بعد مناورات استمرت 8 أسابيع... ماكرون يكلف ميشال بارنييه تشكيل الحكومة

     
العين الثالثة             عدد المشاهدات : 111 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
بعد مناورات استمرت 8 أسابيع... ماكرون يكلف ميشال بارنييه تشكيل الحكومة

أخيراً، خرج الدخان الأبيض من القصر الرئاسي مؤشراً لعثور إيمانويل ماكرون، بعد مشاورات مضنية استمرت أياماً وأياماً، على شخصية سياسية، كلّفها رسمياً تشكيل الحكومة الجديدة. وانتهى مسلسل الانتظار الذي شهد توافد قادة الأحزاب والمجموعات البرلمانية في مجلسي النواب والشيوخ مراراً على قصر الإليزيه، للقاء ماكرون ولعرض تصوراتهم لكيفية الخروج من الأزمة السياسية المستحكمة، بعدما بقيت فرنسا 50 يوماً في ظل حكومة غابرييل أتال المستقيلة، وبعد 60 يوماً على إعلان النتائج النهائية للانتخابات التشريعية. وأفضت هذه الانتخابات إلى تصدر تكتل اليسار المسمى «الجبهة الشعبية الجديدة» المشهد الانتخابي بحصوله على 193 مقعداً متقدماً على معسكر ماكرون (166 مقعداً) وعلى حزب «التجمع الوطني» (اليمين المتطرف) الذي حلّ في المرتبة الثالثة (143 نائباً) والذي كانت زعيمته مارين لوبن، المرشحة الرئاسية السابقة، تحلم بالحصول، منفردة، على الأكثرية المطلقة (289 نائباً).

استبعاد 3 مرشحين

ولأن الانتخابات أفضت إلى تشكل 3 مجموعات نيابية يصعب التفاهم في ما بينها، وبالتالي التعاون في إطار حكومي، فإن تسمية رئيس للحكومة يوفر «الاستقرار المؤسساتي»، ولا يسقط في البرلمان لدى أول اختبار، كانت بمثابة تربيع الدائرة. والأمر الثاني الذي تمسك به رئيس الجمهورية هو استبعاد رئيس للحكومة يكون من اليسار، ويعمل على تفكيك ما حرص على بنائه طيلة 7 سنوات. وبحسب منتقديه، وخصوصاً من اليسار، فإن همّه الأول كان أن يبقى سيد اللعبة السياسية في فرنسا. لذا، حرص منذ البداية على استبعاد لوسي كاستيه، مرشحة «الجبهة الشعبية الجديدة»، بحجة أنه لا حظ لها في البقاء وأنها ستسقط في اليوم التالي لتشكيل حكومتها نظراً لمعارضة اليمين بجناحيه المعتدل والمتطرف، وأيضاً «الكتلة الوسطية» أي معسكر نواب ماكرون.

بعد ذلك، تأرجح ماكرون بين عدة مرشحين. أبرزهم اثنان: رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازنوف، والقيادي في حزب الجمهوريين اليميني كزافييه برتران. لكن حسابات البرلمان لم تصبّ في مصلحتهما. فالأول كان سيسقط لمعارضة اليمين والوسط له، ولأنه تمسك بعزمه على قيادة سياسة مستقلة، وليس مواصلة سياسة حكومة غابرييل أتال ونهج ماكرون، وخصوصاً التراجع عن قانون إصلاح سن التقاعد. والثاني أطاحت به معارضة مارين لوبن بسبب خصومة قديمة بينهما ولأن برتران بنى بعض شعبيته على محاربة اليمين المتطرف. وأخيراً، فإن التداول باسم تييري بوديه، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي القادم من المجتمع المدني، لم يصمد سوى ساعات. فالرجل الذي كان مدرساً في بداية حياته المهنية، لا يملك أي خبرة سياسية، وليس الرجل المناسب لإدارة وضع بالغ الصعوبة.

لوبن صانعة «رؤساء الحكومات»

كان ميشال بارنييه، وزير الخارجية الأسبق والمفوض الأوروبي الذي كلف مهمة التفاوض المعقدة مع الجانب البريطاني للاتفاق على شروط خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، المستفيد النهائي من خروج المرشحين الثلاثة من السباق. وأصدر الإليزيه البيان الذي كان ينتظره الجميع، وجاء فيه أن رئيس الجمهورية «كلّف ميشال بارنييه تشكيل حكومة لخدمة البلاد والفرنسيين»، مضيفاً أن التعيين «يأتي عقب دورة غير مسبوقة من المشاورات التي حرص خلالها الرئيس، وفقاً لواجبه الدستوري، على أن يستوفي رئيس الوزراء والحكومة المقبلة الشروط اللازمة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار وإعطاء أنفسهم فرصاً لتوحيد الصفوف على أوسع نطاق ممكن».

