استعرض الكتاب لـ”يمن ديلي نيوز” – عبدالله العطار:
كتاب (يهود اليمن في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين) هو رسالة ماجستير للباحث رياض محمد أحمد الصفواني، جامعة صنعاء ٢٠٠٦، ومكون من ٢١٤صفحة.
والكتاب عبارة عن دراسة من ثلاثة فصول، تسبقها نبذة تاريخية عن اليهود وحياتهم، ومقدمة تعد توطئة للموضوع، وينتهي بخاتمة فيها أهم ما توصل إليه الباحث في دراسته.
تناول الباحث في التمهيد الأوضاع العامة لليهود في اليمن منذ اعتناقهم الديانة اليهودية في فترة حكم الدولة الحميرية وحتى بداية القرن التاسع عشر كمدخل تاريخي.
وقد قال بأنه لا يوجد دليل تاريخي على بداية الديانة اليهودية، وكما تقول المصادر بأن تبع اليمن (تبان أسعد أبو كرب) هو من اهتدى إلى الديانة اليهودية، لكن في عهد (ذي نواس) انتشرت اليهودية وقد أجبر ذي نواس مسيحيي نجران على اعتناقها.
وكانت أوضاع اليهود مستقرة قبل الإسلام، وحين دخل الإسلام بدأت أوضاعهم تضطرب بسبب عداوتهم للمسلمين، لكن مع دخول العثمانيين استعادوا أوضاعهم واستفاد كل طرف من الآخر.
في عام ١٦٦٢م اضطربت العلاقة بين اليهود والحاكم (علي بن إسماعيل) ومع هذا الاضطراب تم إجلاء اليهود إلى منطقة موزع من قبل المهدي عام١٦٧٦م ،وبعد مدة سمح لهم بالعودة إلى صنعاء، ولكن بعد أن هدم كنائسهم.
أما الفصل الأول فقد خصصه الباحث للحياة الاجتماعية والاقتصادية ليهود اليمن. وقال إن اليهود كانوا يمارسون حياتهم الدينية وطقوسهم ويحتفلون بمناسباتهم الاجتماعية بكل حرية.
ومن أهم طقوسهم الدينية الاحتفال بعيد الفصح، وعيد الغفران، وتمجيد يوم السبت أيضا.
وقد ذكر (نيبور) أن عدد الكنائس في صنعاء وصل (٣٧) كنيسة عام ١٧٦٣م.
وأن اليهود حافظوا على تراثهم الثقافي وقد انتشروا في كل ربوع اليمن، إلا أن تركزهم كان في المدن أكثر.
ومع وضعهم المستقر إلا أنه في عام ١٨٧٢م انتعشت أحوالهم خصوصا مع عودة الدولة العثمانية.
وقد عاشوا في تواصل مع الداخل وكذلك مع الخارج ومن أهم من تواصلوا بهم الفرنسي (جوزيف هالفي) والنمساوي (ادوارد غلازر).
وفي مطلع القرن العشرين كان عدد اليهود في اليمن ما بين ٥٧ – ١٠٠ألف نسمة، وفي عام ١٩٤٨م بعد تهجيرهم بلغ العدد ٦٠٠٠ آلاف نسمة.
فئات المجتمع اليهودي ووظائفها:
المجتمع اليهودي له فئات مختلفة مثله مثل المجتمعات الأخرى وأهم فئاته ما يلي وفقا للمؤلف: فئة بعض رجال الدين (الحاخامات والمورية) وهي مرتبطة بالحكوم والإشراف الديني.
الفئة الوسطى وتختص بالتجار والحرفيين وبعض رجال الدين. مثل عائلة (ميسا) في عدن وتمثل التجار، أما الحرفيون فأغلب اليهود يمتازون بالحرف والدقة والمهارة فيها.
الفئة الدنيا وتختص بعمال النظافة.
مساكن اليهود ونمط حياتهم:
لليهود مساكن خاصة تمتاز عن غيرها وتختلف أيضا حسب المناطق، ففي حي اليهود بصنعاء تتكون بيوتهم من دورين، الدور الأول مخازن والدور الثاني غرف ومعبد أيضا، وقد بلغ عدد الكنيس في صنعاء (١٦)، وكانوا منتشرين في أغلب الأماكن، لكن المهدي أحمد بن الحسن هو الذي خصص لهم أماكن خاصة عام ١٦٧٦م.
