الحوثيون بين صنعاء وتل أبيب

     
المشهد اليمني             عدد المشاهدات : 255 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الحوثيون بين صنعاء وتل أبيب

أثار الهجوم الذي نفذته جماعة الحوثيين الأسبوع الماضي داخل تل أبيب مشاعر متضاربة حد التناقض، وهي أول عملية خارجية تتعرض لها في عمقها. وانزلق بعض معها إلى خلط الأوراق والقضايا، كما سخر منها كثير وقللوا من أهميتها على رغم أنها اضطرت إسرائيل إلى قصف مدينة الحديدة وهي أول عملية داخل شبه الجزيرة العربية، وهذا الأمر، يمنياً في الأقل، نتاج طبيعي لما خلفته، ولا تزال، الحرب والصراعات الداخلية، لكنها تجاوزت الحدود الأخلاقية وحتى السياسية للصراع والخلاف ولم يعهدها اليمنيون في كل عهودهم الماضية.

إشكالية أخلاقية وإشكالية سياسية

خلقت عملية تل أبيب إشكاليتين، أخلاقية وسياسية، ووضعت المرحبين والمنددين من العرب في موقف صعب، لأنها جرت تحت شعار نجدة أهل غزة خصوصاً وفلسطين عموماً، وهو ما يجعل الإشادة بها أمراً طبيعياً وتلقائياً. وفي الوقت نفسه رأى بعض آخر أن التكهن بتبعاتها على اليمن، وربما المنطقة، أمر شديد الخطر.

المؤكد أن ما حدث في الـ19 من يوليو (تموز) خلق بيئة جديدة للصراع في المنطقة برمتها، لأنه كسر نظرية مناعة إسرائيل ضد الهجوم الخارجي على عاصمتها، خصوصاً أن الحوثيين هم الذين أعلنوا مما يعني قدرتهم على الوصول إلى كافة المدن هناك. وهذا سيثير مزيداً من التوتر والهلع في المنطقة كلها خشية الخروج عن قواعد الاشتباك، ويُفقد إسرائيل مزاعم تفوقها وقدرتها على أن تكون الوحيدة التي تمتلك حق الهجوم كما حدث في سوابق كثيرة من دون رد يصيبها في عمق جغرافيتها.

إسرائيل في مرمى النار

اعتادت إسرائيل منذ نشأتها، أن تختار مكان كل حروبها وزمانها، واعتقدت لزمن طويل أنها في منأى من أخطار تصرفاتها واعتداءاتها. لكنها هذه المرة فوجئت بخصم منفلت بعيد منها مكانياً وليس له حدود مباشرة معها، وراغب في اقتحام ساحة الصراع المرير معها ولا يأبه لردود فعلها، بل يتفاخر بأنه صار لاعباً أساسياً في الميدان ولا يخشى عواقب عملياته.

الهجوم الذي قامت به "الجماعة" في العمق الإسرائيلي، بعد العمليات التي قامت بها في البحر الأحمر فحولته إلى ممر مائي غير آمن، يثير إعجاب كثير خارج اليمن وداخلها، مع الأخذ بالاعتبار أن جماعة الحوثي تمتلك روح المغامرة من دون التفكير بالآثار التي تمس حياة اليمنيين البسطاء الذين يعيشون تحت ظروف مريرة بسبب الحروب الداخلية التي جرت إليها البلاد منذ 2014 وحتى يومنا.

رد الفعل المتوقع

كان متوقعاً رد الفعل القادم من إسرائيل لأن الوصول بطائرة مسيرة إلى تل أبيب جرح نظرية قدرتها على خوض حروب عدة في الوقت نفسه. وما حدث في الحديدة من تدمير لمنشآت مدنية، مكشوفة أصلاً، يدل على مدى الغضب الذي تملك الحكومة فيها، وأخطأت في اختيار الأهداف لأنها لن تؤثر في قدرات "الجماعة" وسيطرتها على المساحات التي تحكمها.

إن أصوات كثير من الذين "تبرعوا" بالسخرية والتشفي من الدمار الذي أحدثه الهجوم على الحديدة، والقول إنه نتيجة تتحمل "الجماعة" مسؤوليته، وصل إلى حد تبرير الاعتداء الإسرائيلي، بل الترحيب به، ورأوا فيه انتقاماً من الحوثيين وحدهم. وهم بهذا يتغافلون عن أنه أصاب اليمنيين الذين سيدفعون الفاتورة وحدهم، ولم ينل من "الجماعة" لأن عمق قوتها لم يتأثر على رغم القصف الأميركي–البريطاني المستمر منذ ما بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ثم هناك الحديث الساذج عن أن كل ما يجري هو تنفيذ لمخطط "كبير" تشارك فيه "الجماعة" وإيران و"حزب الله" مع الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل. إن هذه النظرية التي صارت مسلمة عند كثير تبعث إلى حيرة وتسقط أمام ما نشاهده يومياً في المنطقة.

