في زمن اتسم بهيمنة نظرية اليسار الاشتراكي ونظرية اليمين الرأسمالي على المشهد السياسي والثقافي للعالم، واللتين أدى استناد الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي عليهما في توسيع النفوذ والهيمنة السياسية، إلى إيجاد عالمين متصارعين وفرض هويتين متضادتين على بلدان وشعوب العالم.
ولد المؤتمر الشعبي العام بهوية يمنية خالصة وفكرٍ ورؤية سياسية امتزجت فيها السياسة بقيم ومبادئ وأخلاقيات الشعب اليمني وإرثه الثقافي والتاريخي، تم تتويجها بإقرار الميثاق الوطني كأول وثيقة إجماع وطني في تاريخ العمل السياسي وأول عقد اجتماعي تتم صياغته وإقراره بطرق ديمقراطية، كدليل فكري للعمل السياسي في اليمن.
وبالعودة لما تضمنه الميثاق الوطني من أهداف ومبادئ تتجلى الكثير من الحقائق التي تؤكد أن تأسيس المؤتمر الشعبي العام لم يأت لترجمة نظرية أو فكر سياسي خارجي بقدر ما جاء لترجمة وإحياء قيم ومبادئ استند عليها اليمنيون في عملية البناء الحضاري منذ آلاف السنين تقوم على مبدأ تفعيل دور المجتمع واشراكه في عملية البناء وإرساء قواعد الاستقرار السياسي وتحقيق النهوض في مختلف المجالات.
وانطلاقا من مبدأ تفعيل المشاركة الشعبية والعمل الجماعي الذي قامت عليه الحضارة اليمنية ونجاحها في توجيه الإنجازات لخدمة المجتمع والنهوض به سياسيا واقتصاديا وثقافيا، ارتكزت رؤية الرئيس علي عبدالله صالح على إحياء روح المجد القديم ومزجها مع تطلعات الواقع والانتصار للهوية اليمنية من خلال تأسيس المؤتمر الشعبي العام الذي أراد له أن يكون كيانا شعبيا يعبر عن آمال وتطلعات الشعب اليمني في مختلف المجالات.
اليوم وبعد مرور 42 عاما على تأسيس أول كيان سياسي شعبي في الوطن العربي ودول العالم الثالث، تؤكد الأحداث والمتغيرات التي شهدتها اليمن والمنطقة أن الرئيس علي عبدالله صالح صنع من خلال تأسيس المؤتمر الشعبي العام الخطوة الأولى في طريق التحرر من هيمنة الايدولوجيات والنظريات السياسية والفكرية وقدم مشروعا وطنيا غير مسبوق سرعان ما تحول إلى عنوان لمشاريع سياسية في العديد من البلدان.
ووفقا لسياسيين فإن السبق الذي حققته اليمن من خلال تأسيس أول كيان تنظيمي وإقرار أول وثيقة لتنظيم العمل السياسي عبر الحوار والمشاركة الشعبية قبل 42 عاما، حرر اليمن من التبعية الفكرية والسياسية وأغلق الكثير من الملفات الشائكة ووضع حدا للتباينات والخلافات والصراعات السياسية، مؤكدين أن عظمة الإنجاز تكمن في الميثاق الوطني الذي لا يشكل ضمانة تحول دون الانحراف نحو هاوية الارتهان الفكري والاستلاب السياسي الخارجي فحسب، وانما يمثل مرجعية للحل والخروج باليمن من مستنقع الصراع الذي تعاني منه اليوم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news