استعرض الكتاب لـ”يمن ديلي نيوز” – عبدالله العطار:
يقع كتاب (كنت طبيبة في اليمن) للروائية والطبيبة الفرنسية “كلودي فاين” في (١٥٠) صفحة، وترجمه إلى العربية رئيس الوزراء الأسبق “محسن العيني”.
بدأت الكاتبة وصف حالتها وحياتها في باريس، وكيف عانت كثيرا، ومن أهم ما عانته هو إعدام زوجها آنذاك.
لقد كان حلم جدها أن يكون طبيبا أو أن أحدا من أسرته يكون طبيبا ولهذا اختارت الطب.
وبعد أن أكملت الدراسة بحثت عن فرصة عمل خارج فرنسا، وكان من بين البلدان التي بحثت فيها اليمن.
جهلها باليمن وجهل الكثيرين، حملها لأن تقرأ كثيرا عن هذا البلد، ولكن وجدت أن كل ما كتب عن اليمن كان مخيفا ومرعبا إلى درجة أنها قرأت أن من يريد أن يبحث عن عمل في اليمن إنما هو يبحث عن المتاعب.
“كلودي” كان لديها صديقة وحيدة هي التي حفزتها وشجعتها على اليمن من خلال وصفها للشعب والتضاريس والطيبة وهو ما حصل بالفعل.
بعدها قدمت على وظيفة وتم قبولها للعمل في صنعاء وذهبت إلى اليمن وعملت فيها طبيبة لمدة عامين وعادت إلى فرنسا.
وبعدها وجدت مسابقة مرة أخرى في إحدى الجرائد للفوز بوظيفة في اليمن وقدمت وفازت بالجائزة وسافرت إلى اليمن مرة أخرى.
تحدثت في البداية عن مدينة عدن وتضاريسها والحياة فيها وكيف تم استقبالها وسكنها في إحدى الفنادق ثم بدأت بوصف رحلتها من محافظة عدن إلى تهامة واصفة الطريق والسهول والجبال والوديان وكل ما يتعلق بهذه الرحلة.
ثم بعد ذلك تحدثت عن تاجر فرنسي اسمه (انطوني) مكث في عدن لمدة خمسين عاما، وهو من كبار التجار في عدن، وقد ربح ربحا كبيرا في هذه الفترة التي كانت الطبيبة حينها في عدن، فقد كان هناك صفقة سكر اشتراها من سومطرة وربح منها مبالغ طائلة.
بعد ذلك انتقلت الكاتبة إلى التحدث عن الإمام أحمد وأنصاره وحركة ٤٨ التي انتصر فيها الإمام أحمد على الثوار ومن ثم بدأ يلاحقهم في كل مكان.
وحينها عين الإمام أحمد رجلا تاجرا ذكيا اسمه (أحمد الجبلي) على مكتبه عدن، ثم أنشأ البنك الأهلي الهندي آنذاك.
كما تناولت بالذكر الوزير اليمني الذي كان في القاهرة وبدأت في وصفه بأنه كان وزيرا لليمن في مصر التقته في القاهرة “وكان مؤدبا”، أما الجبلي الذي كان في الجنوب فقد وصفته بأوصاف الإنسان اليمني الشهم.
حينها انتقلت لتتحدث عن عامل المصعد في الفندق وعن الطباخ الخاص بها وعن السائق أيضا وكلهم وصفتهم بصفات الاحترام والتقدير والبساطة التي كانت تميز الإنسان اليمني.
أما في الجزء الثاني فقد تحدثت فيه عن صديقها الفلسطيني “طلعت يعقوب” الذي كان قلقا من السفر من عدن إلى تعز.
وطلعت يعقوب هو صحفي فلسطيني كان يعمل مع الإمام ويقدم له تقارير يومية.
ثم تحدثت عن مديرية الشيخ عثمان التي كانت منطقة للأوروبيين العزاب الذين يقضون حياتهم في السكر واللهو والنساء اللواتي يأتين إليهم.
وبعد انطلاقها من عدن وصلت إلى لحج وكان فيها مقر الجمرك لليمن الجنوبي وبعد أن تعدوه وصلوا إلى جمرك المملكة المتوكلية، وحينها وجدت أن صفات الرجال في المملكة المتوكلية يختلفون عن اليمنيين في الجنوب فهم يلبسون الجنابي والمحازق والعمامة.
