ماذا بعد ديمقراطية الغرب..؟!

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 36 مشاهده       تفاصيل الخبر
ماذا بعد ديمقراطية الغرب..؟!

الاهداء: الى ذلك المثقف الكسل ذهنيا من يريد المعرفي جاهزا له دون إعمال الفكر

الديمقراطية لم تكن في يوم من الأيام حلا في الحكم وإدارة الدولة والعلاقة بين أفراد المجتمع.. ولم تكن في مستوى المعول عليها لخلاص البشرية من القمع والاضطهاد ومصادرة الحريات، ولم تكن نظام حل مشكلات بطرق منتظمة. لذلك ظلت شعارا يرفع لدى الأورو أمريكي الذي يقتنص فرص الاستغلال للآخر والسيطرة عليه، واتخاذها عكازا للطريق الى حالة استعمارية أجد تحت لافتة (الديمقراطية).. سقطت بغداد وتنمرت دول الديكتاتوريات في نادي الأغنياء الخليج تحت هذه اللافتة، تقاسم الكبار لقمة الصغار وجرت انقلابات في بلدان عديدة وحوصرت شعوب كما في بلدان أمريكا الجنوبية تحت عنوان الديمقراطية. وتهاوت سيادات دول كما بنما وليبيا وسوريا واليمن والعراق ولبنان، والقائمة لا تنتهي من دول تتزعم الدفاع عن الديمقراطية وتعتدي على الآخر بذات العنوان، كما تتخذ منها عصا لضرب ما يسمى بالدولة المارقة التي لا تنصاع لتوجيهاتها وتتمرد على حاكم البيت الأبيض. هي إذا ديمقراطية انتهازية كاذبة، استغلالية، قامعة. ديمقراطية رساميل عابرة للقارات ومصالح تتصارع، وقوى تنال من الآخر الضعيف. فلسفتها البقاء للأقوى وللأفضل، ونظريتها في (الانتخاب الطبيعي) لاتخرج عن هذا المسار الديمقراطي اللعين، و(البيروسترويكا) (الغورباتشوفية) هي أيضا في ذات السياق، كما نظرية (التفكيكية) أو الهدم من أجل البناء، التي انتقلت من الأدب وعلم الاجتماع الى السياسة باسم الفوضى الخلاقة بصناعة أمريكية، لتدمر العالم ثالثي، وتدمر أيضا عالمها رغما عنها لأنها تمارس اختلال توازن كوني.

وإذا في هذا الفضاء (السيبرنطيقي) ما الذي تبقى من قيم؟.

أزعم هنا أن الافتراضي المحدود هنا وحده، هو العالم الغني بالديمقراطية، هو المجال المفتوح للكل: فقير /غني، متقدم /متخلف، عبقري /غبي، عالم /جاهل. لم نشاهد ديمقراطية حقيقية نشأت إلا عبر العلم فقط، وحده الإنجاز العلمي صنع الديمقراطية التي تتدفق معلومات وأخبار ومعرفة بلا حدود، هي متاحة للجميع من الجميع. هنا غدا الإنسان فاعلا ومتفاعلا حينا من الدهر، يقبل ويرفض ما يريد ويسهم في إخصاب الفكرة والحقول العلمية. على الأقل في الوقت الراهن. بهذا المعنى نعم الديمقراطية انتقلت من عالم السياسة والاجتماع الى العالم الافتراضي كفضاء مفتوح، إلى الانسان دونما تمايز أو احتكار أو رقيب عتيد. لعل أهم ما جاد به العلم، هو اكتشافه من جديد للديمقراطية وكشفه زيفها في آن واحد. فهل يفلت من عالم القمع السياسي ويصنع عالمه الافتراضي الآخر، بالبحث عن نظام أكثر عدالة يتسق مع التقدم العلمي الغير مسبوق. يبدو أن ما يحدث اليوم من خلخلة في مفاهيم عدة وفي سياسة دول وصراع الجبابرة الاقتصادي والعسكري كما هو حال (روسيا/الغرب) وهما على طرفي الكرة الأرضية، يسير في هذا الاتجاه. البحث عن حالة توازن بين الواقع والمتغير. بين الممكن والمستحيل. أو هكذا يهجس لي، هو ما نراه يبزغ من ركام معاناة البلدان الفقيرة، وتوسع الأورو أمريكي بلا حدود وتعاليه على البلدان المتخلفة، وما يصدره لها من صراعات لا تنتهي ، ليبقى المهيمن، الامر الذي جعل القوى القادرة على الفكاك منه تدخل دائرة التحدي، وتكشف زيف الديمقراطية الغربية، وترمي بها عرض الحائط، لتختار تكافؤ القوة، والمواجهة لخلق عالم متعدد القطبية، وهو ما نراه اليوم فعلا ماديا ملموسا قابلا للإنجاز. تغيير فيه معادلة القطب الواحد والحد من النفوذ الأورو امريكي ضمن فضاء مفتوح متعدد المعلومة ومتدفق معرفيا، ليعم العالم الذي عليه ان يستعيد قدرته في استيعاب هذا المتغير، والإسهام فيه كفرصة تأتيه قبل أن لا يجد نفسه بين هذا التعدد والتنوع، ويقع في فكر أحادي (دوغما) قامع، قابل لأن يندثر بقوة الجديد ومطرقة العصر.

