في مقال على صفحات التواصل الاجتماعي يطرح الكاتب اليمني الشمالي الأستاذ جمال أنعم تساؤلات عميقة حول مفهوم الوحدة اليمنية، ويدعو إلى إعادة التفكير في هذا المشروع الذي أصبح، وفق رأيه، مصدراً للصراع بدلاً من الألفة.
المقال يُقدّم نقداً صريحاً لممارسات السلطات الشمالية التي فرضت الوحدة بالقوة على الجنوب العربي، ويعكس مشاعر الغضب والإحباط التي يشعر بها أبناء الجنوب تجاه النظام المركزي في صنعاء.
الوحدة بالقوة: فوبيا الانفصال والمتاجرة السياسية
يبدأ جمال أنعم مقاله بتساؤل جريء: "لماذا كل هذا التمسك بالوحدة مع شعب لا يرغب بها؟".
وهو هنا يشير إلى حقيقة مفادها أن الوحدة التي أُعلنت بين الشمال والجنوب في عام 1990 أصبحت، في نظر الكثير من أبناء الجنوب، مجرد وسيلة للهيمنة السياسية والاقتصادية من قبل السلطات الشمالية.
يتساءل أنعم: "لماذا جعلتم من الانفصال فوبيا وورقة تتاجرون بها لتحقيق مكاسب سياسية قصيرة النظر؟".
ويؤكد أن هذه الوحدة فُرضت بالقوة على شعب الجنوب، الذي يعاني من التهميش والعنصرية والظلم، ولم يعد يرغب في أن يكون جزءاً من كيان لا يعترف بحقوقه.
الجنوب العربي: شعب يستحق تقرير مصيره
في تعبير صريح عن التضامن مع أبناء الجنوب، يطالب أنعم باحترام حق الجنوب في تقرير مصيره بعيداً عن الضغوطات السياسية والعسكرية.
"دعوهم يستعيدوا دولتهم المنهوبة وحقوقهم المسلوبة وحرياتهم المكبلة"، بهذه الكلمات يوضح أنعم أن الشعب الجنوبي ليس قاصراً أو غير قادر على فهم قضيته أو حقوقه، بل على العكس، هو شعب واعٍ ومثقف، ويدرك جيداً ما يريد.
هل يمكن للوحدة أن تستمر؟
يشير أنعم إلى أن الوحدة بالقوة لم ولن تحقق الاستقرار، ويستدل على ذلك بالتاريخ.
ويضيف أن النظام المركزي في صنعاء دمر النسيج الاجتماعي والسياسي بين الشمال والجنوب، وجعل الجنوبيين يشعرون بأنهم تحت احتلال أجنبي.
ويقول: "لا يوجد محتل في تاريخ الجنوب أسوأ منكم"، في إشارة إلى الظلم والاستبداد الذي مورس ضد أبناء الجنوب من قبل السلطة المركزية.
حكم العصابات: انتقادات للقيادة الشمالية
في جزء آخر من مقاله، يوجه أنعم نقداً لاذعاً للنظام السياسي في صنعاء، قائلاً: "هل يقبل عاقل أن يحكمه همج شمال الشمال بمكائن الشر؟".
هذا الانتقاد يشير إلى القيادات التي تسيطر على مفاصل السلطة في الشمال، والتي تُتهم بالفساد والانتهازية.
ويضيف: "هل يقبل عاقل أن يسلم مستقبله لعصابة عفاش وآل الأحمر؟"، في إشارة إلى تحالفات السلطة التي حكمت اليمن لعقود طويلة واستفادت من موارد البلاد على حساب الشعبين، الشمالي والجنوبي على حد سواء.
جنوب يسعى للحرية والكرامة
يختم أنعم مقاله بدعوة واضحة إلى احترام خيارات شعب الجنوب في تقرير مصيره.
ويقول: "احترموا خياراتهم وإنسانيتهم وكرامتهم ودعوهم يقررون مصيرهم".
ويرى أن الجنوب العربي لن يعود للوحدة إلا إذا أثبت الشمال أنه يستحق هذه الوحدة من خلال تغيير نهجه وسلوكه تجاه الجنوب.
دروس من دول الخليج
يشير جمال أنعم إلى تجربة دول الخليج التي تعيش في كيانات مستقلة لكنها متحدة في الرؤية والمصير.
ويقول: "أن نعيش تحت رايتين ونحن متحابين متآخين خير لنا أن نعيش تحت راية واحدة متناحرين".
هذه الرسالة تؤكد أن الوحدة ليست بالضرورة حتمية لتحقيق الاستقرار، بل يمكن للجنوب والشمال أن يعيشا في دول منفصلة، متحابين ومتآخين، إذا تم احترام حقوق الجميع.
ويعكس مقال جمال أنعم واقعاً مريراً تعيشه اليمن اليوم. فالوحدة، التي كانت تُعتبر في يوم من الأيام إنجازاً تاريخياً، أصبحت اليوم مصدر انقسام وصراع.
وبينما يتطلع أبناء الجنوب إلى استعادة دولتهم وحقوقهم، يبقى السؤال قائماً: هل يمكن للشمال أن يثبت أنه يستحق الوحدة؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news