ثم وصفت ما سمته بيت الماء أيضا الذي كانت تمتاز به المملكة المتوكلية، والذي كان عبارة عن مكان يتجمعن فيه النساء للاغتسال.
بعدها انطلقت السيارة بهم بين الهضاب والجبال حتى وصلوا تعز عن طريق صالة وهناك كان الجمرك الثالث، وخلال الاستراحة سمعت الزامل الذي يقال بعد الصلاة.
وعندما وصلت تعز وجدت الدكتور(ريبوليه) الذي كان يعمل في تعز وقد ساعدها كثيرا وفهمت أشياء كثيرة منه عن اليمن واليمنيين، ثم وصفت بعد ذلك تعز وصبر وبيوتها وسكانها وعملت في مداواة المرضى، وبعدها أرادت الانتقال إلى صنعاء، ولكن الموافقة على ذلك لا يكون إلا من الإمام نفسه الذي وافق على انتقالها.
وتتطرق المؤلفة إلى شخصية أحمد ومايحيط بها من هالة من أوصاف خرافية إذ يطلق عليه الناس أحمد ياجناه، ويؤمن الناس أن له مواقف خارقة، كما تصف الطريقة التي يستقبل بها الامام الناس في قصر صالة، وكيف كان الناس يقبلون باطن قدميه.
وتتحدث المؤلفة عن المشاهد المليئة بالظلم والتسلط، ومنها ما كان يحدث في قسم الشرطة بتعز، إذ كان عمال الامام يسوقون من يشاءون ليكبلوه بالسلاسل الحديدية.
الحقد على صنعاء
سافرت إلى صنعاء وتم استقبالها استقبالا رسميا وسكنت في دار الضيافة قبل أن تسكن في منزل مستقل، وقد صادفت آنذاك محاميا ألمانيا نازيا ووصفته بأسوأ الصفات.
بدأت الكاتبة بالتحدث عن الإمام أحمد وعن ذكائه وعن الأساطير التي كانت تقال حوله وكيف استطاع أن يقنع كل من حوله بذلك.
ثم تحدثت عن زوجاته وحياته اليومية إلى أن حكت عن اتخاذ الإمام أحمد محافظة تعز عاصمة له بدلا من محافظة صنعاء، وبررت سبب ذلك هو حقد الإمام أحمد على صنعاء وعلى القبائل التي انقلبت على أبيه وأنه أراد الانتقام منهم.
عادت الكاتبة مرة أخرى للتحدث عن تعز وعن ذهابها إلى جبل صبر ووصف بيوتها وأن البنات لا يتعلمن في المدارس، ثم عن الرجال المقيدين في أرجلهم وهم أولئك الذين لا ينصاعون للإمام وحكمه.
وتناولت في ذلك عملها في المستشفى في تعز ومعالجة المرضى، ثم غادرت محافظة تعز قبل عيد النصر بيوم واحد فقط وأنها لم تستطع ركوب الطائرة وبدأت بوصف الأناشيد والاحتفال بعيد النصر.
وتحدثت عن التاجر الذي اقترح على الإمام أحمد بناء “سينما”، وقد وافق الإمام على ذلك ولكن بشروط هي: أن لا يعرض شيء ضد أسلوب الحكم أو ضد الدين، وأن لا تظهر النساء في الأفلام، وأن يدخل الناس جميعا مجانا.
واتجهت بعد ذلك من تعز نحو الحديدة بسيارة جيب واستمرت رحلتها يومين، لكنها لم تستمر كثيرا في الحديدة رغم أنها وصفتها بصفات أجمل مما تتصف به تعز، وحينما كانت في الحديدة وجدت القات وبدأت وصف القات وكيف يجعل اليمنيين يصلون إلى حالة من الهدوء وعدم التحدث بعد تناوله لساعات.
وقد مكثت في الحديدة لعدة أيام تعالج نساءها وأبناءها ثم قررت الرجوع إلى صنعاء.
