ذكرت صحيفة “The Hill” الأميركية أنه “بعد مرور حوالى خمس سنوات على انتشار جائحة كورونا، لا يزال السؤال المركزي موضع نقاش ساخن: هل نشأ فيروس سارس-كوف-2 بشكل طبيعي، أم أنه تسرب من مختبر علمي يشارك في أبحاث “اكتساب الوظيفة”؟وقد أثار هذا الجدل موجة من الانتقادات الشديدة من كافة الأطراف، حيث يتصارع الساسة والعلماء علناً حول محتويات البيانات من سوق ووهان ودور الأبحاث الممولة من قبل المعاهد الوطنية للصحة. وفي الوقت عينه، أدت عملية إلقاء اللوم المتبادلة بين الدول إلى تعقيد العلاقات الدولية بشكل أكبر، ولا تزال الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق عالمي بشأن الجائحة متعثرة”.
وبحسب الصحيفة، “لقد حوّلت هذه الاضطرابات الجيوسياسية الانتباه عن تهديد وجودي كامن. فليس من الممكن فحسب، بل ومن المعقول أن نصمم وباءً، حيث أن التقارب بين الهندسة الوراثية والذكاء الاصطناعي يحمل في طياته إمكانية إحداث ثورة في الطب وخطر إلحاق ضرر كبير. اليوم أصبح لدى العلماء أدوات أكثر تطوراً وسهولة في الوصول إليها لهندسة الفيروسات، فضلاً عن معلومات أكثر عن عدد كبير من الجينات البشرية التي قد تعزز قدرة الفيروسات على التهرب من أنظمة البشر المناعية وإبطال فعالية اللقاحات القياسية. ومن الممكن بسهولة إجراء هذا النوع من التعديل الجيني على فيروس قادر على إصابة البشر، مثل جدري القرود أو الجدري”.
وتابعت الصحيفة، “لقد أصبح من الشائع الآن أن تُستخدم الفيروسات غير الضارة عادة لعلاج مجموعة واسعة من الأمراض.ويقوم العلماء بالتلاعب بهذه الفيروسات لاستهداف أنسجة معينة، مثل الخلايا العصبية التي يصعب الوصول إليها في الدماغ، وللتهرب من الجهاز المناعي لمنع رفض الدواء، ولتصنيع منصات توصيل الفيروسات على نطاق واسع. وقد تسارعت وتيرة هذه الجهود بفضل التقنيات الجينومية العالية الإنتاجية والذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج كميات هائلة من البيانات ودمجها. والآن أصبحت الأدوات والمعلومات اللازمة لبناء فيروسات جديدة متاحة على نطاق واسع، ولكن احتمالات إساءة الاستخدام لا تقل خطورة. فقد يستخدم الفرد هذه الأدوات اليوم لتغيير الشفرة الوراثية لمسببات الأمراض لأغراض مدمرة”.
وأضافت الصحيفة، “الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يقدم قدرة إبداعية جديدة لمصممي الجينات، الذين لم يعودوا مقيدين بالتصاميم المستوحاة من الإنسان. إن تعقيد الأساليب، وتوافر الأدوات، والإمكانات التوليدية للذكاء الاصطناعي تزيد بشكل كبير من خطر تفشي فيروسي متعمد أو عرضي.وتشكل مسببات الأمراض المصممة هندسيًا في عصر الذكاء الاصطناعي تهديدًا عاجلاً للصحة والأمن العالميين ويجب معالجته على الفور”.
وبحسب الصحيفة، “لحسن الحظ، فإن الحلول الضرورية هي نفسها المطلوبة لتصحيح أوجه القصور الأوسع في أنظمة الاستجابة لتفشي الأمراض. إذاً، يتعين تحسين البنية الأساسية للصحة العامة والبنية الأساسية السريرية. إن التكتيكات اللازمة لوقف البكتيريا الخارقة التي يولدها الذكاء الاصطناعي لا تختلف عن تلك التي من شأنها منع انتشار الأنفلونزا والفيروس التنفسي المخلوي وكورونا في أماكن العمل والمدارس. لذلك يجب تخصيص الموارد اللازمة للكشف عن مسببات الأمراض ومراقبتها على نطاق أوسع، وتطوير منصات جديدة للتشخيص والعلاج واللقاحات، وتحسين الوصول العادل إلى التدابير الوقائية والرعاية”.
وتابعت الصحيفة، “لمواكبة التهديد المشترك المتمثل في الذكاء الاصطناعي والهندسة الوراثية، لا يمكننا أن نتحمل انتظار ظهور مسببات الأمراض المعدلة وراثيا. وفي حين أدى عدم اليقين بشأن أصول كورونا إلى تحويل قيمة البحث الفيروسي إلى قضية سياسية، فإن المزيد من الاستثمار في التحقيق العلمي ضروري لتعزيز القدرات الوطنية في مجال الدفاع البيولوجي. واليوم، أصبح التهديد الوجودي الأعظم الذي يواجهه المجتمع قريبا، إذ يمتلك شخص واحد القدرة على التسبب في جائحة عالمية أخرى وملايين الوفيات. وتتمتع الثورات التكنولوجية المشتركة في مجال الجينوميات والذكاء الاصطناعي بالقدرة على العلاج والقتل، ويتعين علينا أن نتعامل بنشاط مع كلا الاحتمالين”.
وختمت الصحيفة، “إن التهديد والحلول واضحة، والآن لم يبق سوى التحرك”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news