أما بيوتهم في غير صنعاء وذمار كانت تتكون من خمسة طوابق.
وأما ملابسهم فكان لهم لبسهم الخاص خصوصا في صنعاء وهي الطاقية من القماش وجلباب وجاكت بدون أكمام، أما في ذمار لا يوجد ما يميزهم غير الزنانير فقط. وللنساء أيضا ثيابهن الزاهية والحلي والذهب الذي ميزهن عن غيرهن.
المناسبات الاجتماعية لدى اليهود:
من أهم المناسبات ما يلي:
الزواج والطلاق:
لا يختلفون في ذلك عن الآخرين سوى بارتفاع المهور، لكنهم يتزوجون في سن الثانية عشرة ، والعريس يصبغ يديه بالحنا وفي عدن يصبغ جسده كاملا ويشعل سبع شمعات ،كل ليلة يطفئ شمعة.
وزوجة الأخ إذا لديها أبناء تعد محرمة أما من ترتكب الفاحشة وهي ليست عذراء فترجم حتى الموت.
الولادة والختان:
إذا كان ذكرا فيختن في اليوم الثامن ولا تذهب والدته إلى الكنيس لمدة ٣٣يوما، وإذا كانت أنثى ففي اليوم السابع تخرم أذنها ولا تذهب الأم إلى الكنيس لمدة ٦٦يوما.
التربية الدينية للطفل:
يلقن الطفل نصوصا يهودية من السنة الثانية من التوراة، وفي سن الرابعة يذهب إلى المدرسة كمستمع، وفي سن السادسة يدخل المدرسة، وفي الثالثة عشرة يلقنه الحاخام الوصايا العشر وهي (بالتوحيد، النهي عن الشرك، تقديس إسم الرب، حرمة يوم الراحة، بر الوالدين، حرمة النفس البشرية، تحريم الزنا، تحريم السرقة، تحريم الكذب، حرمة ممتلكات الآخر).
الوفاة:
مثلهم مثل المسلمين في ذلك إلا أن الطفل لو مات قبل أن يختن فيتم ختانه.
الأعياد والشعائر:
لليهود أعياد وشعائر كثيرة أهمها:
– السبت:
من مغرب الجمعة إلى مغرب السبت، وهو بمناسبة أن الله استراح بعد خلق السماوات.
– الفصح
: في ١٤أغسطس بمناسبة نجاة موسى.
– التكفير:
يسمى الغفران في ١٠اكتوبر وهو يوم صيام وعبادة.
– عيد رأس السنة:
في ٢٨ اكتوبر وهو يوم تفاؤل وتقدم فيه الذبائح.
– الحانوكة
: أو عيد الأنوار والتدشين في ٢٥ ديسمبر وهو يوم ثورة الابن الرابع (يهوذا) ابن يعقوب.
– عيد الضلة:
أو سكوت في ١٥ اكتوبر.
– يوم التنظيف:
في ٢٥ ديسمبر وهو يوم انتصار اليهود على اليونان.
– عيد أيخا:
في ٩أغسطس، وهو يوم صوم وحزن على تشرد اليهود بعد اقتحام الملك بخت نصر أورشليم القدس.
يهود اليمن بين الاتجاهات التقليدية والتأثيرات الحديثة:
نعني بالاتجاه التقليدي – وفقا للمؤلف – الحفاظ على تعاليم دينهم في التوراة التي تحوي (٢٨) سفرا.
والاتجاه الحديث هو الخروج عن تعاليمهم الدينية، وأول من دعا إلى ذلك هم المستشرقون كما ذكرنا سابقا الفرنسي هاليفي والنمساوي غلازر اللذين أقنعا بعض اليهود بإنشاء مدرسة تخصهم ويتم تعليم أولادهم بكل ما هو موجود في أوروبا، وهو ماحصل بالفعل، مع أنه حصل مقاومة شديدة لهذه الفكرة من اليهود الملتزمين والمحافظين.
