقوات الأمن.
تطور الصراع
عقب رفض المدعو أبو ذياب، وعدم تعاونه مع رجال الأمن استدعى الأمر افتتاح قسم شرطة أمني في مثلث الظريفة بطلب السلطة المحلية ووجهاء الظريفة، وهذا ما رفضه أبو ذياب، بحجة أن هناك اتفاق سابق بعدم تواجد أي قوة،
ناسيًا أنه رفض التعاون مع الأمن بعد الحادث الإرهابي وهذا ما اعتبرته قبائل الظريفة نسفًا للاتفاقات السابقة خاصة بعد عدم تعاونه مع إدارة أمن الوازعية، ومحاولة فرض مثلث الظريفة لنفوذ سلطة الشمايتين، الذي لا يتبعها إداريًا لا من قريب ولا من بعيد، الأمر الذي يوضح مساعي أبو ذياب لفصل الظريفة عن الوازعية.
إلى ذلك، تطورت الخلافات بينه وبين ألوية الطوارق للنفوذ على "الظريفة"، وزادت حدة النزاع بين أبناء الظريفة وأبو ذياب لدعمه أحد أبناء عمومته للبسط والسطو على أرض زراعية في عزلة الظريفة المحاددة لعزلته القبلية "العلقمة"، وتطورت الأحداث وسط مطالبات أبناء الظريفة بكف أذاه عن أراضيهم الزراعية، لكنه "أبو ذياب" تمسك برفضه التام،
وبحسب مصادر قبلية فإنه جرى رفض تواجده لتنشب بعض الاشتباكات وتوصلت لجنة الصلح بينهما لرفع قواته من عزلة الظريفة، على أن لا يسمح لأي قوات أخرى بالتمركز في الظريفة.
وجهاء الظريفة قالوا لـ "المجهر" إن الاتفاقات السابقة بعدم تواجد قوات بالمنطقة، غير صالحة أمنيا ولا قبليًا خاصة بعد خرقها من قبل أبو ذياب، ورفضه التعاون الأمني، فضلًا عن تنصله وعدم الامتثال للأوامر القهرية الصادرة من النيابة العامة، والتي جاءت بعد توقيع اتفاق الصلح بين الظريفة وأبو ذياب، إذ اعتبر وجهاء الظريفة الاتفاقية ليست حصانة للمدعو أبو ذياب لتمرده ورفضه للأوامر القهرية، بحكم امتلاكه عتاد عسكري وقوة قبلية كبيرة.
تحدثت مصادر قبلية، أن أبو ذياب، اعتبر قسم الشرطة الجديد في منطقة الظريفة، تضييقًا للخناق عليه، ومحاولة تذكيره بالأوامر القهرية، حيث صدرت بحقه أوامر قبض قهرية من نيابة المخاء وإدارات أمن تعز، وهذا أيضا ما اعتبره أبناء الظريفة أن الرجل أصبح مطاردًا ولا يحق له التواجد على أراضيها.
وذكرت المصادر أن مصالح أبو ذياب، في مثلث الظريفة تتمثل في كونه متنفسه الوحيد، وسوقه الذي يضم العديد من محلاته التجارية والعقارات الخاصة بأبو ذياب، إلى جانب أن مثلث الظريفة يعتبر بوابة نحو الحجرية ونحو الجنوب، وترغب قوات المقاومة الوطنية بالسيطرة عليه، فيما يسعى هو للاستماتة وفرض نفوذه وسيطرته عليه وعلى المنطقة بشكل كامل.
إلى ذلك، قال أبو ذياب في مقطع صوتي استمع إليه "المجهر" إنه يطالب بوجود الإدارة الأمنية المعينة سابقا من قبل سلطات المحافظة دون تدخل قوات المقاومة الوطنية التابعة لعضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، حد قوله.
فيما أرجع سكان محليون الصراع القائم إلى اتخاذ المبنى المتبقي من المدرسة المدمرة بفعل الحرب كقسم شرطة، في الوقت الذي تحتاج فيه المنطقة مشاريع خدمية وتنموية بدءًا من ترميم المدرسة ذاتها واستنئاف العملية التعليمية فيها.
خطة تنموية
يقول الكاتب الصحفي في المقاومة الوطنية، عبدالسلام القيسي، إن "قطاع الأمن في الساحل الغربي وبطلب من أبناء ووجهاء الظريفة والوازعية افتتح قسم شرطة لأهالي المنطقة لتعزيز الأمن الاجتماعي، فقام أبو ذياب وعصابته المسلحة بمهاجمته لحظة الافتتاح ورشق السوق والمدرسة والمنطقة بالسلاح الثقيل".
