محمية الطيور المهاجرة في عدن تتنازعها النفايات والسطو وتعطيل القانون

يمن ديلي نيوز “تقرير خاص”:

كانت محمية الحسوة البحرية الرطبة الواقعة في عدن (عاصمة اليمن المؤقتة) كنزا بيئيا ووجهة ساحرة لعشاق الطبيعة والطيور المهاجرة، ومستوطنة لعدد كبير من النباتات النوعية على فوهة براكين عدن الخاملة منذ مئات السنين.

المحمية تأسست في سبعينيات القرن الماضي وأعلنت كمحمية طبيعية رسميا عام 2006.

يبلغ مساحتها 185 هكتاراً من الاراضي الرطبة، وهي بمثابة ملاذ آمن لأنواع متعددة من الطيور، خاصة تلك المهاجرة التي تتوقف فيها خلال رحلاتها الطويلة بين قارات العالم.

تزخر الحسوة بالأشجار النادرة والنباتات المحلية، وتعد “أهوارها” ملاذاً لمئات الأنواع من الطيور والأسماك والحيوانات البرية، ما جعلها وجهة سياحية مهمة للسكان والزوار والباحثين.

ومع تصاعد النزاع المسلح في اليمن منذ عام 2014، شهدت المحمية تحولا جذريا، لم يعد بالإمكان المحافظة على مرافقها الحيوية، فتدهورت بنيتها التحتية، وتحولت أجزاء واسعة منها إلى مكب للنفايات، حيث تجمعت الحشرات ومياه الصرف الصحي.

وأصبح برج مراقبة الطيور، الذي كان رمزاً لحماية البيئة والتنوع البيولوجي، مبنى مهجوراً ومتهالكاً.

كما أدى الزحف العمراني غير المنظم الذي يوشك على التهام أراضي المحمية وقلص مساحتها إلى زيادة تدهور المحمية وأثر بشكل كبير على قدرة الطيور المهاجرة على استخدام هذا الموقع كملاذ آمن له خلال رحلاته بين قارات اسيا وافريقيا.

سطو وتدهور

يقول مدير إدارة الغابات والمحميات ومكافحة التصحر في وزارة الزراعة اليمنية “فاروق أبو طالب” إن المحمية تعد الرئة التي تتنفس من خلالها مدينة عدن ،مع الأراضي الرطبة في مدينة عدن الحارة، كما تعد وموطن لتنوع حيوي نباتي وبحري هام.

وأضاف في حديث مع “يمن ديلي نيوز”: المحمية تعد أيضا مصدر اقتصادي لأكثر من 175 أسرة تقطن المنطقة، كما أن الاراضي الرطبة تعمل على تثبيت التربة البحرية من التعرية وموطن للأحياء البحرية القشرية كما تستضيف أعدادا كبيرة من الطيور المهاجرة وموطن لموارد طبيعية ساحلية.

وبحسب المسؤول الحكومي فإن المحمية تشهد تدهورا في أراضيها.

وقال إن البناء العشوائي التهم نحو 8% من أراضيها فيما تحاصرها عدد من المشكلات والتأثيرات البشرية بفعل الحرب الدائرة في البلاد وغياب الدور الحكومي وتوقف الدعم الخاص بحماية البيئة من قبل المنظمات الدولية.

وأضاف: الزحف العمراني والسطو على أراضي المحمية في عدن بات منتشر وظاهرة سلبية تدل على عدم تطبيق القانون اليمني والذي أدى إلى تناقص 8% من مساحة المحمية ومازال البناء العشوائي مستمرا حتى اليوم في ضل عدم تفعيل القانون البيئي وعقوباته وضعف الإدارة”.

مكب نفايات

وفصل أبو طالب أسباب تدهور محمية الحسوة بعد اندلاع الحرب في البلاد الذي نتج عنها أيضا تدهور الوضع المؤسسي للدولة بشكل عام ما أدى إلى تدهور الجانب الإداري للمحمية.

وتابع في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز”: نظرا للتدهور تحولت المحمية الرطبة إلى منطقة رمي القمامة ومخلفات البناء والسطو العشوائي على أراضي المحمية من قبل جهات متعددة.

