تستعد الحكومة المصرية لتطبيق ضوابط جديدة فيما يتعلق بالتراخيص الخاصة بمنشآت «الصحة النفسية وعلاج الإدمان»، عبر لجنة وجّه وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار بتشكيلها من أجل «حوكمة منظومة إصدار التراخيص»، لـ«توفير آلية موحدة لترخيص المراكز النفسية الخاصة».
ويبلغ عدد منشآت الصحة النفسية الحكومية 223 منشأة، بإجمالي طاقة استيعابية تصل إلى 11628 سريراً، بينما بلغت الطاقة الاستيعابية الخاصة بعلاج الإدمان في المنشآت الحكومية 1747 سريراً، في حين وصلت الطاقة الاستيعابية للمنشآت الخاصة إلى 4508 أسرّة، بحسب الإحصائيات التي تضمنها تقرير «المجلس القومي للصحة النفسية» الصادر خلال الشهر الحالي.
وخلال اجتماع الوزير، الاثنين، مع مسؤولي «المجلس»، أكد عبد الغفار أن اللجنة سيكون هدفها «توفير آلية موحدة لترخيص المراكز النفسية الخاصة، مع وضع ضوابط لميكنة المنشآت الخاصة وتسجيل المرضى على نظام موحد، وإدخال الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والاستفادة منها من الناحيتين الطبية والتعليمية».
ووفق إفادة رسمية صادرة عن الوزارة، فإن اللجنة ستكون بالتعاون بين «المجلس» ونقابة الأطباء والقطاع الخاص، بجانب «الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص»، مشيراً إلى زيادة مخصصات العلاج النفسي على نفقة الدولة.
كانت وزارة الصحة أعلنت مطلع الشهر الحالي إغلاق 39 منشأة خاصة «لعلاج الإدمان والطب النفسي» لوجود مخالفات بها، وهي المنشآت التي جرى التفتيش عليها من قِبل مسؤولي الوزارة مع قيامها بالترويج لأنشطتها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي دون وجود متخصصين للإشراف على الخدمة الطبية»، وفق ما ورد في بيان رسمي.
تسهم هذه الخطوة في إحراز تقدم نحو السيطرة على الكيانات غير الرسمية التي تقدّم علاجاً للمرضى دون توفير كوادر طبية مؤهلة للتعامل معهم، بحسب وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب (البرلمان)، الدكتور محمد العماري الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» ضرورة تطبيق اشتراطات واضحة تطبق على جميع المراكز.
وأضاف أن وجود قاعدة بيانات بالمراكز المرخصة والتي تخضع لإشراف طبي كامل ومراقبة وتفتيش من الجهات المعنية سيساهم في القضاء على «السماسرة» الذين يدّعون تقديم هذه الخدمات في شقق وفيلات دون أن يكون هناك إشراف طبي، وهو أمر يكون هدفه تحقيق العائد المادي فحسب.
رأي يدعمه استشاري الطب النفسي الدكتور جمال فرويز، الذي يشير إلى أهمية وجود القطاع الخاص في المنظومة الصحية، لكن وفق اشتراطات وضوابط محددة، بما يساهم في توفير العلاج السليم للمرضى النفسيين والمدمنين، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الحالات التي تعرّضت لانتكاسات طبية وتأخر تعافيها بسبب المشكلات التي تعرّضوا لها خلال وجودهم في مراكز غير مرخصة.
وأضاف أن طبيعة ترخيص المنشآت المخصصة للعلاج النفسي وعلاج الإدمان تتطلب أن يكون هناك مساحة 10 أمتار لكل مريض وطاقة استيعابية محددة وعدد كافٍ من الإشراف الطبي والتمريض، بجانب وجود تجهيزات لغرفة عناية فائقة وأجهزة طبية خاصة، مشيراً إلى أن علاج بعض المرضى يستلزم تعاوناً من عائلاتهم بانتقالهم في مراحل تالية للمرحلة الأولى لاستكمال العلاج من المنزل.
وأكد أن الضوابط الكثيرة اللازم توافرها في هذه المراكز تجعل تكلفة الإقامة في اليوم تتراوح بين 3 و5 آلاف جنيه (الدولار يساوي 48.30 جنيه)؛ وهو ما يجعل الكثير من أسر المرضى تفضل اللجوء إلى مراكز أقل سعراً، لكنها لا تلتزم بالمعايير الطبية للعلاج، بل تتسبب في انتكاسة المرضى بسبب ما يتعرضون له من «تعذيب» وعدم فهم لطبيعة ما يحتاجون إليه من علاج.
وبحسب التقرير السنوي للمجلس القومي للصحة النفسية عن الفترة من أول يوليو (تموز) 2023 وحتى نهاية يونيو (حزيران) 2024، بلغ عدد حالات الدخول في منشآت العلاج النفسي 55057 حالة، بينهم 19528 حالة دخول بالمنشآت الحكومية، و35529 حالة دخول بالمنشآت الخاصة، بينما بلغ عدد حالات الخروج 51673 حالة، بينهم 18564 حالة خروج من المنشآت الحكومية، و33109 حالات خروج من المنشآت الخاصة.
عودة إلى وكيل لجنة الصحة بالبرلمان الذي يؤكد أن صياغة الضوابط الواضحة ستسهم في التصدي للمراكز غير المرخصة بشكل كامل، وهو رأي يدعمه فرويز الذي يشدد على ضرورة تفهم عائلات المرضى طبيعة ما يعانيه أبناؤهم ومساعدتهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news