مخطئ من يظن أن فعاليات الحوثيين الطائفية، كما هو حاصل اليوم بالعاصمة المختطفة صنعاء من خلال الاحتفال بما يسمى "يوم عاشوراء"، مقتصرة فقط على مجرد احتفالات دينية أو إحياء طقوس طائفية؛ بل إنها في الواقع تتخطى ذلك الفهم والاعتقاد لتكون أداةً صُممت بعناية لفرض واقعٍ جديدٍ على اليمنيين بالقوة، وإعادة كتابة تاريخهم بشكل محرّف، وتكريس سطوة المليشيا وأفكارها المتطرفة على المجتمع اليمني الذي عُرف بالتسامح والتعايش زمنًا طويلًا.
في الوقت الراهن، يعمل الحوثيون بشكل مكثف وغير مسبوق على محو السجل الوطني والتاريخي لليمن، من خلال محاولات إزالة أسماء شخصيات وطنية بارزة من الذاكرة الجمعية، واستبدالها بأحداث ورموز طائفية تتناسب مع مشروعهم القائم على العنصرية، والغاية النهائية خلق فجوة واسعة بين اليمني وتاريخيه الثقافي والوطني لحساب الثقافة الإيرانية الدخيلة التي تتعارض كليًا مع قيم اليمنيين وأعرافهم ومبادئهم.
وشملت هذه الممارسات تغيير أسماء مدارس وشوارع كانت تحمل رموزًا وشخصيات شاركت في ثورة 26 سبتمبر، أو شخصيات تاريخية لها صلة بأمجاد اليمن، أو شخصيات دينية جامعة لليمنيين؛ فضلًا عن التغييرات الجذرية التي طالت مناهج الكتاب المدرسي لنفس الأهداف التي تطمح إليها الجماعة، وفي مقدمتها طعن الهوية الوطنية الجامعة وإدمائها.
غالبًا، يُحلّ محل هذه الأسماء رموزٌ من سلالة المليشيا الإرهابية أو أسماء تمجد أفكارها الضالة؛ والهدف الجوهري لهذا النشاط المكثف طمس الهوية الوطنية اليمنية-وإن كان ذلك صعبًا على المليشيا الآن، إلا أنه قد لا يكون مستحيلًا مع مرور الزمن- وإحلال هويةٍ طائفيةٍ بديلة، وتكريس سطوة المليشيا على المجتمع بادعاءات الحق، مالم تجابه بصحوة وطنية
وتتسع أهداف الحوثيين، من وراء فعالياتهم، لتتجاوز الاحتفال الديني الغريب عن اليمنيين، إلى سلب المجتمع اليمني قيمه ومبادئه، عبر تفكيك النسيج الاجتماعي اليمني، ونشر أفكارها المتطرفة، والقفز على حواجز العادات والتقاليد، وإلغاء قيم التسامح والتعايش التي ميزت اليمنيين عبر التاريخ.
كما أن المليشيا التي تعكف على صبغ الواقع اليمنية بالهوية الفارسية، تحرص على إزالة أبجديات وأسس الثقافة الوطنية؛ إذ تشكل النزعة الحاقدة على الثقافة اليمنية من خلال تغيير المناهج الدراسية ومصادرة الكتب ومنع الاحتفال بالمناسبات الوطنية ومحاربة الفنون، جزءًا من مخطط الحوثيين لفرض ثقافتهم الكهنوتية الإرهابية على المجتمع.
ويستهدف الحوثيون- أيضًا- بفعالياتهم الطائفية، بشكل خاص الأطفال والشباب، لزرع أفكارهم المتطرفة في أذهانهم، وخلق جيلٍ ينشأ على الولاء للمليشيا بدلًا من وطنه، وهو تهديد وجودي لحاضر ومستقبل الأجيال يستدعي الحذر واليقظة المجتمعية للحيلولة دون تحقق هذه الأهداف المدمرة.
وتمثل ممارسات الحوثيين هذه تهديدًا خطيرًا على المجتمع اليمني (ثقافته ومستقبل أجياله)؛ فمحاولاتهم فرض واقعٍ جديدٍ بالقوة، وطمس الهوية الوطنية، كلها مخاطر تنذر بمزيدٍ من الانقسام والعنف، وتُهدد بتدمير النسيج الاجتماعي اليمني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news