كما أن أحواض الصرف الصحي القريبة من المحمية وعدم معالجة مخلفات الصرف الصحي أدى إلى ارتفاع الملوثات للمحمية.

وأردف: غياب وارتفاع أسعار مادة الغاز المنزلي دفع سكان عدن إلى البحث عن الحطب مما عرض أشجار المحمية النادرة والهامة إلى الاحتطاب الجائر وإحراق الاشجار بشكل عشوائي.

طيور في خطر

وأوضح المسؤول الحكومي في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” أن محمية الحسوة تستقبل سنويا واحد في المئة من الطيور العالمية.

وأوضح: بحسب دراسات بيئية رسمية يهبط سنويا في محمية الحسوة 16 ألف من الطيور المائية المهاجرة موزعة على 12 نوع، منها ثلاثة أنواع مهددة بالانقراض في العالم.

وبخصوص برج مراقبة الطيور المهاجرة التي تتخذ من محمية الحسوة محطة استراحة وتعشيش مؤقت أثناء رحلات هجرتها يقول “ابو طالب” إن الوضع الحالي لبرج المراقبة يحتاج إلى إعادة تأهيل وترميم وتجهيز وتوفير الاحتياجات الاساسية للبرج كبرج مراقبة لحركة الطيور وحمايتها ورصدها.

كما يحتاج البرج إلى إدخال كامرات مراقبة لتفعيل دور الرقابة الحديثة وتفعيل دور السياحة البيئية في المحمية وحماية اراضيها ومكوناتها.

وأضاف: تدهور أراضي محمية الحسوة في عدن ثمانية في المئة يشكل مؤشر خطير ينذر بتراجع البيئة المحمية في اليمن.

وتابع: ارتفاع الملوثات يؤدي إلى نفوق الكثير من الطيور المهاجرة كما أنها تعمل على نقل الامراض إلى مناطق هجرتها التالية وقد تشوه وتؤثر على أجيال الطيور المهاجرة، تؤدي إلى تغيير مسار الطيور المهاجرة عن المحمية نحو مناطق أخرى.

خطط متوقفة وتحديات

وعملت الجهات المعنية الحكومية (وزارة الزراعة والهيئة العامة لحماية البيئة) على إعداد خطط مستقبلية مشتركة لمحاولة إنقاذ محمية الحسوة لكنها لا تمتلك التمويل الكافي لتطبيق تلك الخطط وتعمل على البحث عن تمويل خططها لحماية البيئة وحماية محمية الحسوة بشكل خاص بحسب ابوطالب.

وقال: انعدام التمويل لدى الجهات الحكومية في القطاعات المختلفة بفعل توقف صادرات البلد خلال الحرب هو العائق للكثير من المشاريع التنموية في البلد والتي توقفت منذ نحو عشرة اعوام.

ويشير “أبو طالب” الى أن محمية الحسوة البيئية بحاجة رئيسية ملحة حاليا إلى تفعيل الإدارة المستدامة وتفعيل القانون البيئي اليمني وتسوير أراضيها لحمايتها من النهب والحفاض على التنوع الحيوي والبيولوجي.

وأكد أن الوضع البيئي في اليمن تراجع بشكل كبير حيث تضاعف التصحر في البلاد من 8.8% إلى 15.5% خلال فترة الحرب الدائرة في اليمن، كما أن المحميات اليمنية البيئية مستقرة على المساحات السابقة بتغير طفيف جدا وهو بحاجة إلى رصد حديث بسبب التغيرات المناخية وتأثيرها الكبير على اليمن.

وتعد الجمهورية اليمنية من بين الدول الأكثر عرضة للتغيرات المناخية في العالم، ولوحظ بالفعل آثار تغير المناخ والظواهر القاسية مثل التصحر الذي يشهد تزايدا ملحوظا إذ من المتوقع أن تصبح أكثر حدة.

مرتبط

الوسوم

محمية الحسوة البحرية الرطبة

محافظة عدن

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط