العودي.. وسر الإبداع.. بقلم /د. علي الزبير.

     
عدن توداي             عدد المشاهدات : 93 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
العودي.. وسر الإبداع.. بقلم /د. علي الزبير.

عدن توداي

د. علي الزبير

تربطني بالأديب والناقد والأكاديمي الدكتور محمد مسعد العودي، علاقة حميمية متينة، كان مفتتحها تشاركنا مقاعد دراسة اللغة العربية في كلية العلوم والآداب والتربية (كلية التربية العليا سابقا) أربع سنوات دراسية (1990 – 1994م)، ثم جمعتنا مرة أخرى مقاعد الدراسة في مرحلة الماجستير في أواخر الألفية، ولم ينقطع تواصلنا حتى اليوم، وهذا يعني أن عمر صداقتنا ثلاثة عقود ونصف، تشاطرنا فيها حلو الحياة ومرها، وتعاطينا فيه أفكارنا حول الماضي والحاضر، وتطلعاتنا الى المستقبل، وتهادينا نصوصنا الإبداعية منذ بواكير محاولاتنا، وتناقشنا فيها ونقدناها سلبا وإيجاباً، إن ثلاثة عقود ونصف من الصداقة الروحية والإبداعية التي جمعتنا هي مدة كافية تجعلني أقول بثقة إني أعرف جانباً مهماً وجوهرياً من سر سحر إبداع صديقي العودي، وشغف المتلقي، في الوطن وخارجه، بكتاباته الإبداعية، وسر غزارة نتاجه الإبداعي -الروائي تحديداً-.

إن هذا السر يكمن ببساطة في أن صديقي محمد مسعد يمتلك موهبة فذة في التعبير الشفهي المباشر عن أفكاره ومشاعره، وأسلوباً ساحرًا في سرد المواقف والأحداث، وأحسب أن هذا الأمر يؤيدني فيه كل من شاركه مجالس القات أو أو استمع إلى محاضراته أولقاءاته، والذين جالسوه واستمعوا إليه وقرأوا إبداعه الروائي سيؤيدونني حين أقول إن صديقي محمداً يكتب كما يتكلم، ويعبر عن أفكاره ومشاعره كتابةً بالطريقة نفسها التي يلقيها مشافهة، ومن ثَم تجد رواياته سرداً خالصاً تجعل القارئ لاهث الأنفاس وهو يتدرج مع السارد من موقف إلى آخر، ومن حدث إلى غيره، مع ما يتخلل ذلك من حوارات بين الشخصيات لا تفصل القارئ عن تدفق السرد، وبصيغة أخرى لا يجد القارئ نفسه مضطراً للتوقف عن متابعة الأحداث لقراءة الأوصاف الدقيقة للمكان والزمان وملامح الشخصيات وملابسها وتعابير وجوهها وما شابه ذلك مما يثقل -حين يكثر- على القارئ، ويعيقه عن متابعة تدفق السرد.

ولعل هذه الطريقة المباشرة في السرد، التى حققت الرضا للروائي في التعبير، وللمتلقي في التأثر، لم تحوج محمد مسعد إلى اتباع طرائق التجريب الحديثة في الكتابة السردية، التي ترضي الناقد السردي أكثر من المتلقي الاعتيادي.

وهذه سمة السرد المتدفق للأحداث. وحركة الشخصيات بتلقائية وعفوية، تجلت في معظم رواياته؛ مثل: (اليقطينة) و(رحيل) و(البئر) و(دوحة الرؤيا) وغيرها، ولكني سأكتفي هنا بالإشارة الموجزة إلى روايته الأخيرة (لؤلؤتان) التي تدخل بامتياز في نمط الرواية (السير ذاتية) التي حظيت باهتمام الدارسين في العقود الأخيرة. ففي هذه الرواية تجلت قدرة العودي في تحويل الأحداث الحقيقية والشخصيات الواقعية إلى عمل فني روائي ساحر، يجعل المتلقي ينسى -أو يتناسى- تقديم السارد بالإشارة الى كون النص يسرد حقائق لا علاقة لها بالتخييل الروائي، حتى أنا -كاتب هذه السطور- حين أخذني السرد المتدفق للأحداث، وتنقل الشخصيات بين القرية وصنعاء وعدن ومصر وغيرها من الأمكنة، نسيت تلك الإشارة التمهيدية، على الرغم من تأكدي من أنها ليس من الإشارات الخادعة التي يلجأ إليها بعض الروائيين لتحفيز انتباه القارئ، فأنا أعرف جوانب كثيرة من الحقائق المسرودة، سواء بالمعايشة المباشرة مع الكاتب، مثل: إشارته إلى عدم قدرته على الغياب كثيراً عن (هيلين)، فطوال مكوثنا معا في السكن الداخلي لا أتذكر أنه أكمل أسبوعاً دون أن يكسره بالسفر، حتى في أيام الامتحانات.

ثم إن كثيرا من الحقائق والشخصيات التي سردتها الرواية أعرفها من أحاديث صديقي، باستثناء سر صغير لم يذكره لي، أو أنه ذكره لي ونسيته، وهو أنهم كانوا يسمونه في صغره (محيميد).

الخلاصة أن صديقي محمداً من خلال (لؤلؤتان) وغيرها من رواياته، أثبت أن في حياة كل شخص منا أحداثاً وعبراً يمكنها أن تغني عن الحاجة إلى التخييل لكتابة رواية مكتملة الأركان والعناصر، فقط عليه أن يمتلك موهبة السرد، ومقدرة على التطويع الجمالي للغة، والقدرة على تذكر الأحداث وترتيبها بصورة منطقية، وكل ذلك وأكثر متوافر لدى صديقي المبدع د. محمد مسعد العودي.

5/ 8/ 2024م

شارك هذا الموضوع:

Tweet

المزيد

Telegram

معجب بهذه:

إعجاب

تحميل...

مرتبط


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

السعودية تعلن افتتاح أضخم مشاريعها في اليمن والذي سينقذ آلاف اليمنيين من الموت

نيوز لاين | 871 قراءة 

عصابة خطيرة تلجأ لحيلة خسيسة وتوجه طعنة غادرة للرئيس العليمي

نيوز لاين | 567 قراءة 

الحوثي يهدد هذه الدول بهذا الرد (فيديو)

العربي نيوز | 459 قراءة 

حقيقة مغادرت مايا العبسي قناة "السعيدة"

نيوز لاين | 383 قراءة 

لن تصدق ماحدث...فاجعة تهز قلب صنعاء

نيوز لاين | 382 قراءة 

عاجل.. (5) غارات جوية على حرف سفيان في عمران

موقع الأول | 350 قراءة 

اتفاق على توحيد البنك المركزي بين صنعاء وعدن

اليمن السعيد | 327 قراءة 

الرئيس علي ناصر يفجر مفاجأة كبرى.. دولة عربية دفعت (50) مليون دولار لتصفية الرئيس عبدالفتاح إسماعيل

موقع الأول | 239 قراءة 

من ميناء الوديعة البري...بشرى سارة للمغتربين

نيوز لاين | 209 قراءة 

طبيب يكشف سبب ارتعاش اليدين والرجلين أثناء الشجار والنقاش

موقع الأول | 199 قراءة