يواصل الحوثيون تعمد استفزاز رجال القبائل في المناطق الخاضعة لسيطرتهم لإيجاد ذريعة لإطلاق يد القمع الممنهجة ضد المناهضين اليمنيين لمشروعهم المدمر.
وتجلت آخر هذه الاستفزازات الصارخة، الأربعاء، في محافظة البيضاء المعروفة بـ"قلب اليمن" والتي تطورت إلى مواجهات شرسة خلفت عددا من القتلى والجرحى بصفوف الحوثيين ورجال القبائل قبل تدخل وساطة قبلية لاحتواء الأوضاع والتي لا تزال مرشحة للانفجار مجددا.
ووفقا لمصادر خاصة لـ"العين الإخبارية"، فإن المواجهات أسفرت عن مقتل وإصابة 9 أشخاص، بينهم قتيل و3 مصابين من رجال القبائل و4 قتلى ومصاب من العناصر المسلحة لمليشيات الحوثي المنتشرة في البيضاء.
فماذا حدث في البيضاء؟
بدأت القصة قبل دخول وقت الظهيرة، عندما أصيب مواطن برصاص المليشيات أثناء قيادته دراجة نارية وذلك من قبل عناصر حوثية في حاجز أمني في بلدة "حمة صرار" في مديرية ولد ربيع في محافظة البيضاء.
حدث هذا المشهد، بحسب مصدر مسؤول وشهود عيان لـ"العين الإخبارية" أمام أعين أحد رجال القبائل من أبناء بلدة "حمة صرار" والذي هرع من فوره بدراجته النارية لإنقاذ الشخص المصاب بشكل بليغ محاولا إسعافه قبل أن يتعرض هو الآخر لإطلاق وابل من النيران من قبل العناصر الحوثية ويسقط قتيلا على الفور مضرجا بدمائه.
وأحدثت الجريمة هزة عنيفة في المنطقة، واشتعل الغضب لدى رجال القبائل الذين تداعوا سريعا وشنوا هجوما مباغتا على عناصر مليشيات الحوثي في الحاجز الأمني والذين فروا للتمترس والتحصن في مسجد مجاور بالمنطقة تتخذه المليشيات كثكنة عسكرية.
ووفقا للمصادر فإن عناصر مليشيات الحوثي اعتلت المنارة العالية للمسجد وحاولت استغلال ارتفاعها الشاهق في قنص رجال القبائل والأهالي المحتشدين في المنطقة مما أدى إلى سقوط عدد من المصابين المدنيين.
وأوضحت المصادر أن سقوط مزيد من الضحايا بصفوف رجال القبائل والأهالي أشعل المزيد من الغضب أوساطهم ما دفعهم لمحاصرة العناصر الحوثية في منارة المسجد والاشتباك معهم مما أسفر عن مقتلهم جميعا.
وأشارت إلى أن رجال القبائل عمدوا لإحراق مئذنة المسجد المبنية مدرجاتها من الخشب فيما جسمها الخارجي من الطوب مما أدى إلى اشتعال النيران فيها وتصاعد أعمدة الدخان.
تعزيزات ومحاصرة ووساطات
وعلى إثر هذه التطورات، ومقتل 4 من عناصرها وإصابة خامس، دفعت مليشيات الحوثي من مركزها في مدينة رداع، حاضرة البيضاء، بعدد من الدوريات عليها عشرات العناصر المدججة بالأسلحة لمحاصرة المنطقة.
وأكدت المصادر أن رجال القبائل نجحوا في قطع الطريق أمام التعزيزات الحوثية المستقدمة في بلدة تسمى "الوثبة" في مديرية ولد ربيع ودارت اشتباكات مباشرة وشرسة بين الطرفين قبل تدخل وساطة قبلية لاحتواء المواجهات والسماح للحوثيين بإنزال جثامين قتلاهم من مئذنة المسجد.
وأوضحت المصادر أن الوساطة القبلية التي قادها عدد من الشيوخ بينهم الشيخ صادق الذهب والشيخ حزام العقبي نجحت في احتواء الموقف مؤقتا وسمحت للحوثيين باستقدام ونش (رافعة) إنقاذ لانتشال جثث 4 من عناصرها من مئذنة المسجد.
وقالت المصادر إن مليشيات الحوثي عادت بعد أخذ جثامين قتلاها لتطويق المنطقة بالكامل ومحاصرتها في مسعى للضغط على رجال القبائل لتسليم عدد منهم بزعم أنهم مطلوبون أمنيا إلا أن القبائل رفضت ذلك.
وأضافت "أن الوسطاء القبليين ما زالوا يجرون مفاوضتهم مع قادة الحملة العسكرية لمليشيات الحوثي إذ من المرجح أن تأخذ المليشيات عددا من الرهائن بينهم شيوخ ووجهاء مقابل رفع حصارها القاسي على بلدة "حمة صرار" في ولد ربيع".
ليست المرة الأولى
ولم تكن هذه الواقعة هي الأولى ولن تكون الأخيرة التي ترتكبها مليشيات الحوثي بحق أبناء محافظة البيضاء، إذ تملك المليشيات سجلا أسود للتنكيل برجال القبائل ضمن سياسة إذلال متعمدة لإخضاعها بالقوة لسطوتها.
وكان آخر هذه الوقائع في مارس/آذار 2024, عندما قادت مليشيات الحوثي حملة أمنية تتألف من 14 دورية وآلية مدججة بعشرات العناصر وحاصرت لنحو أسبوع حي "الحفر" في رداع في البيضاء بزعم ملاحقة مطلوب أمني قبل أن تفجر 8 منازل بمن فيها مخلفة مجزرة هزت اليمن والعالم إثر سقوط نحو 30 قتيلا ومفقودا آنذاك.
جانب من احتشاد القبائل لمحاصرة عناصر الحوثي
كما سبق واعتدت مليشيات الحوثي على عشرات القرى في مختلف مديريات البيضاء، ومارست بحق أبنائها أبشع أنواع الجرائم والانتهاكات، من بينها اجتياح واقتحام المنازل في بلدة "عبس" في مديرية الشرية ومداهمة منازل "آل الشرجبي" وسقوط 4 ضحايا وتعرض 15 شخصا للاختطاف والإخفاء القسري في معتقلاتها السرية.
كما قادت مليشيات الحوثي حرب إبادة جماعة ضد بلدة "خبزة" في البيضاء أواخر يوليو/تموز 2022 قبل أن تحتشد قبائل رداع وتفك الحصار الذي استمر لأسابيع وذلك ضمن جرائم لتطويع القبائل ورجالها بالإعدامات وتفجير المنازل ومصادرة الأملاك وأخذ الرهائن بالقوة.
ويستغل الحوثيون هدنة أممية هشة في البلاد منذ 2022 في تكريس حكمهم بالقوة استمرارا لنهجهم الدائم في توظيف السلام نحو توجيه حملات ممنهجة لضرب القبائل واحدة تلوى أخرى بلافتات وذرائع مختلفة، كان أبرزها اجتياح همدان بصنعاء و"الحيمة" بتعز و"آل عوض" في البيضاء و"حجور" بحجة و"القفر" في إب و"عتمة" بذمار وغيرها من مواجهات دامية شمال اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news