علاقة اليهود مع السكان المسلمين:
لقد كانت علاقة ممتازة لا يفرق بينهما سوى الزنانير وقد كان اليهود يحتكمون إلى المسلمين وقوانين الإسلام.
لكن لم يكن يسمح لليهود بلبس السلاح وإنما كان مقتصرا على رجال القبائل فقط.
علاقة اليهود بالأئمة:
لقد كانت علاقة اليهود بالأئمة علاقة قوية خصوصا مع بعض الأئمة الذين كان لهم هدف من هذه العلاقة، فقد استغل بعضهم هذه العلاقة لتوطيد حكمه، والحصول على دعم يطيل مدة الحكم وليس حبا باليهود.
فالإمام المتوكل أحمد بن المنصور سمح لليهود بتولي مناصب كثيرة في حكومته وجعل يحيى بن يهوذا صالح مسؤولا على الخزانة وهو منصب مهم جدا.
وفي عهد الإمام المهدي ابن المتوكل لم تكن أوضاع اليهود حسنة، خصوصا بعد أن حصل خلاف بين الإمام والقبائل، واليهود كانوا جزءا من تحمل نتائج الخلاف، مما اضطرهم للهروب إلى القدس وبعضهم إلى عدن.
ومع ذلك كانت تسلم الجزية إلى شيوخ القبائل وهذا الإجراء جعل الكثير منهم لا يعتدون على اليهود.
حركة شكر كحيل الأول والثاني:
حدثت حركة شكر كحيل الأول عام ١٨٦١م واستمرت أربع سنوات وقد كان من مواليد خولان، وقد ادعى أن ملكا نزل عليه من السماء وأطلعه على بعض التنبؤات الغيبية، ثم بدأ بنشر مواعيظه بين اليهود زاعما أن خلاصهم من الظلم والطغيان بات قريبا على يديه، وقد تأثر به الكثير، لكن الإمام الهادي حسين بن أحمد الهادي شجع بعض اليهود ودعمهم للإطاحة بشكر كحيل، وبالفعل قتل على يد واحد من أفراد قبيلته عام ١٨٦٥م.
أما حركة شكر كحيل الثاني فكانت عام١٨٦٧م واستمرت عاما فقط، وقد ادعى أنه شكر كحيل، وأن الله قد بعثه ليكون المخلص، وقد كان يراسل اليهود في الوطن العربي، وفرض ضرائب على معاصر اليهود التي كان يدعم بها حركته، وأنشأ جهاز مخابرات يتبعه ويوافيه بالأخبار التي تحاك ضده، ولكن في النهاية لم يستمر، وتم القضاء على حركته.
علاقة اليهود بالإمام يحيى:
بعد أن انسحب العثمانيون عام ١٩١٩م أصدر الإمام يحيى رأى البعض أنها اضطهادا دينيا فيها مجموعة من التعليمات، طلب من اليهود الالتزام بها، ورد فيها بعض التعليمات من أهمها دفع الجزية باستثناء الفقراء منهم ،وعدم ركوب الحمير ،وغيرها من التعليمات.
وقد كان هناك رجل يدعى (الجمل) وكانت علاقته ممتازة مع الإمام وهو كان بمنزلة ممثل لليهود في الحكومة وعند الإمام ووجوده مع الإمام منح اليهود حرية كبيرة وخلصهم من كثير من القيود التي فرضت عليهم.
وقد كان اليهود يعودون إلى الإمام أو الحكام الإسلاميين في كثير من القضايا التي كانت تحصل بينهم ليقوموا بحلها وكانوا يلتزمون بتلك الأحكام.
أما في عدن فقد منحتهم حكومة بريطانيا حرية أكبر لإدارة شؤون حياتهم بل سمحت لهم بإنشاء محكمة يهودية خاصة بهم.
علاقة اليهود بالعثمانيين شمال اليمن:
بعد عودة العثمانيين إلى اليمن عام ١٨٧٢م رحب اليهود بالأتراك لأسباب عديدة أهمها:
– المساواة بين الطوائف الدينية في الحقوق والواجبات التي أصدرها العثمانيون.
– رغبتهم في استمالة الأتراك لصالحهم.
– الحرية التي منحها الأتراك لليهود في كل الجوانب وخصوصا السماح لهم بالمسكرات.