ويضيف في تصريح لـ"المجهر"، إن "أبو ذياب كان قائد لواء الدعم والاسناد، يتبع التحالف، وكثرت غلطاته من نهب وسلب وسرقة وتقطعات ومخصص لواء وهمي.. وآخر الأمر قبل عام وأكثر من ذلك اختطف عمال مطعم الراسني بالكامل في المخاء فتمت إقالته وغادر إلى بلاده، وبدأ بتشكيل عصابة متمردة تخل بالأمن العام ويرتبط بأجندة تخريبية".
وأوضح في حديثه بأن "هناك مشاريع كثيرة، منها أن تبقى الوازعية خط تهريب، ومنها أن تبقى مساحة قلاقل في الوسط بين تعز والساحل والجنوب، ورغم أن أبو ذياب من العلاقمة شمايتين، لكن يحاول فرض الوصاية على أبناء الوازعية بإرهاب الناس، وهناك بيان من أبناء الوازعية وخاصة الظريفة يحذرون أبناء العلاقمة، ويطلبون منهم كف أذى أبو ذياب، كونه لا ينتمي لمديرية الوازعية".
ويشير إلى أن "مستقبل الوازعية كبير، سواء على مستوى المشاريع والخطوط، إذ توجد ضمن خطة التنمية في الساحل أكمله، وابو ذياب أداة لافشال كل شيء، وتبقى الوازعية مهمة ويجب تأمينها خاصة بعد فتح معبر الحوبان".
من جهته أكد مصدر قبلي لـ "المجهر"، أن مديرية الوازعية ذات موقع استراتيجي، يربط بين السهل والجبل، وبين تعز ولحج، وبين الجبل والبحر، لكن هذه المديرية لا يوجد فيها مجمع حكومي، وتستخدم السلطة المحلية غرفه من مبنى إدارة امن المديرية وهو مبنى متهالك مما تبقى من مبنى كتيبة عسكرية قديمًا، تتبع معسكر خالد بن الوليد.
وأوضح في حديث خاص، أن مديرية الوازعية تخلو من وجود محكمة أو مجمع قضائي، وتعتبر محكمة الوازعية مع محكمة مديرية "موزع"، وحاليًا تتواجد في تعز المدينة ويتحمل المواطنين تكاليف باهضة للوصول إلى جلسات المقاضاة والمنازعة، فإدارة الأمن بالوازعية والنيابة بالمخاء والمحكمة في تعز المدينة، إضافة إلى أن غالبية المدارس تعرضت لضرب الطيران، وبحاجة لإعادة بناءها من جديد
ونحن نطالب بمجمع تربوي متكامل أسوة بما يتم تنفيذه في المديريات الساحلية المجاورة، يضيف المصدر.
ويشير إلى أن الخدمات الصحية ومرافقها غير مدعومة، ولا يوجد بالمديرية مستشفى، بل وحدات صحية وثلاثة مراكز تقدم خدمات متواضعة ومحدودة رغم كثافة السكان، وما تتميز به المديرية بموقع استراتيجي مهم يعد همزة وصل بين تعز والساحل وجنوب اليمن.
حلول مطروحة
وسط دعوات من المجتمع المحلي للتهدئة وضرورة تدخل الجهات المعنية لفرض النظام والقانون، وجه محافظ تعز، نبيل شمسان، بوقف إطلاق النار والمواجهات بشكل فوري بين قوات المقاومة الوطنية التي يقودها طارق صالح ومسلحين قبليين بقيادة أبو ذياب، في مديرية الوازعية، ودعوة جهود المصالحة والحوار لتجاوز هذه الأزمة وضمان عودة الحياة إلى طبيعتها في المنطقة.
ويوم أمس، ترأس محافظ تعز اجتماعًا بين قبيلتي الظريفة والعلقمة في مدينة التربة، خرج بمجموعة توصيات وحلول وخطوات تمثلت بالترتيب مع الشيخ حمدي شكري للإشراف على انسحاب المجاميع المسلحة التابعة أبو ذياب، إضافة لتنفيذ ما تبقى من بنود الحكم السابق بين الظريفة والعلقمة، وانسحاب مسلحو أبو ذياب العلقمي من كافة مواقعهم، إلى جانب التنسيق مع "شكري" لتنسحب الحملة الأمنية العسكرية بعد مغادرة المسلحين، مشيرة إلى أن قسم شرطة "الظريفة" شأن محلي ومن صلاحيات السلطة المحلية واللجنة الأمنية، كما اتفق الأطراف أن تتولى المحافظة بعلاج الجرحى.
#اليمن
#تعز
#الوازعية
#مسلحون قبليون
#صراع نفوذ
#تهريب
#قوات طارق صالح
#المقاومة الوطنية
#مواجهات مسلحة
#ساحل تعز الغربي
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news