يسيطر الغموض على الأوضاع السياسية في محافظة نينوى (400 كيلومتر شمال بغداد)، بالنظر لحالة الاستقطاب القائمة بين كتل وأحزاب مجلسها الذي أفرزته انتخابات المجالس المحلية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتعتزم الكتلة التي تحظى بأغلبية النصف زائد واحد بمجلسها (16 عضواً) استجواب المحافظ عبد القادر الدخيل على خلفية عدم التزامه بقرارها القاضي بإقالة 21 من أصل 30 مسؤولاً وقائمقام ومدير وحدة إدارية في المحافظة.
وتؤكد مصادر مطلعة أن نائب رئيس مجلس محافظة نينوى محمد الجبوري جمع تواقيع أعضاء تحالف «نينوى المستقبل» البالغ عددهم 16 عضواً لاستجواب المحافظ الذي رفض تنفيذ قرار الإقالة الذي أصدره المجلس قبل نحو أسبوعين.
وتقول المصادر إن الجلسة كان مقرراً لها الانعقاد مساء الأربعاء، «لكن جهات سياسية في بغداد اعترضت على ما قام به الجبوري، وحذرت من مغبة المضي في قرار من هذا النوع، ما اضطر أمانة سر المجلس إلى تبليغ الأعضاء بتأجيل الجلسة».
وسبق أن قامت «الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات» التابعة لرئاسة الوزراء العراقية، في 7 يوليو (تموز) الجاري، بإيقاف إجراءات جلسة مجلس محافظة نينوى التي قرر فيها المجلس تغيير رؤساء الوحدات الإدارية.
لكن مجلس المحافظة ردّ في حينها على الهيئة العليا، وتمسك بحقه في استبدال وإقالة المسؤولين المحليين بالاستناد إلى نصّ المادة 115 الدستورية المتعلقة بصلاحيات مجالس المحافظات، والذي يقول إن «كل ما لم ينصّ عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في حالة الخلاف بينهم».
لكن الحكومة الاتحادية في بغداد ما زالت مصرة على عدم السماح لتحالف «نينوى المستقبل» بالتصرف تبعاً لأغلبيته العددية وهي أغلبية «مطعون» في قوتها، ذلك أن «تحالف نينوى الموحدة» الذي يقوده نجل محافظ نينوى السابق نجم الجبوري حصل على أعلى نسبة من المقاعد في المجلس، وبرصيد 5 أعضاء... ويصل العدد إلى 13 عضواً بعد التحالف مع كتلة «الحزب الديمقراطي الكردستاني» وكتل أخرى.
لكن تحالف «نينوى المستقبل» الذي تقوده قوى «الحشد الشعبي» ممثلة برئيس الحشد فالح الفياض، ورئيس تحالف «بابليون» ريان الكلدان، سعى إلى الالتفاف على نتائج الانتخابات، وتمكن من جمع 16 مقعداً في المجلس من إجمالي 29 مقعداً، وبذلك ضمن أغلبية النصف زائداً واحداً المطلوبة لإصدار قرارات الإقالة والتعيين... ويعتقد خصومهم في المجلس أن قرارات الإقالة «لم تلتزم المعايير القانونية والدستورية، وخضعت لعوامل عديدة، من ضمنها السعي لاستبعاد معظم الشخصيات المقربة والمرتبطة بتحالف نينوى الموحد، والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني».
وتقول مصادر مقربة من الحكومة العراقية إنها «تسعى إلى تهدئة الأمور في ثالث أكبر محافظة في البلاد، وسبق أن تعرضت لاحتلال (داعش) عام 2014، ولا تريد أن تعيش المحافظة حالة استقطاب جديدة بين كتلها السياسية قد تؤدي إلى زعزعة استقرارها».
وسبق أن قال محافظ نينوى إن رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني «تواصل معي شخصياً بعد تغيير المناصب الإدارية ووجه بالتريث في الإجراءات».
وفيما يرفض الأكراد رفضاً قاطعاً قرار الإقالة لرؤساء الوحدات الإدارية، ترى كتلة مصادر تحالف «نينوى المستقبل» أن من حقها استبدالهم، «خاصة أنهم يشغلون مناصبهم منذ نحو عقدين من الزمن، ومعظمهم مقرب أو مرتبط بعجلة الحزب الديمقراطي الكردستاني».
ومع ذلك، يتفق معظم المراقبين لأوضاع محافظة نينوى على أن «قوى الإطار التنسيقي في بغداد بيدها الحل والعقد لمشكلة نينوى» علماً بأن هذه القوى لم يكن لها نفوذ يذكر قبل صعود «داعش» في معظم مدن المحافظة قبل يونيو 2014.
وكان محافظ نينوى عبد القادر الدخيل قد دعا، الاثنين الماضي، نواب ووزراء نينوى وأعضاء مجلس المحافظة «للجلوس على طاولة حوار لدرء هذه المشكلات من أجل المضي بالإعمار والخدمات». لكن دعوته لم تجد الاستجابة المطلوبة، وليس من الواضح بشكل مؤكد مآل الأمور إذا ظلت الأطراف المتنافسة متمسكة بمواقفها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news