في طريقها إلى صنعاء بدأت بوصف الطريق وخصوصا بين صنعاء وذمار والجبال الشاهقة المرتفعة المخيفة، حتى وصلت صنعاء التي وصفتها بأنها بلا نهر وهو ما كان يخيف الأوروبيين، فهي المدينة الوحيدة المهددة بالجفاف.
ثم وصفت أبوابها وأسوارها والجامع الكبير والمساجد والشوارع والميادين والبيوت وبيوت الأمراء وبئر العزب وبيوت اليهود وشرائها، والمولدات الكهربائية، وعربة الإمام والمستشفيات وقد تم استقبالها في دار الضيافة لتنتقل بعد ذلك إلى بيت مستقل وتحدثت عن معالجتها زوجة الأمير ومعالجة العسكر.
وقد كانت تتسلم كل يوم قائمة بأسماء المرضى الذين ستعالجهم، وكانوا من الأمراء ثم انتقلت إلى وصف اليمني حسب الوقت والقات والنساء والمطر.
وقد اشتكى بها بعض الناس إلى الإمام لكنه لم يعاقبها. وتحدثت عن العنب ومواسمه ووصف العنب اليمني المتفرد ثم انتقلت لإيراد سير وأسماء بعض من عالجتهم وهم فاطمة، ومحمد الصغير، وخيرية.
الأمير الوسيم
انتقلت الكاتبة إلى الكتابة عن الأمير الوسيم الذي كان في صنعاء وتعامله معها… قائلة رغم الأمان الذي شعرت به من قبل الأمير إلا أنه أغلق المكان عليها وحاول الاعتداء عليها وذلك بسبب تعاطيه الخمرة ولكنها استطاعت أن تنجو من الاعتداء وبعد ذلك اعتذر لها الأمير.
ثم وصفت الجواري اللائي دخلن إليها ووصفهن وصفا كاملا.
بعد كل هذه الأشياء انتقلت إلى وصف اليمن بكل مافيه فبدأت بوصف صفات اليمنيين التي عرفتها من خلال المقابلات التي أجرتها في إحدى المدارس بعد سماح المدير لها بتلك المقابلات.
ثم انتقلت إلى وصف السلاح ثم تكاليف الزراعة وكيف تتم مراسيم الأعراس وأن الفتاة لا علاقة لها بالزواج وإنما الأب هو من يقرر ذلك.
ولذلك فإن حالات الطلاق كثيرة بسبب طريقة الزواج التي لا دخل للفتاة بها، ولأن كثيرا من الأطفال يتزوجون بعمر صغير، وقالت إن سبب تعدد الزوجات هو المال.
وقارنت المرأة اليمنية بالمرأة الأوروبية وكيف تعيش اليمنية معاناة كبيرة لاتعيشها أية امرأة في العالم.
وقالت إن حرمان الفتاة من التعليم وعدم مشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية أثر فيها كثيرا، ولكنها وصفت المرأة اليمنية أنها كلما كبرت ازدادت شجاعة.
وعطفت بأن وصفت ذهابها إلى ذمار، وكانت رحلة سيئة بالنسبة لها لأنها، حظيت بجواد وعسكري تافه قبيح، وحين كانت في ذمار قامت بمعالجة امرأة مجنونة ولكنها لم تستطع التجوال لأن عامل ذمار منعها من ذلك، ولذلك كانت رحلة سيئة بالنسبة لها. بعدها استدعاها الأمير والأميرة إلى صنعاء.
وقد سمعت الكاتبة كثيرا عن مناخة وجمالها وأرادت الذهاب إليها لكنها منعت بسبب أنه لم يؤذن لها فالإذن يأتي من الأمير نفسه لأن ذهاب الأوروبيين ممنوع إلى هذه المنطقة وقد سافر أحد الأروبيين وهو (هانس) عام ١٩٣٦م مع حراسة كبيرة ومشددة وبعد مدة تمت الموافقة على ذلك ولم تأت الموافقة إلا بعد أن نجحت حيلة عامل منطقة مقحف باستدعائها لعلاجه.
خرجت من صنعاء على جواد ومعها مرافق ولكنه كان قاتلا واجتازت الأودية والهضاب حتى وصلت إلى منطقة (متنة) ومكثت فيها ووصفت آثار الجيش التركي الباقية فيها.
