بلاش فلسفة.. حينما يتحدث عن الفلسفة من يجهلها

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 239 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
بلاش فلسفة.. حينما يتحدث عن الفلسفة من يجهلها

الفلسفة واحدة من الكلمات القليلة التي تعرضت عبر تاريخها الطويل لسوء فهم لا حدود له وتم نعتها بصفات وتصورات ليست من طبيعتها في شيء؛ كالسفسطة والهراء والتعقيد والغموض والزندقة والهرطقة وغير ذلك من الأحكام والنعوت‪ ‬السلبية التي نالت من سمعة«أم العلوم » وملكة الحكمة وأميرة المعارف وشوهت صورتها في‪ ‬تاريخ الفكر العربي الإسلامي القديم والحديث والمعاصر ، في مختلف الدوائر الثقافية والتعليمية والإعلامية وفي الرأي العام، فإذا ما تحدث شخصا ما باسهاب سرعان مايرد عليه بالقول المكرور “بلاش فلسفة”‪ ‬وإذا ما أراد المرء أن يحلل ظاهرة أو مشكلة اجتماعية معقدة باسلوب التفكير النظري‪ ‬يتهم بالتعقيد والتفلسف‪.‬فاجع ذلك المصير الذي آل إليه حال أم العلوم وربيبة الدهشة في هذه الاصقاع‪ ‬المسممة بالبؤس والجهل والتخلف، فالعداء مصوب إليها من كل حدب وصوب من السلطان ومن‪ ‬العوام من اللاهوت ومن الأساطير والخرافات ،من العلوم المتخصصة والايديولوجيات‪ ‬الدوغماتية، ثمة خصومة شاملة وحرب غير مقدسة ضد من اسماها خطيب اليونان العظيم‪ ‬شيشرون «أشرف العلوم» بقوله: كيف كانت ستغدو الحياة بدونك أيتها الفلسفة يا أشرف‪ ‬العلوم؟ يا تامر أمين خليك في مجال تخصصك وحدود فهمك أحسن لك إذ إنك بهذه الهراء كشفت عن خفة وعيك وخواء ثقافتك وسطحية فهمك ومدى جهلك. واليك الخلاصة التي يجب إن تضعها حلقة في أذنك حينما تتناول العلوم الإنسانية والفلسفية بالنقد والتقييم.

ليستِ الفلسفةُ اختيّاراً من بين اختيّاراتٍ أخرى، بل هي ضرورةٌ قصوى وملحة. إذ أنها الوحيدة من بين فعاليات العقل البشري التي تعلم الإنسان جهله وحدود عقله وتمنحه فضيلة الاستنارة والتسامح مع غيره من الناس والكائنات وتحثه للبحث عن المعنى فيمارا الغباء وعن النظام فيما وراء الفوضى فضلا عن كونها مقاومةُ وصراعُ ضدَّ التّفاهةِ والوضاعةِ والانحطاطِ على مستوى الفكرِ والحياة معاً. وتاريخُ الفلسفةِ هو تاريـــخُ المقاومة؛ فَمِن سقراطَ الذي ضحّى بحياتهِ من أجلِ معرفةِ وقـــولِ الحقيقةِ ومقاومةِ خطرِ نسيـــانِ الذّات، إلى أرسطو الذي قسّمَ القضايا إلى صادقةٍ وكاذبةٍ فتلخّصَ منطقـــــهُ في مقاومةِ الكذب، إلى ديكارت الذي قــــاومَ الخطأَ ووضعَ قواعدَ بسيطةٍ واضحةٍ ومتميّزةٍ للعقـــل، إلى كانط الذي أسّسَ محاكمَ للعقــــل.. ثمَّ تظهرُ الفلسفةُ (مع ماركس، نيتشه، وفرويد) في صيغةِ مقاومةٍ وصراعِ ضدَّ الوهمِ والإيديولوجيا وغير ذلك من محاولاتِ تحصينِ الفكرِ والحياةِ من التّفاهةَ والوضاعةَ والانغلاق والتعصب والانحطاط إلى محمود أمين العالم وحسن حنفي وأحمد برقاوي وحسن حماد وفتحي المسكيني ومحمد عابد الجابري وعبدالله العروي وزكي نجيب محمود ومصطفي نشار وناصيف نصار وأحمد ماضي وخالد كموني ويمنى الخولي وكرم عباس وأشرف منصور كريم الصياد وحسام درويش وبهاء درويش واحمد الصعدي ودعاء خليل وغيرهم الكثير من المشتغلين في الفلسفة من الجنسين في البلدان العربية الذين لازالوا يحملون الشمعة رغم الظلام الدامس. فكيف يكون حال الشعوب العربية المغلوبة على أمرها إذ ما تم إطفاء أخر قناديلها؟!