العلاقة مع إيران

صحيح أن "الجماعة" ترتبط بعلاقات وثيقة معروفة وعلنية مع إيران التي تساعدها منذ عقود طويلة، وصحيح أن "الجماعة" ترى أنها صارت في مصاف القوى الإقليمية، وصحيح أنها تتباهى لكونها أضحت لاعباً ضمن "محور المقاومة"، وصحيح أنها قادرة على الإزعاج والمناورة.

ولكن ما تتغافل عنه "الجماعة" هو أن كل أعمالها التي تقوم بها "نصرة" لغزة وفلسطين، لا تنسجم مع ممارساتها داخل البلاد، وهذا يصيبها في مقتل إذ إن القيام بعمليات تراها "بطولية" و"شجاعة" تنتفي قيمتها حين نرى ما تفعله بالمواطنين الذين يعيشون ضمن نطاق نفوذها وسيطرتها.

قد تبدو العمليات الخارجية مجلبة للزهو والتفاخر، ولكنها يجب ألا تلهي "الجماعة" عن أحزان الناس وحاجاتهم الأساسية وكرامتهم المنتهكة وحرياتهم المقموعة، ولن تشفع لها عندهم كما أنها لا تمنحهم صكوك البراءة من تحمل مسؤولية ما يجري من ممارسات كوادرها والمرتبطين بها.

ماذا لو تصالحت "الجماعة" مع المواطن؟

لوهلة أتساءل: ماذا لو كانت "الجماعة" متصالحة مع المجتمع ولا تستخدم القوة والبطش لحكمهم؟ والجواب البسيط هو أنه من المحتم أن يكون المشهد الوطني مختلفاً وسيكون الإجماع على عملياتها الخارجية أمراً ناجزاً. ولكنها تعجز عن إدراك أنها تفقد كل تعاطف على رغم ما تحشده من الجماهير في الساحات والميادين تأييداً لما تقوم به.

إن ما هو واجب فهمه أن حزن اليمني وغضبه مما تحدثه إسرائيل من إبادة وتدمير في كل غزة يجب ألا يصبح منحة لـ"الجماعة" لتواصل عبثها وقهرها للمواطن الحائر بين حبه لفلسطين وحبه لبلاده.

وعلى "الجماعة" أن تعي أن طموحاتها في الوصول إلى مرتبة "القوة الإقليمية" يمر عبر رضا المواطنين، كل المواطنين، وشعورهم بالأمان والسكينة والحرية والشراكة الوطنية في بلادهم، وما عدا ذلك ليس إلا ضرباً من الغرور وتجاهلاً للواقع.

*إندبندنت

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

إذلال مقابل الصمت.. شاب يُجبر على تقبيل الحذاء تحت التهديد بالفضيحة.. صورة

نيوز لاين | 422 قراءة 

وفاة موظفة بمدرسة بعد تعرضها لركلة قاتـ.ـلة من طالب

صوت العاصمة | 390 قراءة 

اليمن على أعتاب تغييرات سياسية كبرى بقرارات مرتقبة

نيوز لاين | 362 قراءة 

الكشف عن معلومة خطيرة لم يتم نشرها بشان حادثة خطف طائرةجديدة كادت تحدث بقيادة الكابتن المتوكل في عدن

كريتر سكاي | 288 قراءة 

يحدث الان...عرض عسكري كبير

كريتر سكاي | 287 قراءة 

قائد حوثي كبير يهدد باقتحام وزارة دفاع الانقلاب رافضاً تعيين المداني

يمن فويس | 279 قراءة 

مسؤول حكومي بارز في تعز متورط بقضية اغتيال إفتهان المشهري أصبح بقبضة الأمن

يمن فويس | 277 قراءة 

مليشيا الحوثي تتوافد إلى ميدان السبعين .. ماذا يحدث في صنعاء؟

المشهد اليمني | 269 قراءة 

#عاجل : وصول وزير الدفاع واستقباله بعرض عسكري

كريتر سكاي | 267 قراءة 

اعتقال مسؤول حكومي بارز في تعز متورط في اغتيال إفتهان المشهري

نيوز لاين | 244 قراءة