المعلوماتية تصل بنا إلى اختلال رهيب وقمع ممنهج ودكتاتورية أخطر من سابقاتها

في كل الأحوال إن التطور العلمي الهائل والقفزات الكبيرة في مجال العالم الافتراضي والمعلوماتية الغزيرة والوصول بالتقني الى مرحلة الإحلال عبر الأتمتة كبديل عن الإنسان،، بقدر ما هو رفاهية ومتعة وديمقراطية حين من الدهر. هو أيضا نوع من استعلاء دول على أخرى وتفوق يصل الى حد الاستغناء عن الإنسان ومنحه التقاعد منذ ولادته، باعتبار الآلية هي التي ستحل محل الإنسان في العمل، ليتحول الديمقراطي المتعدد في العالم الافتراضي الى ديكتاتور قامع أكثر استعلاء وإقصاء للبشري والسيطرة عليه واستلابه القدرة على التفكير واحتلال العقل وجعله منقادا لما يقدم له عبر العالم الافتراضي من جاهزية في كل شيء وخدمات تشمل كل الحياة.

هذا بعد التطور الشامل الذي نرى بوادره من خلال ما يسمى بمرحلة علم (النانو) هذه المرحلة التي يشتغل كل شيء تلقائيا دونما تدخل من الإنسان الذي يتحول الى مراقب مستلب الوجدان يعيش غربة اجتماعية نفسية وفكرية. حيث كل شيء يقدم له جاهزا ليبقى مجرد مستهلك فقط ومشيأ يتحرك بأوامر كما يتحرك الروبوت. إن خطورة التطور المعلوماتي الرهيب هو أنه بداء ديمقراطية واسعة لينتهي الى دكتاتورية قامعة، حيث يسيطر على البشري مجاميع تمتلك المعلوماتية وتقنيتها في آن واحد. هذا الامتلاك الذي يشل دولا ومجتمعات بما فيها الأوربية، ويغدو الفرد أسير المرئي الجاهز يتابعه ويحاوره كمادة بلا روح أو مشاعر، بما يخلق لدى البشري المستهلك حالة انفصام حقيقية بين واقع يسلبه أرادته ويشل تفكيره ويعطل مشاعره كإنسان إزاء اسرته وبيته،، وعالم افتراضي اقحم نفسه على البشري واستطاع أن يجره إليه وأن يتمكن من السيطرة على كيان المجتمع ككل. نحن إذا إزاء مسيرة علمية مريعة فيها الإنسان مشيأ ومستهلك ومجرد أداة يعيش البطالة، باعتبار (الروبوت) حل محله، كما يستتبع هذه البطالة تركيز الثروة لدى فئة قليلة، لينتشر الفقر والاستغلال والقهر التقني والطبقي في آن واحد. إن عالما تفرضه الآلة ومن يقف وراءها على البشري إنما هو عالم اقصائي يستلب الانسان وجوده وحريته، ويموضعه على عالم افتراضي فقط لتبقى المشاعر محبوسة والإنسان في حالة تدجين لا يقدر على الفرار من الافتراضي كعالم نوجد فيه وله، وأدخله في قوقعة الفردية المعذبة. الإنسان هنا يتحول الى بضاعة للمهيمن، المصنع، للتقني من يحتكر المعلوماتية بعد أن جعلها مشاعا ثم لملمها بتصنيع وتطوير الافتراضي حد الذهول والانجذاب اليه وإدمانه واستغراق كل الوقت في هذا العالم المزيف الخالي من المشاعر..

إن المتتبع للتطور المعلوماتي يجد أنه عالم مخيف ( مسكن) الآلي-مثلا-جاهز لأن يقدم خدماته كاملة لساكنه من مأكل وملبس وغسيل والرد على المكالمات وتجهيز الفطور منذ اول ما يفتح الساكن عينيه الى أن يعاود النوم هذا كمثال. إن هذا التطور يمس الإنسان وقيمه في الصميم، ويجعله تابعا خانعا مستلب الوجود يعيش غربة الذات والواقع والوجود، وربما يصل الى حد الانتحار حين لا يرى ولا يلمس ولا يجد سوى افتراضي (وريبوت) يعيقه عن التخاطب بالمشاعر والوجدان، وربما يتحول الإنسان بهكذا واقع الى متوحش.

(وإن غدا لناظره قريب)

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل .. اول تحرك عسكري يمني سعودي جديد بعد تعيين قائد جديد للقوات المشتركة

وطن الغد | 1407 قراءة 

رسميا.. الزُبيدي يؤكد تسريبات هيكلة الرئاسي

العربي نيوز | 1180 قراءة 

أول رد لحميد الأحمر على تصريحات نجل الزبيري عن ثورة سبتمبر: أبوالأحرار ليس ‘‘أبوعمران’’

نيوز لاين | 1126 قراءة 

اعلام الجمهورية تجتاح العاصمة صنعاء (صور)

العربي نيوز | 1093 قراءة 

وصلوا إلى الحدود.. 40 ألف مقاتل من 3 دول عربية بينها اليمن ينتظرون إشارة الهجوم على إسرائيل وهذا هو المسؤول عنهم!!

المشهد اليمني | 1033 قراءة 

الزُبيدي يكشف اسرار صواريخ الحوثيين 

العربي نيوز | 965 قراءة 

امريكا تؤكد غرق إحدى مدمراتها باليمن (صور)

العربي نيوز | 962 قراءة 

الكشف عن ترتيبات جديدة لإعادة هيكلة مجلس القيادة الرئاسي مكونة من ثلاثة أعضاء فقط

نيوز لاين | 725 قراءة 

قناة إندونيسية تنقل مباراة المنتخب اليمني للشباب في التصفيات الآسيوية اليوم

عدن نيوز | 702 قراءة 

دولة خليجية تدعم الحوثيين باستثمارات ضخمة بصنعاء والبداية” بنك مصرفي وشركة طيران؟

المشهد اليمني | 697 قراءة