في عرس نجل النائب السابق لرئيس الجمهورية سهيل علي محسن الأحمر، ظهر والده الجنرال الذي يعد من أهم القادة العسكريين في تأريخ الجمهورية اليمنية بمظهر مختلف عن ما يعرفه اليمنيين، فقد أطلق لحيته البيضاء ولف الشال اليمني فوق رأسه، ظهور يجمع ما بين الأصالة اليمنية وحكمة المسن ، فهل ظهوره فيه تجديد اجتماعي؟ أم توديع لحياة الدولة العسكرية والسياسية؟
من المعروف عن الفريق علي محسن الأحمر إبعاد حياته الشخصية عن عمل الدولة، بل حتى أولاده ليس لديهم مناصب معروفة، فما هي الرسالة التي يريد إرسالها من خلال أول مناسبة اجتماعية معلنه لأسرته ولأحد أولاده الأصغر سنا ( سهيل)؟
منذ نصف قرن في الدولة كان للجنرال كثيرا من الحلفاء والخصوم، لكنه لم يغادر الدولة حتى صنع معركته الأخيرة مع ما تبقى له من حلفاء ضد تمرد مسلح ميلشاوي وهزمه في أولى حروبه في عقر داره بمران صعدة قبل أن تتعقد الأمور فتركب الميلشيات على ظهر دبابة الجيش اليمني وتسيطر على العاصمة صنعاء !
كان يحلم الجنرال قبل وداعه الدولة بهزيمة ثانية وأبدية للميلشيات المدعومة من إيران، والتي قطف رأس مؤسسها حسين الحوثي في الحرب الأولى، لكن التعقيدات المحلية والدولية مكنت للحوثيين من السلطة على ما يقارب ربع مساحة البلاد ونصف سكان اليمن، وغادر الرجل إلى منفى إجباري مع نزوح ملايين اليمنيين .
للجنرال الأحمر تأريخ من التحالفات المعقدة مع القبيلة والإسلاميين والعسكريين وحتى القوميين واليساريين ، لكن انفراط عقد تحالفه مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي ابتعد هو الآخر عن رأي القبيلة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر هي القشة التي قصمت ظهر البعير ما جعل تحالف ( الرئيس والشيخ والجنرال) هش ضعيف سرعان ما انهار لصالح الإمامة الجديدة الهاشمية السياسية التي ركبت على ظهر تنظيم الشباب المؤمن الزيدي المدعوم من السلطة ضد الاخوان المسلمين والذي تحول إلى حركة مسلحة بدعم إيراني تحت مسمى أنصار الله ( الحوثيين).
وجهة نظري أن الحفل العلني لزواج سهيل نجل الجنرال تتجاوز المناسبة الاجتماعية التي يريد أن يفرح بها والده وأسرته ومحبيه، وكقراءة شخصية ومن خلال بعض فقرات العرس اليماني التي اختلطت فيه الرقصات الشعبية منها التهامية والحضرمية والصنعانية والجنوبية كانت الرسالة تنم عن فهم عميق وعلاقة للرجل بكل مناطق اليمن ومكوناتها وهي رسالة اجتماعية قبل أن تكون سياسية.
يشعر الحاضر للعرس اليماني غياب السياسة بل حتى الامتداد الوطني في العرس بشكل مباشر، فلا علم اليمن ولا الطير الجمهوري ولا النشيد الوطني ضمن فقرات العرس، وهذا يؤكد أن الرسالة المباشرة اجتماعية موجهة للداخل والخارج ، وهي رسالة مهمة لكن لا تخلو من السياسة، فالتراث اليمني من الشمال والجنوب والشرق والغرب في حفل الزفاف له دلالة بشأن الوحدة الوطنية .
صحيح أن الرسالة السياسية غير مباشرة في إطار الرسالة الاجتماعية الحاضرة، فعرس نجله سهيل هو الوحيد الذي أعلنه للناس بعد أن أصبح خارج الدولة اليمنية، وهذا يضع نجله سهيل محل اهتمام كمرشح يخلف اسم والده في الدولة اليمنية رغم عدم وجود سيرة ذاتية معلنة لهذا الشاب إن كانت ميوله سياسية أو عسكرية أو إدارية مهنية أو اجتماعية قبلية!
اختبر الجنرال مرة أخرى اتصاله بالمجتمع رغم الظروف المحيطة به، فهو الآن خارج الدولة وفي منفى اختياري، وقد كسب الرهان أبو سهيل وهو يرى أن ثقله الاجتماعي لازال موجودا، لكن الاسئلة التي لا أحد يمتلك إجابتها غيره.، هل سينقل هذا الثقل الاجتماعي لنجله أم لازال يفكر بقيادة المجتمع من خارج الدولة؟ أم كانت الرسالة حق وداع وتوديع للعبء الذي أثقل كاهله؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news