حقيقة الأمر أن تسمية بارنييه لم تصبح ممكنة إلا بعد توفر شرطين: الأول، قبول حزب «الجمهوريون» اليميني المعتدل المشاركة في الحكومة، وهو ما كان يرفضه لوران فوكييز، رئيس الحزب الذي لم يكن «يرى فائدة من ركوب قطار» الرئيس ماكرون المتهالك في آخر سنوات عهده تحضراً للاستحقاقات المقبلة، وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي الذي ينوي فوكييز الخوض فيه. والثاني (والأهم)، أن مارين لوبن قبلت ألا يعمد حزبها لطرح الثقة بالحكومة الجديدة التي بطبيعة الحال يرفضها اليسار، ولأن الجمع بين أصوات جبهة اليسار واليمين المتطرف سيوفر أكثرية ساحقة لإسقاطها. من هنا، فإن مارين لوبن تحوّلت إلى «صانعة الرؤساء». وبعد أن كان هم ماكرون إضعاف وإبعاد حزب «التجمع الوطني» في الانتخابات الأخيرة من خلال السير في ما سمي «القوس الجمهوري»، ها هو يتحول إلى «رهينة» بين يديها رغم بقاء حزبها خارج الحكومة. والمفارقة الأخيرة أن جان فيليب تانغي، أحد أقطاب اليمين المتطرف، الرئيس المفوض لمجموعة الحزب البرلمانية، لم يتردد، في حديث صحافي لإذاعة «فرانس أنتير»، عن مهاجمة بارنييه شخصياً، حيث وصفه (حرفياً) بأنه «أحد أغبى السياسيين الذين أنجبتهم الجمهورية الخامسة على الإطلاق، فهو لا يفهم شيئاً مما يُعطى له سوى الأوراق» التي تحضر له لقراءتها.

غير أن مارين لوبن أكدت أن حزب «التجمع الوطني» «سينتظر سماع خطاب بارنييه بشأن السياسة العامة» أمام البرلمان قبل تحديد موقف بشأن منحه الثقة أم لا. وليس كلامها سوى وسيلة كي لا تقول إنها لا تعارض تسميته. وقال مصدر في الحزب المذكور إن «التجمع الوطني لا يريد أن يظهر بمظهر من يدفع إلى استمرار الأزمة السياسية». فضلاً عن ذلك، يرى اليمين المتطرف أن مواقف بارنييه بشأن الهجرات إلى فرنسا قريبة من مواقف من مواقفه، وقد برزت عندما كان مرشحاً لخوض المنافسة الرئاسية في عام 2022. وما زالت طروحاته بشأن الهجرات ماثلة أمام الأعين إذ اعتبر، وقتها، أن من الضروري لفرنسا «استعادة السيادة القانونية حتى لا تبقى خاضعة لقرارات القضاء الأوروبي أو المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان» ما بدا غريباً، وقتها، عن مسؤول أمضى سنوات طويلة في أحد أبرز المناصب الأوروبية.

وتجدر الإشارة أن ماكرون تشاور مطولاً مع لوبن مساء الثلاثاء، رغم أنه استبعدها عن المشاورات، مع حزب «فرنسا الأبية» الذي يتزعمه جان لوك ميلونشون. وما كان ماكرون ليكلف بارنييه لو لم يحصل على تطمينات منافسته على الرئاسة لدورتي عام 2017 و2022.

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر رئاسي أن بارنييه، وزير الخارجية السابق المخضرم «متوافق مع ماكرون»، ولديه حظوظ في نيل تأييد البرلمان. ومن جانب اليسار، عدّ ميلونشون وحلفاء له من داخل كتلة اليسار أن تكليف بارنييه يعني أن الانتخابات «سُرقت من الفرنسيين». ورأى أوليفييه فور، الأمين العام للحزب الاشتراكي، أن البلاد ستدخل «في أزمة حكم».

يبلغ بارنييه من العمر 73 عاماً، وبذلك يعدّ أكبر رئيس حكومة في تاريخ فرنسا الحديث. وكان قد دخل السياسة من باب الحزب الديغولي حيث انتخب نائباً وهو في سن السابعة والعشرين، وبقي نائباً حتى عام 199. كذلك انتخب عضواً في مجلس الشيوخ، كما شغل عدة مناصب حكومية، حيث عين وزيراً للبيئة ووزيراً للزراعة ووزيراً للخارجية، قبل أن ينتخب نائباً أوروبياً. وداخل الاتحاد الأوروبي، عيّن مفوضاً للسوق الأوروبية الداخلية، ونائباً لرئيس المفوضية. ومن أهم ما حقّقه داخل الاتحاد التفاوض مع لندن في ملف البريكست، حيث برزت مواهبه كمفاوض محنك وشديد المراس. ولا شك أنه سيحتاج لكل اللياقة الدبلوماسية التي يتقنها لممارسة مهمته الجديدة، فعليه أن يعثر على توافق الحد الأدنى في برلمان ممزق. وثمة من يرى أن مهمته لن تتعدى عاماً واحدا، إذ قد يعمد ماكرون إلى حل المجلس النيابي عندما يتيح له الدستور ذلك، أي بدءاً من يونيو (حزيران) المقبل، بعد مرور عام كامل على حل البرلمان للمرة الأولى.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تحشيد عسكري واسع وسط مؤشرات لانهيار داخلي

نيوز لاين | 633 قراءة 

هوية مشتتة وطائرة مستأجرة!.. (طيران عدن) تحت نار في أول رحلة له

موقع الأول | 362 قراءة 

مصرع قيادي حوثي بارز خلال محاولة فاشلة للتسلل في مأرب (الاسم)

المشهد اليمني | 335 قراءة 

الجيش يستعيد السيطرة بهذه المدينة 

العربي نيوز | 311 قراءة 

صديقي الانتقالي الذي يستلم راتبه!

موقع الأول | 281 قراءة 

تراجع سعودي عن ايداع المنحة

اليوم السابع اليمني | 281 قراءة 

السعودية تمنح حاملي تاشيرة الزيارة تسهيلات ومميزات جديدة لمدة 30 يوم

نيوز لاين | 269 قراءة 

الداخلية اليمنية تجري تغييرات هامة في دفتر جواز السفر الجديد

يمن فويس | 258 قراءة 

دعم سعودي ثقيل لحلف قبائل حضرموت وسط تصاعد التوترات الأمنية

نيوز لاين | 247 قراءة 

فيديوهات صادمة من السودان.. إعدامات مديدانية لقوات الدعم السريع في الفاشر

موقع الأول | 230 قراءة