وبعد أن تعب الجواد أرسل عامل مقحف بغلتين لتواصل السفر لأن منطقة سوق الخميس كانت أكثر المناطق وعورة من بين المناطق مرت فيها الكاتبة …ثم وصفت تلك المناطق التي تمشي فيها.
وتناولت بالذكر رسالة صديقها الذي أمرها بعدم الإطالة في المنطقة وأمرها بالذهاب إلى مأرب وهي في طريقها إلى مناخة.
وصلت اليوم الثاني إلى مناخة واعتذرت عن مجيئها دون إذن وقد أرسلت برقيات تهنئة لصاحب الجلالة بمناسبة عيد النصر.
وقد حضرت الحفل الذي أقيم في مناخة ثم بدأت بوصف بيت الفقير وبيت اليمني الغني وذكرت اسمه وهو الحاج علي حبيش.
لكنها قالت إنها لم تر في مناخة أي شيء جديد سوى جمالها ولبس رجالها.
بعد هذه الرحلة إلى مناخة ذهبت إلى مأرب بالطائرة ولم يكن يوجد مكان للهبوط، ومع ذلك هبطوا في إحدى الأماكن بسلام ولكنها نُصِحت بألا تلبس البنطلون ،ولا بد أن تلتزم باللبس اليمني.
زارت الأماكن الأثرية في مأرب وذكرت من كتب عن مملكة سبأ ثم انتقلت إلى وصف مأرب والمعبد والآثار لكنها وضحت حقيقة أن هذه المنطقة لم تكن خاضعة لسلطة صنعاء.
ثم اختتمت كتابها بخاتمة وضحت فيها أهمية اليمن وكيف ودعت اليمنيين وهي تشعر بآلامهم وصفاتهم والأطفال في المدارس ووضع المرأة اليمنية.
ونشرت في خاتمة الكتاب قصة قالت فيها: أصل من هذا إلى القصة التًي احتفظت بها للنهاية.
كان ذلك فًي المستشفى ذات صباح، وكنت أفحص امرأة جاءت من قرية بعيدة، وقد خرجت من والادة عسيرة ببتر خطير لا يشفيه إلا سلسلة من العمليات، فهي إذن معرضة للموت فًي الشهور التالية، واتباعاً لقاعدة دقيقة سألتها عن عمرها، رغم أني كنت أعلم مقدماً أن الرد هو مجرد إشارة بأنها تجهل ذلك، ولكن حدث في ذلك اليوم شًيء غير عادي.
جلست المرأة ونظرت إلًي بخجل وحزن غضب وقالت: لا أعرف كم عمري.. إننا نعيش في القرية كما تعيش البقر.. إننا لانعرف حتى أعمارنا.
“خجل وحزن وغضب.. كل هذا كان يبدو فًي نظراتها.. وقد جعلتها السليقة العميقة تقول: نحن.. ولم تقل أنا.. وما دام في هذه الدنيا نظرة كنظرتها، والأسباب كهذه الأسباب يمكن أن يأمل الإنسان كل شًيء، إن معرفة الإنسان لسنه هي معرفة أولية.. ولكنها في الحقيقة الإشارة الأولى لحياة أكثر إنسانية.
هذا النور الداخلي ل “أعرف نفسك” أذهلني لحظة ثم كان علي أن أواصل عملي.. ولم تعد المرأة المضطجعة أمامي سوى كتلة معذبة من اللحم.
لم يكن في وسعي أن أعمل من أجلها شيئا.. لا شيء على الإطلاق، غير أن أستبقي لها يوما مكان الشرف في كتابي هذا.
خاتمة:
يعد كتاب كنت طبيبة في اليمن كتابا مهما جدا لعلماء الاجتماع ففيه استطاعت الكاتبة وصف الحياة الحقيقية التي عاشها اليمنيون في عهد الإمام والمعاناة التي عانوها واستطاعت أن تصف العادات والتقاليد التي تميز بها الشعب اليمني وذكرت عاداتهم وتقاليدهم وملابسهم وبيئتهم وتضاريسهم ولا بد من الاهتمام بهذا الكتاب ونشره في كل مكاتب الجمهورية.
مرتبط
الوسوم
كلودي فايان
كنت طبيبة في اليمن
ملخص كتاب
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news