علاقتهم بالإنجليز في عدن:
كما قلنا سابقا إن الحكومة في عدن منحتهم حرية كبيرة وقد استغل هانس اليهود في نقل أخبار المقاومة في الجنوب وفي الشمال ودفع أموالا كثيرة لذلك بل وقام بإلغاء الجزية عنهم.
علاقة اليهود بالحركة الصهيونية:
كانت هناك علاقة بين اليهود اليمنيين والصهاينة وقد تم إنشاء صندوق تبرع لليهود يسمى (صندوق الأمة)، وخصوصا اليهود في الجنوب كانت علاقتهم قوية بالصهاينة عن طريق عائلة (ميسا) التي كانت الوسيط بينهم.
هجرة يهود اليمن إلى فلسطين:
مرت الهجرة بخمس مراحل:
– الهجرة الأولى 1881/1914 بدأت الهجرة وتزايدت أعداد المهاجرين مما اضطر الحكومة إلى إغلاق الهجرة لكنها استمرت بالسر، وقد باع اليهود ممتلكاتهم وهاجروا، وفي هذه الفترة شكل اليهود في فلسطين لجنة وأرسلوها إلى اليمن من أجل دراسة أوضاع اليهود، وما هي الوسائل المناسبة لنقلهم ومعرفة تكاليف سفرهم.
– الهجرة الثانية 1923/1939لم يهاجر كثير منهم بسبب الحرب العالمية الثانية وقد هاجر عدد(١٨٤) يهوديا فقط من شمال اليمن وتمت الهجرة بصورة سرية ،حينها حاولت بريطانيا توطينهم في سقطرى ولكنها فشلت في ذلك.
– الهجرة الثالثة 1939/1948 حصلت الهجرة ولكن بسبب بعض الاضطرابات كانت بريطانيا قد أوقفتها في ١٩٤٢م بسبب عملية التوفيد، ولكنها استمرت وبلغ عدد المهاجرين في هذه المرحلة (٥٨٩١) يهوديا.
– الهجرة الرابعة ١٩49/١٩50 وهي الهجرة الكبرى، وسميت عملية البساط السحري (بساط الريح) ويقصد به الطائرات التي نقلت اليهود اليمنيين إلى فلسطين تشبها بالريح التي سخرها الله لسليمان عليه السلام، وقد اشترط السلاطين أن يدفع (٢٥) شيكلا مقابل كل فرد، والإمام اشترط مبالغ كبيرة بل وبيع ممتلكاتهم له وهو ما حصل، وقد بلغ عدد المهاجرين في هذه المرحلة في الشمال 14 ألف يهودي.
– الهجرة الخامسة ١٩51/١٩67م بلغ عدد المهاجرين في هذه المرحلة (٢٠٠٠) يهودي.
وقد تم توزيع المهاجرين من اليمن على كل مناطق إسرائيل، لأن أغلبهم كانوا مزارعين، وهو ما جعل إسرائيل تستفيد منهم في كل أجزاء الأرض التي احتلتها.
أما عدد اليهود الذين بقوا في اليمن فلا توجد إحصائية دقيقة بهم حتى الآن كما يقول الباحث.
خاتمة:
لقد تمكن الباحث من دراسة أوضاع اليهود في اليمن وقدم عملا لا بأس به، ولكنه أغفل كثيرا من الأشياء، فهو قد ركز كثيرا على عاداتهم وتقاليدهم ولكنه لم يركز على علاقتهم بالأئمة كثيرا، بل ذكرها بشكل مختصر، إلى جانب أنه لم يرتب كتابه بشكل منطقي فبعد أن شرح علاقة اليهود بالإمام يحيى عاد مرة أخرى إلى توضيح علاقتهم بالعثمانيين قبل ذلك وبالبريطانيين في الجنوب وهذا يؤخذ على الباحث.
ومع ذلك فالدراسة تعد مهمة لأنها اختصت بفئة اليهود في اليمن وجعلتنا نعرف أشياء مهمة عنهم.
مرتبط
الوسوم
يهود اليمن
الحتلال البريطاني في عدن
بساط الريح
حركة شكر كحيل
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news