عدن توداي
فهد العكمة
لعل من بين أهم التحديات التي تُعمق فجوة التأزم في البلاد هو توظيف القبيلة في مقام الوطن ؛ وشتان ما بين أن تكون القبيلة يوما هي الوطن أو العكس الا في فكر و حياة الإنسان الجاهلي ، ومن منا لا يعرف ماذا تعني الحياة الجاهلية التي سبقت ظهور الإسلام ؟ و التي رفضها رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- و عاب على كل أعمالها المبنية على الرأي و الهوى والتعصب والعنصرية ، وما ينتج عنها من ظلم وجور، و فساد ، وحروب ، فكل عمل لا يطابق الشريعة السمحة يندرج تحت غلاف الجاهلية .
لو رجعنا إلى الوراء قليلا في بداية الارتباط بين جنوب اليمن و شماله. راهن الكثير من المحللين السياسيين على فشل المشروع وعدم استدامته ؛ وأنه لن يدوم طويلا لأسباب شتى ، أبرز تلك الأسباب أن لا يجتمع نظاما حكمين نَقيضن في وسط مجتمعين مختلفين في المظهر السلوكي والطابع الحضاري ، فلا يمكن للقبيلة أن تقتنع بنظام الوطنية والديمقراطية القائم على مبدأ المساواة و العادلة ، ولا يمكن لنظام الدولة والدستور أن يماشي احكام القبليةو أعرافها و تقاليدها المجزئة التي لا تخدم وطن بقدر ما تخدم إطار فئة معينة محدودة النطاق كبُرت ام صغرت
لذلك نجد (اليوم) البلاد في تضخم وتاجج قبلي مؤثر في غالب الاحداث المفتعلة ، لتثبت أن القبيلة باستطاعتها القيام أن تحل محل أنظمة الدولة وقوانينها لتحجم الوطن بين اكنافها وهذا يستلزم أن تظل سيادة الوطن تحت غطاء قبلي لعدد معين من الناس وأحكام عرفية دون منافس ودون تدخلات في مجالات ومصالح بعضهم البعض ، إلى أن توصلت الاعراف القبلية أن من حقها اقتسام هذا الوطن والتحكم حسب هواها بكل مقدراته وأنظمته لأبعاد فئوية هدفها تقوية الرابطة القبلية.
و من باب قياس التحراكات المجتمعية والتطور العصري المتنامي الذي يشهده العالم لم تكن للقبيلة دورا فيه حتى تمثل الوطن أو على مرتبة واحدة ، غير أن مازال الانتماء القبلي مصدر قوة والاعتزاز في بلادنا دون الوطن وهذا يشكل الاوسع انتشارا حتى على مستوى القيادات في البلاد وهنا بيت القصيد ؛ حينما نجد قيادات بحجم وطن تعتلي مناصب عالية في السلم الوطني وتسخر كل مقدرات الوطن وتستخدم كل موارده من أجل نصرة قبيلته … هنا تتحطم الآمال أن ننشد قيام دولة ذات سيادة وطنية يسودها العدل والمساواة بين المواطنين. أو قيام دولة ذات تطور ورقي كبقية الدول دام أن التعاطي مع القبيلة والحرب لها ومن أجلها في الحق والباطل وهذا حالنا وحال الدول التي مثلنا .
ولهذا فالقصد من القبيلة هو التعارف والانتساب لا غير قال تعالى ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، أن أكرمكم عند الله اتقاكم ) وهذا دليل واضح أن الإسلام نبذ كل المعتقدات الطائفية الملموسة اليوم والممارسة في التعاملات بين أهل المنطقة أو القبيلة والتجمهر والتحزب خلف هذه المسميات ونهب مقتدرات الوطن والتملك به .
أما توظيفها في غير ما نص عليها القرآن الكريم ، سنعيش مدة صراع طويلة وتخلف وجهل أعمق متطور وسنورثه للأجيال بصورة تكنولوجية وبطرق مبتكره ، قد يكون بعلم وقد يكون بغير معرفة .
شارك هذا الموضوع:
Tweet
المزيد
Telegram
معجب بهذه:
إعجاب
تحميل...
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news