الحوار البناء بدلاً من سفك الدماء.. دعوة أطلقتها السعودية للسودانيين .. فهل يفهمون الرسالة؟
أثارت أعمال العنف التي شهدها السودان خلال الأيام القليلة الماضية، والتي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، قلق كل الشعوب العربية على هذا البلد الشقيق؛ لإدراكها أن الانجرار إلى دائرة العنف سينتهي بكارثة، تُخلف تبعات أمنية وإنسانية خطيرة، تضاف إلى أعباء الأزمات التي تعانيها المنطقة، وهو ما لا يتمناه أحد إلى السودان أو المنطقة، لذلك سارعت السعودية وانطلاقًا من استشعارها لخطورة التطورات الأخيرة، وحرصها على حقن الدم السوداني، إلى دعوة الأطراف كافة إلى تغليب منطق الحكمة وصوت العقل والحوار البناء، بما يحفظ أمن السودان واستقراره، مؤكدة في بيان أصدرته اليوم (الأربعاء) ضرورة تجنيب الشعب السوداني كل مكروه، وصيانة مكتسبات السودان ومقدراته وضمان وحدته. ودعوة المملكة الفرقاء السودانيين إلى الابتعاد عن العنف، والانخراط في حوار بناء، تنسجم تمامًا مع حقائق موازين القوى داخل السودان بعد الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير، تلك الحقائق التي تشير إلى عدم استطاعة أي طرف فرض رؤية أحادية على بقية الأطراف الأخرى، فيما يتعلق بتسيير شؤون الحكم خلال المرحلة الانتقالية، وفي ضوء ذلك لا توجد أي خيارات أمام القوى السودانية سوى بلورة صيغة توافقية تحظى برضا الجميع، ولن يتسنى إنجاز هذه الصيغة إلا بالجلوس على طاولة الحوار، وتغليب المصالح العليا للسودان على أي مكاسب سياسية أو حزبية. ولا تقتصر أهمية الحوار الآن على فاعليته في خلق آلية للتقريب بين الفرقاء السودانيين فحسب، وإنما أيضًا في تجنيب السودان الانجرار إلى دائرة العنف، الذي سيحرق الأخضر واليابس ويحصد أرواح الأبرياء، ولن يخرج منه أحد منتصرًا، فقبول كل الأطراف بالحوار من شأنه أن يخفف الاحتقان الحالي، ويفتح آفاقًا جديدة للحل، بدلاً من حالة الاستعصاء التي وصلت لها الأوضاع في السودان عقب تفجر العنف صباح الاثنين الماضي. لقد تراجع المجلس العسكري الانتقالي عن الموقف الذي اتخذه أمس، بوقف المفاوضات مع القوى الممثلة للمتظاهرين، وإلغاء نتائج المفاوضات السابقة، ودعا اليوم إلى استئناف المفاوضات، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لن تفضي إلى التخفيف من حدة الأزمة الحالية مع رفض بقية الأطراف العودة إلى الحوار والتفاوض، وينبغي على هذه الأطراف مراجعة مواقفها والقبول بالحوار باعتباره الخيار الوحيد لتجاوز انسداد الأفق الحالي. والسعودية في دعوتها إلى الحوار تقدر جيدًا خطورة ما سيترتب على بدائله، انهيار مؤسسات الدولة السودانية، وسفك دماء السودانيين، وتدمير وحدتهم؛ ولذلك سارعت إلى الإعراب عن بالغ قلقها والدعوة إلى حوار بناء بدلاً من سفك الدماء فهل يفهم الفرقاء السودانيون الرسالة؟
جاري تحميل المحتوى .. الرجاء الانتظار
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news