كم هي صادمة تلك الصرخة الغاضبة في وجه أمّ العلوم التي أطلقها الإعلامي المصري المخضرم تامر أمين عن جهل مكين بالتأكيد ؛ ففي حين إن العالم اليوم يتبنى باهتمام رسمي ومدني مشروع تدريس الفلسفة للأطفال يأتي هذا من عاصمة الثقافة العربية ونوارتها الدائمة ليدعو علنا بلا جدوى الفلسفة والعلوم الإنسانية.

لو أن السيد تامر يعرف عن ماذا يتحدث؟ وخطورة ما صرح به لما نطق بكلمة مما قاله. فمن يعرفه يوصل له هذه المعلومة البسيطة التي جاءت حصيلة لدراسات ميدانية طويلة ومتعددة في البلدان العربية المعاصرة وخلاصتها : أن غياب الفلسفة وتهميش العلوم الإنسانية والاجتماعية في عدد من الدول العربية والتي لازالت بعضها تحرم تدريس الفلسفة في جامعاتها. قد أفضى إلى شيوع ثقافة التعصب والتطرف والعنف والإرهاب، وتشير دراسة علمية حديثة أعدها الخبير البريطاني مارتن روز، كبير مستشاري المجلس البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعنوان ( تحصين العقل) 2018م الى أن معظم المنجذبين للتطرف والإرهاب هم من أولئك الشباب المتخرجين من التخصصات العلمية البحتة كالطب والهندسة والذين لم يستنهجوا الفلسفة والعلوم الإنسانية. وفي تفسيره لهذه الظاهرة صاغ مفهوم العقل الهندسي بوصفه عقلًا منمطًا على بعد واحد للمعنى هو الخطأ والصواب على عكس العقل النقدي الذي ينظر الى الحقيقة من منظور احتمالي نسبي( ينظر، سمية متولي السيد، التخصصات العلمية للجماعات الإرهابية موقع رسالتنا 2016/5/8). فهل آن الأوان لتوطين وتمكين أشرف العلوم؛ محبة الحكمة في الدول العربية المعاصرة؟( ينظر، قاسم المحبشي، حوار حول مشروع تدريس الفلسفة للأطفال ، موقع الحوار المتمدن، 20 يونيو2022م).

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

أول ضربة جوية على مواقع الانتقالي بوادي حضرموت… الناطق العسكري يكشف التفاصيل

نيوز لاين | 1052 قراءة 

السعودية مستعدة للعودة إلى اليمن وهذا هو السبب

المشهد الدولي | 943 قراءة 

هجوم على قوات الانتقالي

كريتر سكاي | 789 قراءة 

صورة تجمع وزير الدفاع بشقيقه في معسكر الانتقالي تشعل الجدل حول موقفه السياسي

موقع الجنوب اليمني | 773 قراءة 

ناشط موالٍ للحوثيين يحذّر من انفجار مؤجّل

نافذة اليمن | 460 قراءة 

قيادات حزب الإصلاح تستعد لمغادرة الحياة السياسية.. وإعلان رسمي يكشف ما يحدث خلف الكواليس

المشهد اليمني | 456 قراءة 

أنباء عن تعيين القائد السابق للمنطقة العسكرية الثانية قائداً للفرقة الثانية بـ«درع الوطن» وبدء إعادة هيكلة القوات في صحراء العبر

يني يمن | 454 قراءة 

خيانات وزراء الدفاع: كيف مهد محمد ناصر أحمد ومحسن الداعري لدخول الميليشيات؟

إيجاز برس | 439 قراءة 

ظهور قيادي عسكري جنوبي بارز في اعتصام عدن وسط انتقادات لممارسات ”المليشيات الانتقالي”

المشهد اليمني | 429 قراءة 

لحج قرارات لهاشم السيد بفصل جنود من أبناء المحافظة داخل ألوية الحماية الرئاسية واستبدالهم

موقع الجنوب اليمني | 404 قراءة