أعادت تلميحات أميركية إلى «اتفاق وشيك» محتمل بشأن «الهدنة في غزة»، الزخم من جديد لجهود إيجاد حل للأزمة بالقطاع، في ظل حديث مسؤولين بارزين في إسرائيل عن أن «الظروف مهيأة» لصفقة، وتأكيد مصري على «ضرورة وقف إطلاق النار».
جاء ذلك في وقت أكد فيه مصدر فلسطيني مطلع، السبت، أن مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة «متوقفة بقرار إسرائيلي». وقال المصدر لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، إن المسؤولين المصريين أبلغوا جهات فلسطينية في أعقاب لقاءاتهم الأخيرة مع الوفد الإسرائيلي المفاوض في القاهرة، بأن الوفد لم يحمل أي جديد.
وأضاف المصدر أن المفاوضات فعلياً متوقفة بقرار إسرائيلي منذ فترة، وكل الحديث عن تقدم «هو للتغطية الإعلامية على استمرار الحرب وقتل المدنيين الفلسطينيين».
في المقابل، رأى خبراء مصريون أن التفاؤل الأميركي بإمكان الوصول إلى صفقة يؤكد «استمرار المفاوضات التي لم تحمل جديداً خلال الأيام الماضية، ويؤكد قبول إسرائيل وحركة (حماس) بالمبادئ العامة لمقترح الرئيس الأميركي جو بايدن نهاية مايو (أيار) الماضي». وأشار هؤلاء الخبراء إلى أن «الترتيبات وصولاً إلى الهدنة في حاجة إلى مزيد من الوقت».
وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لواشنطن، خلال أيام، ستكون «فاصلة» في تحديد مستقبل نجاح التفاوض من عدمه.
وأكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في تصريحات متلفزة الجمعة، أن هناك «موافقة من إسرائيل و(حماس) على مقترح بايدن، وأننا نتجه نحو الهدف النهائي» فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق، والأمر يتعلق الآن بالانتهاء من التفاوض بشأن «بعض التفاصيل المهمة»، دون أن يذكرها. ونقل إعلام إسرائيلي، السبت، عن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قوله إن «حماس» مهتمة بالتوصل إلى صفقة لتبادل المحتجزين و«الأرض مهيأة» للتوصل إلى اتفاق.
بينما شددت مصر، بحسب مصدر وصفته قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، مساء الجمعة، بـ«رفيع المستوى»، على «ضرورة التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن إقرار الهدنة في غزة».
ورأى نائب مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، اللواء محمد إبراهيم الدويري، أن هناك مسارين لمفاوضات غزة؛ الأول، مسار مبادئ وهو متفق عليه من الطرفين بالفعل، أما الثاني فهو مسار تفصيلات، تحدث عنها بلينكن، وقال إن «فيها بعض النقاشات، وقد تكون مرتبطة بالانسحاب الإسرائيلي من مناطق، أو بحث فتح معبر رفح، أو أعداد الأسرى، أو الوقف الدائم لإطلاق النار».
ورأى إبراهيم أنه لا يمكن اعتبار تصريحات بلينكن تأكيداً نهائياً على الذهاب لـ«هدنة»، مشيراً إلى أنه «لو تمت قراءة تصريحاته بتفاؤل فإنها ستكون تأكيداً لاستمرارية المفاوضات ووجود بعض التوافقات. غير أن هناك حاجة إلى وقت لحسم تفاصيل الاتفاق».
كما استبعد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، أن يكون قد جد جديد بين الوسطاء في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن تصريحات بلينكن تأتي مقدمة «لزيارة نتنياهو الوشيكة لواشنطن واحتمال أن يعلن خلالها شيئاً ما بشأن الهدنة»، متوقعاً أن «تكون التفاصيل المهمة المتبقية التي تعرقل الاتفاق حالياً، هي ترتيبات ما بعد وقف الحرب».
وكانت القاهرة شهدت في 9 يوليو (تموز) الحالي، جولة جديدة من المسار التفاوضي لبحث تنفيذ مقترح بايدن الذي أعلنه نهاية مايو الماضي. واستكملت المفاوضات في الدوحة، قبل أن تعود لمصر من جديد، وسط تأكيدات أميركية بإحراز «تقدم» بالمسار التفاوضي.
واصطدم ذلك التقدم بحديث مسؤولين عسكريين في 12 يوليو الحالي، عن أن نتنياهو «أضاف مبادئ تتجاوز الاتفاقات مع الوسطاء» كان أبرزها استمرار سيطرة الجيش الإسرائيلي على «ممرّ فيلادلفيا ومعبر رفح» اللذين احتلهما في مايو الماضي، وفق ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.
ولاقت إضافات نتنياهو رفضاً من «حماس»، ووصفها القيادي بالحركة، عزت الرشق، بأنها «تعطيل للاتفاق». كما صدرت تصريحات إعلامية لمصدر مصري رفيع المستوى يحذر من «عرقلة المفاوضات»، في إشارة إلى شروط نتنياهو الجديدة.
في سياق ذلك، لا يرجح اللواء إبراهيم أن «تبرم صفقة هدنة قبل زيارة نتنياهو لواشنطن، المقررة الأسبوع الحالي»، مستبعداً أن «تحقق الضغوط الإسرائيلية الداخلية أي حسم للصفقة قبل الزيارة»، آخذاً في الاعتبار «حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي على تحقيق أكبر مكسب من الزيارة وعدم تقديم تنازلات بقبول الاتفاق تؤدي إلى إسقاط حكومته».
وأشار إبراهيم إلى أمرين؛ الأول تصريحات لمسؤولين إسرائيليين يؤكدون أن تصريحات بلينكن قد تكون خطوة أخيرة قبل التوصل إلى اتفاق وما تبقى من نقاط عالقة بحاجة لتفاصيل سيبحثها نتنياهو مع بايدن خلال الزيارة، والثاني ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت» من أن وفد التفاوض الإسرائيلي لن يعود لطاولة المفاوضات قبل عودة رئيس الوزراء من واشنطن. ورأى أن الصراع الانتخابي الأميركي تجاوز الوضع في غزة، ولم يعد محوراً رئيسياً، خصوصاً بعد تدمير القطاع، وتراجع زخم القضية. لكنه قال إن بايدن بالطبع «حريص على إتمام الصفقة نسبياً لتحقيق مكسب انتخابي، ونتنياهو غير حريص بالمرة لأنه لا يريد أن يهدد حكومته».
إلا أن السفير الحفني أشار إلى أن «إعلان وقف الحرب خلال زيارة نتنياهو لواشنطن قد يحدث ضجة كبيرة، وهو أمر لن يحدث؛ إلا إذا حصلت تل أبيب على صفقة ومكاسب أخرى من واشنطن مقابل إتمام الهدنة، خصوصاً أنها دمرت القطاع وأضعفت بشكل كبير قدرات (حماس)».
ومنذ اندلاع الحرب قبل 10 أشهر، شهدت غزة هدنة واحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لم تستمر إلا نحو أسبوع، تضمنت تبادل أسرى وإدخال مساعدات إغاثية، قبل أن يدخل الوسطاء نحو نصف عام بين «مناورات» و«تعقيدات» من قبل طرفي الحرب لم تسفر عن هدنة ثانية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news