العودي.. وسر الإبداع.. بقلم /د. علي الزبير.

     
عدن توداي             عدد المشاهدات : 221 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
العودي.. وسر الإبداع.. بقلم /د. علي الزبير.

عدن توداي

د. علي الزبير

تربطني بالأديب والناقد والأكاديمي الدكتور محمد مسعد العودي، علاقة حميمية متينة، كان مفتتحها تشاركنا مقاعد دراسة اللغة العربية في كلية العلوم والآداب والتربية (كلية التربية العليا سابقا) أربع سنوات دراسية (1990 – 1994م)، ثم جمعتنا مرة أخرى مقاعد الدراسة في مرحلة الماجستير في أواخر الألفية، ولم ينقطع تواصلنا حتى اليوم، وهذا يعني أن عمر صداقتنا ثلاثة عقود ونصف، تشاطرنا فيها حلو الحياة ومرها، وتعاطينا فيه أفكارنا حول الماضي والحاضر، وتطلعاتنا الى المستقبل، وتهادينا نصوصنا الإبداعية منذ بواكير محاولاتنا، وتناقشنا فيها ونقدناها سلبا وإيجاباً، إن ثلاثة عقود ونصف من الصداقة الروحية والإبداعية التي جمعتنا هي مدة كافية تجعلني أقول بثقة إني أعرف جانباً مهماً وجوهرياً من سر سحر إبداع صديقي العودي، وشغف المتلقي، في الوطن وخارجه، بكتاباته الإبداعية، وسر غزارة نتاجه الإبداعي -الروائي تحديداً-.

إن هذا السر يكمن ببساطة في أن صديقي محمد مسعد يمتلك موهبة فذة في التعبير الشفهي المباشر عن أفكاره ومشاعره، وأسلوباً ساحرًا في سرد المواقف والأحداث، وأحسب أن هذا الأمر يؤيدني فيه كل من شاركه مجالس القات أو أو استمع إلى محاضراته أولقاءاته، والذين جالسوه واستمعوا إليه وقرأوا إبداعه الروائي سيؤيدونني حين أقول إن صديقي محمداً يكتب كما يتكلم، ويعبر عن أفكاره ومشاعره كتابةً بالطريقة نفسها التي يلقيها مشافهة، ومن ثَم تجد رواياته سرداً خالصاً تجعل القارئ لاهث الأنفاس وهو يتدرج مع السارد من موقف إلى آخر، ومن حدث إلى غيره، مع ما يتخلل ذلك من حوارات بين الشخصيات لا تفصل القارئ عن تدفق السرد، وبصيغة أخرى لا يجد القارئ نفسه مضطراً للتوقف عن متابعة الأحداث لقراءة الأوصاف الدقيقة للمكان والزمان وملامح الشخصيات وملابسها وتعابير وجوهها وما شابه ذلك مما يثقل -حين يكثر- على القارئ، ويعيقه عن متابعة تدفق السرد.

ولعل هذه الطريقة المباشرة في السرد، التى حققت الرضا للروائي في التعبير، وللمتلقي في التأثر، لم تحوج محمد مسعد إلى اتباع طرائق التجريب الحديثة في الكتابة السردية، التي ترضي الناقد السردي أكثر من المتلقي الاعتيادي.

وهذه سمة السرد المتدفق للأحداث. وحركة الشخصيات بتلقائية وعفوية، تجلت في معظم رواياته؛ مثل: (اليقطينة) و(رحيل) و(البئر) و(دوحة الرؤيا) وغيرها، ولكني سأكتفي هنا بالإشارة الموجزة إلى روايته الأخيرة (لؤلؤتان) التي تدخل بامتياز في نمط الرواية (السير ذاتية) التي حظيت باهتمام الدارسين في العقود الأخيرة. ففي هذه الرواية تجلت قدرة العودي في تحويل الأحداث الحقيقية والشخصيات الواقعية إلى عمل فني روائي ساحر، يجعل المتلقي ينسى -أو يتناسى- تقديم السارد بالإشارة الى كون النص يسرد حقائق لا علاقة لها بالتخييل الروائي، حتى أنا -كاتب هذه السطور- حين أخذني السرد المتدفق للأحداث، وتنقل الشخصيات بين القرية وصنعاء وعدن ومصر وغيرها من الأمكنة، نسيت تلك الإشارة التمهيدية، على الرغم من تأكدي من أنها ليس من الإشارات الخادعة التي يلجأ إليها بعض الروائيين لتحفيز انتباه القارئ، فأنا أعرف جوانب كثيرة من الحقائق المسرودة، سواء بالمعايشة المباشرة مع الكاتب، مثل: إشارته إلى عدم قدرته على الغياب كثيراً عن (هيلين)، فطوال مكوثنا معا في السكن الداخلي لا أتذكر أنه أكمل أسبوعاً دون أن يكسره بالسفر، حتى في أيام الامتحانات.

ثم إن كثيرا من الحقائق والشخصيات التي سردتها الرواية أعرفها من أحاديث صديقي، باستثناء سر صغير لم يذكره لي، أو أنه ذكره لي ونسيته، وهو أنهم كانوا يسمونه في صغره (محيميد).

الخلاصة أن صديقي محمداً من خلال (لؤلؤتان) وغيرها من رواياته، أثبت أن في حياة كل شخص منا أحداثاً وعبراً يمكنها أن تغني عن الحاجة إلى التخييل لكتابة رواية مكتملة الأركان والعناصر، فقط عليه أن يمتلك موهبة السرد، ومقدرة على التطويع الجمالي للغة، والقدرة على تذكر الأحداث وترتيبها بصورة منطقية، وكل ذلك وأكثر متوافر لدى صديقي المبدع د. محمد مسعد العودي.

5/ 8/ 2024م

شارك هذا الموضوع:

Tweet

المزيد

Telegram

معجب بهذه:

إعجاب

تحميل...

مرتبط

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

خالد سلمان يكشف عن زلزال عسكري قادم نحو تعز والبيضاء.. وساعات لحسم مصير محور الجبولي

نافذة اليمن | 831 قراءة 

اليمن مات. وهذا ما سيحلّ مكانه!

الوطن العدنية | 756 قراءة 

اول ضربة جوية على قوات الانتقالي بوادي حضرموت (تفاصيل)

مراقبون برس | 590 قراءة 

إعلان رسمي: أول مدينة في اليمن تحظر السلاح وتتوعد المخالفين بالعقوبات

نيوز لاين | 575 قراءة 

منفذ الوديعة يفرض شرطاً جديداً على المغتربين اليمنيين

المشهد اليمني | 428 قراءة 

هل اكتشفت الرياض أن قوات الدرع التي بنتها غير جاهزة للمواجهة؟

الوطن العدنية | 422 قراءة 

حسين الجسمي يستفز الشعب اليمني.. اكتشف القصة

المشهد اليمني | 415 قراءة 

شرطاً جديداً يفرضه منفذ الوديعة على المغتربين اليمنيين

يمن فويس | 410 قراءة 

باسندوة: أتمنى الموت قبل أن أرى تقسيم اليمن

قناة المهرية | 367 قراءة 

رئيس الوزراء الأسبق ‘‘باسندوة’’ يخرج عن صمته ويعلن موقفه من سيطرة الانفصاليين على حضرموت والمهرة: أتمنى الموت قبل أن أرى هذا الأمر!!

المشهد اليمني | 278 قراءة